​​​​​​

هادي: الحوار وضع معالجات حقيقية لقضية الجنوب

خليج عدن/ خاص

القى الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليوم كلمة هامة لأبناء الشعب اليمني في الداخل والخارج تطرق فيها الى مستجدات الاوضاع وعدد من القضايا الوطنية الهامة .. فيما يلي نص الكلمة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

الاخوة والاخوات :

ايها الشعب اليمني العظيم :

في اول حديث لي اليكم من مدينتم عدن، مدينة كل اليمنيين بعد خروجي من صنعاء فاني اتوجه بالشكر والتقدير والاحترام الى كل ابناء الشعب اليمني العظيم المكافح والصابر في كل شبر من يمننا الحبيب، يمن المحبة والاخاء، وعلى صبركم وتجلدكم وموقفكم الشجاع الرافض للمؤامرة الانقلابية على الشرعية الدستورية، الذي عبرتم عنه من خلال الزيارات والمسيرات والاحتجاجات السلمية التي عمت شوارع العاصمة صنعاء ومحافظات ذمار، اب ، مأرب ، الجوف ، تعز ، البيضاء ، الحديدة وغيرها من مناطق الوطن الحبيب والوقوف الى جانب الشرعية الدستورية والوحدة والامن والاستقرار، تحية لكل ابناء الشعب اليمني اينما كانوا في الخارج او في الداخل، في الوديان والجبال والسهول، نساءً ورجالاً، شباباً وشابات، على تلك المواقف الوطنية الشجاعة، فرغم كل معاناتكم الا انكم كنتم صامدين صادقين يحذوكم الامل في غدا افضل بعيدا عن الدمار ورفضا للانقلاب وميليشياته .

 

يا ابناء شعبنا اليمني العظيم :

لقد غادرت صنعاء الحبيبة عاصمة الجمهورية اليمنية ورمز شموخها مكرها بعد ان سيطرت المليشيات الحوثية المسلحة عليها، هاجمت وحاصرت منزلي واستهدفته فكان حصارا لكل اليمنيين، معلنة بذلك انقلاباً عسكرياً مكتمل الاركان، بعد التنصل عن كافة التفاهمات السياسية مع مختلف الاطراف ولقد كان رفضكم لذلك الحصار والانقلاب ووقوفكم صفا واحد رافضا للحرب الاهلية والاقتتال الداخلي محفزا لي للاستمرار في القيام بمهامي وقيادة السفينة لإنجاز ما تبقى من المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وصولاً الى اقرار الدستور واجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مدة زمنية محددة، حتى يتمكن شعبنا اليمني العظيم من تجاوز الامه وجراحه سعياً الى بناء الدولة اليمنية الاتحادية الحديثة، دولة النظام والقانون والعدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد، دولة الشراكة الوطنية التي لا تستثني احداً بعيداً عن الاقصاء والاستئثار والهيمنة واستخدام القوة لتحقيق اهداف سياسية على حساب مقدرات الشعب ومصالحه العليا وهي مهمة تاريخية ومفصلية ينبغي ان نعمل جميعاً على تحقيقها .

 

يا ابناء شعبنا اليمني العظيم :

ان انتقالنا الى عدن ليس كما يروج له الانقلابين وحلفاؤهم بان ذلك سيكون ايذانا بالانفصال، وهو ما سبق وان روجوا له حتى قبل الاستقالة وقبل الخروج الى عدن، بل ان انتقالنا الى عدن باعتبارها العاصمة الاقتصادية والتجارية للبلاد وجعلها عاصمة مؤقتة انما هو للدفاع عن حق المؤسسات والهيئات الشرعية التي اوكلت اليها مسئولية استكمال مهام المرحلة الانتقالية وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وخلق ظروف مستقرة وامنة تمكن تلك المؤسسات الشرعية من ممارسة مهامها في تسيير امور الدولة والمجتمع بصورة طبيعية خدمة لأبناء شعبنا في كل المحافظات .

 

يا ايها الشعب الكريم :

انني اشعر بحجم المعاناة والقلق لدى الجميع واشعر بمقدار صبركم وتحملكم ورغبتكم في الاستقرار والنماء والبناء ومغادرة دوامات الصراع والعنف، وادراك كذلك انه من واجبي كرئيس للجمهورية ان اعمل على تحقيق تطلعاتكم المشروعة في مستقبل مشرق ومستقر تسوده المحبة والتعاون وينعم ابناءه بخيراته، ومن هنا فواجبي ان اعمل على لم الشمل ودعوة كافة القوى والمكونات السياسية بما في ذلك منفذي الانقلاب على الشرعية الدستورية الى الاتفاق على ما يحقق تطلعات ابناء شعبنا ويجنبه ويلات الاقتتال والحروب امتثالا لقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).

انني ادعو كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والشابات الى العمل على الالتزام بما اتفق عليه اليمنيون جميعا من اتفاقات وهي المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل والعمل بصدق على الالتزام بتلك المرجعيات التي وافقت عليها كافة المكونات السياسية ووضع برنامج زمني محدد وواضح لتنفيذها تحقيقاً لرغبات شعبنا اليمني في الديمقراطية والوحدة والامن والاستقرار والرخاء الاقتصادي لان استمرار هذا الوضع سوف يؤدي الى كارثة اقتصادية ستفقد المواطنين قدرتهم على العيش والبقاء، ومسئولية الجميع تقتضي النهوض بهذه المهمة امام الله وامام شعبنا وامتنا .

 

يا ابناء شعبنا في الجنوب :

هنا لابد ان اشير الى القضية الجنوبية التي اخذت حيزا كبيرا في مؤتمر الحوار الوطني وكانت مفتاح حل كل القضايا اليمنية وكانت حاضرة بقوة بكل تفاصيلها وابعادها في مؤتمر الحوار الوطني، بدعم ومساندة وتفاعل كل القوى السياسية في الشمال قبل الجنوب، حيث شارك فيه ممثلي الجنوب بفاعلية كبيرة ونقلوا كل تفاصيل القضية وابعادها وكان ابرز ما جاء في مخرجات الحوار هو وضع معالجات حقيقية لكافة مضامينها وكذلك اعادة صياغة اسس الوحدة وبناء الدولة  على اسس الدولة الاتحادية والتي تعتبر خطوة هامة في كسر مركزية الدولة وخطوة متقدمة على طريق تحقيق الشراكة لكل محافظات اليمن .

 

يا ابناء شعبنا المرابط والصابر :

ان استمراري في اداء مهامي كرئيس للبلاد ليس تشبثاً بالسلطة كما يدعي البعض ولكن ذلك يأتي في اطار مسئولياتي الدستورية في الحفاظ على وحدة وامن واستقرار بلادي والعمل على نزع الفرقة ونبذ العنف والوقوف ضد الدعوات الطائفية والجهوية والمذهبية والعمل على الحفاظ على الوضع الاقتصادي من الانهيار بسبب الممارسات اللا مسئولة التي قامت وتقوم بها مليشيات الحوثي المسلحة .

 

وعليه فإنني اؤكد على ما يلي :

§       انسحاب كافة العناصر المسلحة واللجان المفروضة من قبل المليشيات المسلحة في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية .

§       سحب كافة العناصر المسلحة من العاصمة صنعاء والمدن اليمنية الاخرى .

§       اعادة كافة الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة المنهوبة والمستولى عليها من معسكرات ووحدات القوات المسلحة والامن الى المؤسسة العسكرية .

§       العمل على تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي كافة والعودة عن كافة الاجراءات التي تمت منذ الواحد والعشرين من سبتمبر .

البدء الفوري بتنفيذ المرجعيات الخاصة بخارطة طريق العملية السياسية المتمثلة بما تبقى من  استحقاقات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني التي اتفق عليها كافة المكونات اثناء الحوار الوطني وايدتها الدول العشر الراعية للمبادرة والامم المتحدة ووضع تزمين واضح لها .

ان تنفيذ كلما ذكر اعلاه يخلق بيئة مناسبة لعودة الامور الى مجاريها واستئناف العملية السياسية التي انحرفت عن مسارها، كما يمهد الطريق لعودة الحكومة الى تنفيذ اعمالها حتى لا تنهار مؤسسات الدولة وينهار اقتصادها .

 

يا ابناء شعبنا اليمني الكريم :

انني ادين وبأشد العبارات التفجيرات الارهابية الشنيعة التي استهدفت مسجدي بدر والحشوش في صنعاء يوم امس الجمعة والتي راح ضحيتها العشرات من ابناء شعبنا، وبهذا المصاب الجلل اتقدم ببالغ الاسى وصادق العزاء والمواساة لأسر الضحايا وامنياتنا للمصابين بالشفاء العاجل .

ان مرتكبي هذه الاعمال الارهابية الاثمة ومن يقف ورائهم قد تجردوا من كل القيم الاخلاقية والانسانية ولا تربطهم بديننا الاسلامي الحنيف وتعاليمه ومبادئه السمحاء وكل الاديان السماوية اي صلة، ان تلك الاعمال الوحشية الارهابية مدانة من كافة ابناء الشعب وسنبقى في عمل متواصل لمكافحة الارهاب بكافة صوره واشكاله .

ولا شك انكم تابعتم ما حدث في عدن يوم الخميس الماضي والذي يعد استمرارا لعملية الانقلاب العسكري التي بدات في صنعاء وقادها في عدن المتمرد عبد الحافظ السقاف ومن ورائه من مليشيات الحوثي المسلحة والتي هدفت للانقلاب على الشرعية واستهدفت مطار عدن الدولي ومبنى المحافظة واماكن اخرى واحدثت حالة من القلق لدى ابناء عدن وهو الامر الذي استدعاء قيام وحدات القوات المسلحة ومساندة اللجان الشعبية لها بواجبها في التصدي لتلك المؤامرة واحباطها وعودة الامن والاستقرار الى مدينة عدن ومطارها وكافة مؤسساتها.

اما قيام الطائرات بغارات جوية على منطقة المعاشيق فهذا عدوان همجي ارعن لميليشيات مسلحة انقلابية سيقف الشعب اليمني بكل قواه ومكوناته سداً منيعاً امامه، ولن تثنينا تلك الممارسات المجنونة واللا مسئولة عن تحملنا للمسئولية حتى نوصل البلاد الى بر الامان ويرتفع علم الجمهورية اليمنية على جبال مران في صعدة بدلا عن العلم الايراني، لأنني اومن ان التجربة الايرانية الاثناء عشرية التي تم الاتفاق عليها بين الحوثيين ومن يساندها لن يقبلها شعب اليمن زيدي وشافعي .

الشعب اليمني يؤمن بالأمن والاستقرار والوحدة والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، وكفى مغالطة الشعب اليمني يا عبدالملك الحوثي، انت والذين يخططون لك وهم يعرفون منهم .

 

يا ابناء شعبنا اليمني الصابر :

انني ادعوكم جميعا الى استلهام الحكمة اليمانية في هذه المرحلة العصيبة، وان تكونوا يداً واحدة في مواجهة العابثين بأمن واستقرار ووحدة بلادنا، وندعوكم الى الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها والحفاظ على وحدتكم الوطنية بعيدا عن الدعوات الطائفية والمناطقية والمذهبية .

كما ادعو المكونات السياسية الى استشعار خطورة المرحلة والابتعاد عن الحسابات والنظرات الحزبية القاصرة والمشاركة بفعالية في الحوار الذي دعينا له في مقر امانة مجلس التعاون الخليجي بالرياض، للخروج بحلول تجنب اليمن الانزلاق لا سمح الله الى التشظي والانقسام والعنف، والعمل على تصحيح مسار العملية السياسية وعودتها الى الطريق الصحيح وسأكون كما كنت دائما خلال مؤتمر الحوار الوطني مسئولا عن الجميع رغم كل الظروف والمعاناة، ولكن ذلك قدري ومسئوليتي نحو الشعب اليمني العظيم الذي سأمنحه كل ما استطيع من تضحية، فقد منحني الثقة، وانا امنحه حياتي وقدري .

وبهذه المناسبة اوجه تحية صادقة الى كافة منتسبي القوات المسلحة والامن البواسل ، درع اليمن الحصين ، عضدة المتين، وادعوهم الى التمسك بالشرعية الدستورية وبالواجب العسكري والتلاحم والتفاني والانضباط والجاهزية، فانتم جيش الوطن الامين وصمام امان وحدته الوطنية، وان مسئوليتكم اليوم تتجلى في الحفاظ على الامن والاستقرار وحماية مؤسسات الدولة في كل ربوع الوطن، وتنفيذ تعليمات قيادتكم الشرعية، كما ادعوكم الى التمسك بالثوابت الوطنية المتمثلة بالجمهورية والوحدة والديمقراطية والالتفاف حول المبادئ بعيدا عن الصراعات السياسية والحزبية والولاءات الشخصية، فالقوات المسلحة والامن حزب الوطن الكبير ولن نسمح مطلقا بتجيير المؤسسة الامنية والعسكرية لتلبية نزوات شخصية او جهوية او طائفية، واعدكم بالعمل ما استطعت على اصلاح مواطن الخلل في كافة المؤسسات وفي مقدمة ذلك مؤسستي الجيش والامن لبناء مؤسسة وطنية .

واخيرا لا يفوتني في هذا المقام الا ان اتقدم بالشكر والتقدير لدول مجلس التعاون الخليجي كافة وفي المقدمة المملكة العربية السعودية بقيادة اخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الدعم والمساندة للشعب اليمني سياسياً واقتصادياً وامنياً في مختلف المراحل وكافة الظروف، كما اتوجه بالشكر والتقدير الى كافة الدول الرعاية للمبادرة الخليجية والمجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته على دعمهم السياسي والاقتصادي لبلادنا ، كما هو الشكر موصول الى كافة الدول العربية الشقيقة على راسها جمهورية مصر العربية رئيساً وشعباً التي تقف الى جانب الشعب اليمني في محنته، ولن ينسى ابناء الشعب كل من وقف معه وسانده، ونرغب من الجميع مواصلة دعمهم وعدم التخلي عن اليمن في هذه الظروف العصيبة واتطلع الى اليوم القريب بأذن الله للعودة الى العاصمة صنعاء العزيزة الى نفسي لممارسة مهامي بعد ان تزول كافة الاسباب التي ادت الى تركها .. سائلاً المولى ان يوفق الجميع الى ما فيه خير شعبنا ووطننا ..

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته