​​​​​​

يحيى الجماعي: المسند جزء أساسي من هويتنا والهاشمية أضرت بنا كيمنيين

يحيى الجماعي، رئيس مؤسسة معد كرب الثقافية، وأحد أبرز النشطاء لحراك الأقيال الذي أثار جدلا خلال السنوات الماضية، ورغم تأكيده على أن هذا الحراك ليس تنظيما له قيادة تمثله، إلا أنه كان علينا أن نحاور الجماعي عن هذا الحراك وموقفه من مختلف القضايا المعتملة في الساحة اليمنية، وكذا عن أهداف وأنشطة المؤسسة التي يرأسها.. إلى الحوار: 

حوار / عبدالسلام هائل 
تصوير/ زكي اليوسفي 

معد كرب
* في البداية نود أن تطلعونا على أهداف مؤسسة معد كرب الثقافية؟ 
- تسعى مؤسسة معد كرب الثقافية لتحقيق العديد من الأهداف أهمها إحياء التراث وإحياء الهوية اليمنية. 
والهوية اليمنية لها عدة أوجه سواء من حيث البعد الاجتماعي أو البعد الثقافي، وأيضا نحاول أن نوضح الأفكار الدخيلة على هذه الهوية.
 ومن أهدافنا أيضا بناء الشخصية اليمنية القوية المعتزة بنفسها وبحضارتها وبإرثها الثقافي والتاريخي والحضاري، وإيضاح حقيقة الكهنوت الهاشمي البغيض الذي تعاني منه الأمة اليمنية منذ قدوم المجرم يحيى بن الحسين الرسي إلى اليمن وادعاء الحق الإلهي له ولسلالته.

* لماذا اخترتم رأس الوعل شعارا للمؤسسة؟ 
- الوعل هو الحيوان الوطني الأول الذي اختاره اليمنيون كرمز للقوة سواء في عهد مملكة سبأ أو قتبان أو أوسان أو مملكة حمير، وهو رفيق الإنسان اليمني القديم، الذي أخذ منه العزة والعلو والشموخ، فهو يعيش في قمم وشواهق الجبال 
ولهذا اتخذناه شعارا للمؤسسة، بالإضافة إلى شكل الكراسة التي توحي بالثقافة والعلم.

* هناك من يقول إن اهتمامكم بهذا الجانب يأتي في إطار إحياء الموروثات الوثنية؟
- غير صحيح، فنحن لسنا حركة دينية حتى نصنف على أساس الإيمان والكفر، أو التوحيد والوثنية، لكننا مع ذلك نتفهم أن يتهمنا البعض بهذا الاتهام لالتباس لديهم، إما بحسن نية أو بقصد، حول رمز الوعل الذي اخترناه، وتكفي هنا الإشارة إلى أن هناك العديد من الأحزاب والتيارات رموزها حيوانات وأشياء بعضها كان معبودا، مثلا: المؤتمر الشعبي العام رمزه الخيل، والإصلاح رمزه الشمس وكانت الشمس معبودة عند قوم الملكة بلقيس كما ذكر القرآن الكريم، وكل المؤسسات والأحزاب والتيارات السياسية لديها رموز وشعارات. ونحن أتينا برمز الوعل من داخل الوطن وليس من خارجه، وجئنا به رمزا من بيئتنا وحضارتنا.
 
* وبالنسبة لتسمية المؤسسة بمعد كرب؟ 
- أقررنا أن يكون للمؤسسة هذا الاسم تيمنا بمعد كرب الذي وجد اسمه منقوشا على أول رمح قبل آلاف السنين بخط المسند. 
كما يوجد تمثال لمعد كرب في المتحف بصنعاء فاخترناه ليكون اسما للمؤسسة وليكون اسما نابعا من تاريخنا وهويتنا وبلدنا وإرثنا الحضاري.

*كيف تواجهون إشكالية الدعم والتمويل لأنشطة المؤسسة؟
-لا يوجد تمويل للمؤسسة غير التمويل الذاتي الذي يقدمه لنا بعض الأقيال والإكليلات، ونشتغل بتكلفة منخفضة جدا ونعتمد بدرجة أساسية على السوشال ميديا، وحتى إن قمنا بأنشطة في الميدان فبالشراكة أو ننفذ الأنشطة من قبل الفريق الذي يعمل معنا وأغلبهم متطوعون، وحتى المبالغ التي تأتينا من الأقيال هي مبالغ بسيطة ومحسوبة بدقة لتمويل أنشطة المؤسسة. 
 
 * ما طبيعة أنشطتكم؟
- أنشطتنا تتركز في المجالات الثقافية والفكرية والتوعوية، ولدينا بعض الإصدارات الصوتية من إنتاج المؤسسة، وأيضا لدينا بعض الإصدارات مثل كتاب "الكهانة" ومجلة "أنا يمني"، وهناك ما هو في طريقه للطبع، وأصدرنا كتاب تعليم خط المسند، بالإضافة إلى كتيبات توعوية تم توزيعها في المراكز الصيفية بمختلف المحافظات. 
وأيضا نقوم وعبر منصات المؤسسة والمنتدى بنشر القصائد الشعرية القديمة ومنها قصائد محمد بن حسن الهمداني، وكذلك قصائد شعرية حديثة للشعراء المعاصرين، كما نتبنى بعض الروايات التي سيتم نشرها قريبا ومنها روايات مقاومة للأفكار الدخيلة، بالإضافة إلى نشر كتابات للأدباء والمفكرين والمثقفين...إلخ.

* هل لكم فعاليات توعوية للحفاظ على الموروث التاريخي؟
- نعم لدينا اهتمام بهذا الجانب فنحن نشارك بإحياء يوم الآثار، كما قمنا ببعض الأنشطة والحملات التوعوية الميدانية والإلكترونية، دعونا فيها الحكومة والهيئة العامة للآثار للحفاظ على الآثار، وأعمالنا التوعوية مستمرة في صفحتنا وكافة أنشطتنا. 
وحضرنا فعاليات تمت فيها استعادة بعض الآثار التي تم تهريبها، لكن إمكاناتنا محدودة في هذا الجانب.
ولدينا اهتمام في مؤسسة معد كرب ومنتدى معد كرب ونسعى لإنشاء أو فتح منظمة أو مؤسسة تتولى مسألة المساهمة في الحفاظ على الآثار.

*هل لكم جهود لاسترداد الآثار المهربة؟ 
-نحن لا توجد لدينا إمكانات ولا حتى الحكومة في الوقت الحالي لاسترداد الآثار المهربة ولكن بإمكاننا أن نرفع مستوى الوعي وكيفية الحفاظ عليها.
وقد حاولنا التواصل مع الحكومة، ومازالت جهودنا مستمرة لتبني بعض المبادرات للنزول وحصر وتصوير بعض الآثار الموجودة في مأرب، إذ توجد لدينا معلومات بأن بعض الآثار التي تم تصويرها قبل خمس سنوات قد تعرض بعضها للتدمير وتفرقت أحجار المباني هنا وهناك. 
ولكن هذه المبادرات لن تكون مجدية في الحفاظ على مخزون بلد حضاري عريق، فالمسؤولية على الدولة والحكومة، فأين دور وزارة الثقافة، وأين دور الهيئة العامة للآثار، نحن مؤسسة وإمكاناتنا محدودة جدا، ودورنا في الأساس فكري وتوعوي.
وللأسف آثارنا نراها تباع في المعارض الدولية، وهذا دليل غياب الوعي عند الناس.
 نحن نريد أن نستعيد هذه الآثار، ونريد أن يعي الجميع أهمية هذه الآثار خصوصا ولدينا معلومات أكيدة أن الحوثيين يقومون بتهريب الآثار وبيعها للخارج لأنهم يريدون طمس هويتنا اليمنية، فالآثار بالنسبة للحوثي لا تعني شيئا لأنه دخيل على البلد، ولأن إحياء ثقافتنا، تعني إنهاء الثقافة الحوثية السلالية الإمامية. 

المسند
*ماذا يعني لكم صدور قرار وزير الإعلام بإعلان يوم ٢١ فبراير يوما للخط المسند؟ 
-نحن سعداء بهذا القرار ونشكر الوزير معمر الإرياني ونشكر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور/ رشاد محمد العليمي وأعضاء المجلس دون استثناء على هذا القرار الذي أتى نتيجة لجهود الأقيال والإكليلات على مدى سنوات وأتى نتيجة للحملات التي أطلقناها في المحافظات والفعاليات التي نظمناها.
 فنحن احتفلنا مؤخرا في عدن واحتفلنا في سقطرى، واحتفلنا في تعز وفي مأرب ووزعنا كراسات تعليم الخط المسند، ل44 مدرسة العام الماضي وهذا العام. 
ونتيجة لهذا الزخم الشعبي والتفاعل الواسع، جاء هذا القرار ونتمنى مزيدا من القرارات التي تعيد لنا هويتنا وذاتنا.

* ألا يعني الاهتمام بالمسند تهميشا للغة العربية التي كرمها الله بنزول القرآن؟ 
- غير صحيح حيث أن المسند هو أصل العربية، ووجد قبل أن توجد حروفها، وواقع الحال أن اللغة العربية تطور طبيعي ومنطقي للغتنا الأم التي أخرجت بالمسند.
ونحن في مؤسسة معد كرب لدينا أغانٍ وأهازيج ذكرنا فيها بالنص أن المسند أصل العربية.  
ولهجة المسند مازالت موجودة في محافظتي المهرة وسقطرى وبشكل جلي. ولهذا اهتممنا بسقطرى والمهرة من أجل أن نذكّر أننا لم نأت بالمسند لمحو اللغة العربية، فنحن نفتخر ونعتز بالعربية، لغة القرآن الكريم، ونحن مسلمون موحدون عرب، ولكن لكل شيء جذور، وجذورنا هي سبأ وحمير.
المصريون يعتزون بلغتهم الهيروغليفية، والعراقيون بالمسمارية. 
ونحن نسعى لإعادة خط المسند إلى الواجهة، والصدارة حتى يستطيع أبناؤنا أن يكتبوا ويقرؤوا بخط المسند، وليس بديلا للعربية.

* هل لديكم تعاون مع القيل سلطان المقطري الذي قام برقمنة حروف المسند لإدخالها ضمن برامج شركات إنتاج الهاتف والحاسوب؟
-نعم، حيث قمنا بطباعة كراسة تعليم المسند وهي من إعداد وتأليف الأستاذ القيل سلطان المقطري، وهو يبذل جهودا للتواصل مع شركات الحاسوب لإدخال حروف المسند ضمن برامجها حتى يكون بمقدور الشخص أن يبحث عن الكلمة أو معناها بالخط المسند عبر الهاتف أو أي جهاز حاسوب. وهذه جهود يشكر عليها، وقد تم تكريمه من قبل المؤسسة نظير جهوده في رقمنة حروف المسند. ونتمنى من الحكومة والوزارة ان تتبنى مثل هكذا مبادرات.

الأقيال والهاشمية
* ما علاقتكم بحراك القومية اليمنية "أقيال"؟
- نحن مؤسسة مستقلة نستلهم أهدافنا ورؤانا من إرثنا التاريخي الحضاري والتاريخي والنضالي المتراكم لآلاف السنين، ومن حراك القومية اليمنية "أقيال" الذي يعتبر امتداد لهذا التراكم، ولسنا قيادة له أو ممثلين عنه حيث والحراك القومي حراك غير مؤطر بقيادة ولا يوجد ممثل عنه ولا يحق لأحد أن يدعي تمثيله.

* كيف تنظرون إلى الهاشمية ولماذا تركزون عليها؟
- الهاشمية في اليمن فكر عنصري إرهابي يدعي أن الحكم في بني هاشم فقط، وتتنافى الهوية الهاشمية مع الهوية اليمنية بل إن الهاشمية دمرت اليمن والإنسان اليمني ومارست أبشع الجرائم ضد اليمنيين على مدى ١٢٠٠ عام ابتداء من المجرم يحيى الرسي وصولا إلى الحوثي، ونحن نحدد العداء بدقة في الكهنوت السلالي البغيض، فلا توجد في اليمن سلالة تدعي الحق الإلهي عدا السلالة الهاشمية كفكر يناقض الإجماع الوطني، بالنسبة للهاشميين هم من أعلنوا العداء لليمنيين منذ دخولهم لليمن وليس نحن، نحن نقاوم هذا الإرهاب.

* لكن ألا يعني هذا، أنكم كنشطاء في حراك الأقيال تستلهمون ذات المفاهيم العرقية والعنصرية لمواجهة الهاشمية؟
- اليمنيون لم يختاروا في يوم ما -على مدى حضارتهم الضاربة في أعماق التاريخ- المسار العنصري، وعلى العكس من ذلك هيأ لهم موقعهم الجغرافي وانفتاحه على البحر الاحتكاك بشعوب عديدة ومختلفة، أعداد كبيرة من أفرادها استوطنوا في اليمن واندمجوا مع شعبه، بينما أدعياء السلالة الهاشمية اختاروا معاداة اليمنيين والانعزال عنهم ومحاولة طمس ثقافتهم وإحلال ثقافة دخيلة تعمل على تطويع هذا الشعب العريق لتقبل دور الخدم والعبيد للسلالة.

* باعتقادك، هل يمكن أن يؤدي حراك الأقيال، في مرحلة ما بعد المليشيا الحوثية، إلى خلق مفهوم خاص للمواطَنة اليمنية، واعتبار الهاشميين مواطنين من الدرجة الثانية؟
- نحن متيقنون أن الهاشمية من الناحية العرقية ساقطة علميا وتاريخيا، لذلك نحن نتعاطى معها من زاوية ثقافية وفكرية أضرت بهويتنا اليمنية وعمدت على مدى قرون إلى مصادرتها، لذلك أعتقد أن من حق الشعب اليمني أن يتخذ موقفا حاسما في الحفاظ على هويته، يؤكد قيم التعايش والتسامح واحترام قيم المواطَنة الحديثة، لكن دون استمرار الغفلة عن أدعياء سلالة ظلوا دائما ينخرون في الجسد اليمني، وعلى من أخطأ في حق هذا الشعب وهذه الأمة أن يدفع بعض ثمن انحيازه الخاطئ للعنصرية والاستعلاء. 
وتأكيدا على موقف عقلاني وعادل، ندعو من الآن السلطة اليمنية الشرعية إلى إصدار قرارات وتشريعات تجرّم العنصرية بما في ذلك حظر إنشاء أحزاب ذات طابع طائفي، وبالمقابل تحمي وتعلي من قيم الهوية اليمنية.

* بصورة عامة، كيف تنظرون في حراك الأقيال للدين والتاريخ الإسلامي؟
- أولا، حراك الأقيال هو حراك ثقافي شعبي، ليس له تنظيم ولا قيادات تمثله، وليس له أهداف سياسية، لذلك فرأيي في هذه النقطة يمثلني وحدي، وإن كنت توصلت إليه من خلال نقاشات مع كوكبة من أبرز نشطاء الحراك.
الدين والتاريخ الإسلامي هما جزء من هويتنا اليمنية، وكثير من الأقيال والإكليلات متدينون وينتمون لأحزاب وجماعات ذات طابع ديني، وكل ما نقوله بالخصوص أن هناك سلالة مدّعية أعادت إنتاج الإسلام في سياق طائفي وعنصري، وجيّرته، بل صادرته عشائريا لخدمتها، وهذا هو ما نرفضه ونحاربه.
أما بالنسبة للتاريخ اليمني في العهد الإسلامي، فمن واجب الجميع إعادة قراءته بعيدا عن شوائب الفكر الهاشمي العنصري الطائفي، مع التأكيد بالموازاة أن تاريخ اليمن لا يقتصر على العهد الإسلامي فقط، كالتاريخ القرشي مثلا، وإنما يمتد إلى مئات وآلاف السنين قبله، ويتعين علينا كيمنيين ألا نواصل الوقوع في شَرك إلغاء حضاراتنا القديمة من وعينا وهويتنا.   

*كلمة أخيرة تودون قولها؟ 
-نتمنى من كل الأقيال والإكليلات في اليمن أن يواصلوا كل بقدراته وإمكاناته لتوعية أبناء الأمة اليمنية، ونتمنى من الشرعية أن تعمل على الاهتمام بالجانب الفكري القومي في الإعلام والتربية والتعليم والتوجيه المعنوي والخطاب الوعظي الإرشادي، لمواجهة السلالة حيث أثبت الفكر القومي أنه الأنفع في مواجهة هذا الفكر الدخيل. لنعمل جميعنا، حكومة وشعبا، لنستعيد ذاتنا اليمنية لكي نتحرر من العصابات السلالية الهاشمية الدخيلة والتي تسعى لترسيخ هوية بديلة دخيلة باسم الهوية الإيمانية، وهي هوية سلالية عنصرية لا تمتّ لهويتنا اليمنية الأصيلة الضاربة بعمق التاريخ بأية صلة.