​​​​​​

الإمـامـــة واليـمـــن .. "النـــاس صنائـعٌ لنــا"

مجلة العميد/ ياسر المعبري
 

تبدأ رحلة الحرية في اليمن عندما يدرك اليمنيون أن للإمامة قديمًا وحديثًا معتقدًا وفكرًا يعتبر الناس عبيدًا لهم، بل ويعتبر من يخالفهم في ولايتهم صيدٌ نافر وفردٌ كافر حلال الدم وواجبٌ قتله وسبي ذريته وأخذ ماله والتنكيل به، هذا الكلام ليس من باب الجناية على الهادويين والإماميين الذين تلبسوا بالزيدية ليغطوا بها سَوأة فكرهم ومعتقدهم، بل هو ما أكدته أعمالهم وكتبهم في مواقع ومواضع ومواضيع كثيرة، والمتأمل في كتبهم ومواقعهم يجد أنهم قد أوردوا كثيرًا من الشواهد التي تؤكد هذا الكلام؛ ففي كتاب الشافي يروي الطاغية عبدالله بن حمزة أحد أئمة الهادوية قولًا منسوبًا لعلي يقول فيه: "إنَّا صنائع ربنا والناس صنائع لنا"، وفي حين تعددت تآويل الشيعة في عدد من مواقعهم لهذا القول إلا أنها تجلت بوضوح نظرة الإماميين إلى اليمنيين في اختيار تفسير بن حمزة لهذا القول فأورد تفسيرًا مفاده بأنهم عبيد لله وأن الناس عبيد لهم، وفي القسم الأول من مجموع رسائل الطاغية ذاته يروي في مسألة الراعي وهل هو مسؤول عن رعيته فيقول: "أن الراعي مسؤول عن رعيته وهي رعاة وهي مسؤولة عن إجابته فإذا كانت نافرة فهي صيد وليست برعية وحل له قتلها ورميها وإرسال الكلاب عليها وضرب الحبائل لها والاجتهاد في هلاكها بكل وجه"، انتهى كلامه وابتدأ الوعي ووجبت الاستبانة لسبل الإجرام التي سلكتها الإمامة قديمًا واتبعها المتوردون والمتمردون الحوثيون حديثًا، ذلك أن ما يسلكونه من مسالك الإجرام بحق اليمنيين الذين يخالفونهم في التمسك بحبائل شياطينهم ومبدأ ولاية البطنين وأفضلية النطفة وفوقيتهم على الناس يؤكد ويؤيد ما تم ذكره، وفي ذلك يورد الزبيري أبياتًا يخاطب الشعب فيها فيقول:
يا شعبنا نصف قرنٍ في عبادتهم
لم يقبلوا منك قربانًا تؤديهِ
رضيتَهم أنت أربابًا وعشت لهم
تُنيلهم كل تقديسٍ وتأليهِ
لم ترتفع من حضيض الرق مرتبةً
ولم تذق راحةً مما تُقاسيهِ
قضيتَ عمرك ملدوغًا، وها أنذا
أرى بحضنك ثعبانًا تُربيهِ
تتضح حقائق الكهنوت وفصول التجويع العنصري كثيرًا وكثيرًا من خلال ممارساتهم بحق أبناء الشعب اليمني من تهامة وكل ربوع الوطن وحتى قلعة الجمهورية وعاصمة اليمن الصنعاء من تهجير وتفجير وتعذيب وتغييب واختطاف وتجويع وترويع ومختلف أنواع الانتهاكات.
لقد انبرى لها الأبطال في سبيل التحرر الفكري والمواجهة العسكرية كضرورة للحسم بعد أن نفدت خيارات السلم مع هذه الجماعة الكهنوتية التي جسدت في مناطق سيطرتها وأمام العالم كله أنها ليست سوى ذيل للمجوس وعميل للفرس وشيعة شوارع وذراع إيراني يريد أن يطمس الهوية ويحرف الدين ويفخخ الأجيال في سبيل تدمير حاضر ومستقبل الوطن لعقود قادمة.
وما المواجهة خلال ثمان سنوات مضت إلا استمرارًا لمراحل الكفاح الذي خاضه اليمنيون ضد هذا الفكر الإرهابي والإجرامي كلما تكشفت لهم عورات الإمامة وحقائق الكهنوت خلال عهوده المختلفة، حيث خلد الكفاح أسماء أبطال وأقيال ورجال صماصيم واجهوا الدجل والتضليل والتجريف والتحريف من وقت مبكر عقيدةً وفكرًا وأدبًا وشعرًا ومواجهة عسكرية فكان منهم الشوكاني والحميري والزبيري والقردعي والسلال والبردوني ونجوم يمانية كثيرة لمعت في تاريخ الكفاح الديني والوطني والفكري والسياسي والعسكري وغيرها.
لقد اختصر الإماميون الجدد كل ممارسات أجدادهم الإجرامية بحق اليمنيين وجروا اليمن والمنطقة إلى العنف والفوضى وخاضوا ضد اليمنيين مختلف الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب وغيرها من الفضائع التي لا يمكن حصرها منذ بدء انقلابها على الدولة الأمر الذي أكدته وفضحته تقارير خبراء الأمم المتحدة لأكثر من مرة، وفي ظل غموض الموقف الدولي فقد كان لزاما مواجهة ذلك والتصدي له.
وبناء على طلب من الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا جاء الموقف الأخوي من تحالف إعادة الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة التي سكبت دماء أبناءها على تراب اليمن في سبيل تحريره واستعادة دولته وقدمت في سبيل ذلك مختلف أوجه الدعم ولا تزال.
ثمان سنوات جسدت في كل مكان وميدان عِبرة وفي كل بيتٍ عَبرة حين تعدد ضحايا الصلف الحوثي الذي استمر في العنف واستمرأه كوسيلة وحيدة للبقاء، وخلالها واجهه الأبطال والأحرار في ميادين الحرية والعزة والكرامة والإباء ولا يزالون كذلك، أياديهم على الزناد في كل موضع وموقع وجهة وجبهة تمضي معاهم خطوة بخطوة القيادة الوطنية للبلاد بدعم وإسناد من تحالف إعادة الشرعية مؤكدة ضرورة وحتمية أن تحيا الجمهورية وتستعاد صنعاء سلمًا أو حربًا.
لقد جاء اليمن على رأس الأولويات وفي قلب الاهتمام إذا ما ذكرت الدبلوماسية السعودية أو تأثيرها ومكانتها في معادلة السياسة الدولية تحمل معها هذا الملف وتقدم له الدعم في كل المحافل والمواقف والمبادرات بما من شأنه تحقيق السلام واستعادة الدولة اليمنية، ومن الباب الانساني تجلى حجم المملكة ودورها في اليمن على مختلف المستويات وسبل الدعم ومواقف الإخاء، ومن تلك الجهود المبذولة بالتنسيق مع الحكومة الشرعية عملية تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين التي اختتمت يوم الأحد الموافق 16 أبريل مرحلتها الثالثة بموجب تفاهمات برن السويسرية في العشرين من مارس الماضي التي قضت بتبادل 887 محتجزًا، وإذا ما اعتبرنا هذه خطوة مهمة نحو السلام نعود وننظر في ملامح المحررين مدى الإجرام الحوثي فتتأوه النفوس متسائلة أي سلام سيطوي ملفات هذا الإجرام؟!.
سيجد القارئ كثيرٌ من التوضيح في إطار مواضيع العدد الثالث من مجلة العميد حول كثير من الإشارات التي تضمنتها هذه الافتتاحية ونكرر دعوتنا للجميع قيادة وحكومة وأقلام وطنية وعقول واعية بضرورة وضع استراتيجية وطنية لتلافي ما يتم تلافيه في سبيل معركة الوعي وعمل اللازم لحماية حاضر ومستقبل الوطن من العنف والإرهاب الذي يتم غرسه في عقول الجيل، ونهيب بكافة الأقلام الوطنية إلى أن صفحات المجلة مفتوحة للمشاركة بما من شأنه تحقيق الانتصار كنهاية لرحلة الحرية ومراحل الكفاح واستعادة الجمهورية اليمنية سِلمًا أو حربًا.

مجلة العميد العدد 03
مايو 2023
رابط النسخة الالكترونية للمجلة عبر هذا الرابط

https://drive.google.com/file/d/1l2cw7twC4W6pn-HmYx8k684unWkU95Pn/view?usp=sharing