افتتاح قسم النساء والتوليد وقسم حضانة الأطفال في مستشفى عدن التعاوني الخيري
في إنجاز طبي وإنساني جديد.. دشنت إدارة مستشفى عدن التعاوني الخيري، اليوم الأربعاء، العام الميلادي ال...
نتواصل معكم في الحلقة الثانية من تاريخ عدن"المنسي" لنقف مع القراء الكرام على تاريخ الحركة الإسلامية في عدن ومؤسسها الأول الأستاذ/عمر طرموم رحمه الله وهذه الحلقة ستقدم لكم على يد أحد طلابه الكرام وهو الأستاذ/عبد العزيز الزبيدي ليقف مع أخلاقه وفهمه العميق للإسلام كما يستعرض لنا عن تاريخ نشاط الحركة قبل الاستقلال ورفاق الأستاذ/طرموم رحمه الله.
كانت هناك عيادة ليست كالعيادات التي نعرفها إنها فريدة من نوعها صاحبها الدكتور محمد علي البار –أمين عام الحركة الإسلامية في عدن آنذاك- و هو صاحب الإعجاز في علم الأجنة، وكان مقر تلك العيادة في شارع أروى شقة دور أول أمام معسكر عشرين، و كان المريض يتلقى العلاج الجسماني وأيضًا العلاج الروحي فيعطي له الإبرة والكبسولة ويعطي له الكتيب والشريط ثم يكون له ملفًا في الأرشيف للمتابعة والعودة فمرت الأيام وتتالت الدورات والمنح الدراسية الطبية للدكتور محمد البار فكان موفقًا وفي الصدارة في العالم العربي والغربي وفاق على زملائه ونال جميع الشهادات التخصصية، ونظرًا لدراسته خارج البلد استمرت العيادة تأخذ طابعًا آخر فتم تأسيس المركز الثقافي الإسلامي أواخر الستينات وكان واجهة عمل الإخوان في عدن وكان من روادها ورجالها الإمام البيحاني و الأستاذ عمر سالم طرموم، فأصبح ملتقى للشباب تعقد فيه الندوات والمحاضرات ويستضاف فيه رجال الفكر الإسلامي منهم الشيخ محمد سالم البيحاني وتعقد حلقتان كل خميس وجمعة الأولى في التربية عصرًا والثانية من بعد المغرب وتكون في التوعية وكان يديرها الأستاذ عمر طرموم و كانت الدروس ذات طابع خاص متميز من ضمن ما يطرح كيف تمتلك معيارًا صحيحًا تزن فيها الأمور من خلاله تنظر إلى الإسلام من كل زواياه وطريقة إنزال هذه المفاهيم لتكون أهلاً لحمل تلك المعايير هو أن تتعامل مع القرآن بأنه منهاج رباني تحمله جماعة، يطبق في الدنيا، شامل لكل شؤون الحياة، وكانت دراستنا للقرآن تنطلق من هذه المحاور الأربعة.
إن هذا القرآن كلام الله نزل من السماء ليس قانون أرضيًا خطه بشر وشتان بين المنهاج الرباني والمنهاج البشري وهذا المقياس لو عاشه المسلم لسلك طريق الله حتى لو كانت السبل أمامه كثيرة لأنه حمل معيارًا مضبوطًا ثم ينتقل بنا إلى المحور الثاني (تحمله جماعة) وهذا المعنى يدفعنا لأن نحذر من التدين الفردي فالأستاذ عمر طرموم دائمًا ما يلفت انتباهنا بخطورة (التدين الفردي) ومن أجل أن يوصل لنا المعلومة والهدف والفكرة كان يعطي لكل واحد منا ورقة ويبدأ هو بتقسيمها إلى أربعة أعمدة فيضع على رأس كل عمود مفهومًا.
فالعمود الأول عنوانه (منهاج رباني) والثاني (تحمله جماعة) والثالث (يطبق في الدنيا) والعمود الأخير (شامل لكل شؤون الحياة) فإذا أخذنا سورة من القرآن مثل سورة العصر فنضع لكل عمود ما يناسبه فمثلاً عمود تحمله جماعة نضع عليه كلمة (امنوا ، وعملوا ، وتواصوا هنا واو الجماعة وكل كلمة فيها ترمز للجماعة).
وكان أستاذنا رحمه الله يبسط لنا كل صعب ويضرب لنا الأمثال ففي باب (التدين الفردي) يحكي لنا قائلاً: إذا أتينا بمبخرة فيها عدة جمرات من النار متوقدة خذ منها أكبر جمرة وأشدها توقدًا وحرارة فضعها خارج المبخرة وشاهدها بعد قليل ستراها وقد انطفأت بينما الجمرات الأخريات تزداد توقدًا وحرارة لأنها مجتمعة.
ثم ننتقل إلى العمود الثالث (يطبق في الدنيا) أي ليس للبركة وليس للقراءة على الأموات إنما أمر من الله ينفد حين سماعه وقد سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان قرآنًا يمشي على الأرض).
وكان العمود الأخير شامل لكل شؤون الحياة بمعنى أن حياتك كلها على علاقة لا تنفك جزءً منها مترابطة مع بعضها من استيقاظك من نومك حتى العودة مرة ثانية لتنام، معك «دليل إلهي» تسير عليه وليس في الجاني الشخصي من حياتك ولكنه يشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية منها والحكم وكل القوانين التي تسير دفة الحياة.
حلقة التوعية:
ويتم الاختيار على كتاب هادف عنوانه مثلاً هل نحن مسلمون لمحمد قطب، فيقوم الأستاذ عمر بتدريسه لنا فقرة فقرة، ثم يفتح باب النقاش فتبقى فكرة الكتاب تتعمق ذهنيًا يومًا بعد يوم ويمتد بنا الوقت إلى التاسعة مساءً وكأننا أسرة واحدة إنها الأخوة في الله تصنع حبًا للآخر لا يوصف فنخرج سويًا إلى مطعم شرف الذي يبعد عن المركز خطوات هناك نتناول وجبة العشاء فاصوليا مقلوبة مع روتي وشاهي حليب.. ما ألذ ذلك الطعام حينها كنت أتخيل وكأني في محضن تنشر فيه الرحمات من الله، وبعدها ننصرف ونحن في شوق متزايد إلى لقاء قريب بإذن الله
وأما الأستاذ الفاضل رحمه الله كان يتعهد مجلسنا حيث ما كنا بين الحين والحين، وعندما يكون هناك جديدًا يجب أن يطلعنا إياه وكان من ضمن الجديد هو أول مركبة فضائية أمريكية وصلت سطح القمر وأول رائد فضاء أمريكي فتابع الأستاذ عمر الحدث بدقة وجاء ليطلعنا عليه حينها كنا في مسجد الضياء بعد صلاة العشاء جلوسًا في الضاحية، وكان دائمًا قبل وصوله يمر على مقهى «طربوش» ويأتي معه بكتلي «مزغول» نوع من أنواع القهوة مع عدة أكواب صغيرة فيضعها بيننا ويجلس، وكان قمة في التواضع، كان يرتدي فوطة وشميز وعلى كتفه منشفة صغيرة وكان بالنسبة لنا الأب الروحي، تشعر عند جلوسه معنا بالحنان وعندما تسمع نبرات صوته يوحي لك حبًا صادقًا ممزوجًا بأمل لمستقبل مشرق قادم وكان متميزًا بنقل الحدث فيربطه بالقرآن وما إن أخذ مكانه في المجلس إلا ونادى يا محمد أحضر لنا قرآن وبدأ يحكي لنا رحلة المركبة، إنها أول مركبة تصل إلى سطح القمر اسمها «أبوللو إحدى عشر» شكلها شكل العنكبوث وقرأ (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين).
إنها تتكلم عن العلم ويلفت أنظارنا إليه ثم يأتي إعجاز القرآن ثانيًا، فسأل كم عدد آيات سورة العنكبوت فيكون الجواب 69 آية، ويسأل سؤال آخر ونحن في أي عام فيأتي الجواب في عام 69 ميلادي ولم تأتي هذه الموافقات من فراغ ولم يكن القرآن ليسيبها وليست هناك صغيرة أو كبيرة إلا وذكرها وأحصاها، ولم يذكر استأذنا هذه الأرقام إلا ليرتفع رصيد الإيمان فينا وإلا فالقرآن هو منهج حياة لا يقف عند هذا، إنما يسير نحو الأفق الأعلى والشمول الواسع.
ثم يسترسل إن ربنا خلق هذا الإنسان بأمرين متضادين مثلاً موت وحياة ضحك وبكاء أما موضوعنا هو عن الخوف وعدم الخوف فرواد المركبة قطعوا آلاف الآلاف من الأميال ولم ينتابهم الخوف حتى وصلوا سطح القمر فيرفعها سريعًا وبقوة هنا يأتي موضوع الخوف .. وأول كلمة تنزل من سطح القمر إلى الأرض يدلي بها الرائد هاتفًا .. يا إلهي ما أعظمك إنني أرى على يميني وعلى يساري فوهات تنبعث منها ألوان ماذا أقول إنها صفراء وحمراء وذهبي وزرقاء ورمادي وهنا أرى ألوان خلابة ولا أعرف اسمها حتى أخبركم إياها إذًا ما عساني أن أقول عن أستاذنا عمر رحمه الله.