رجل الكهف ( الرمز البشري ) لسقطرى
د. محمد حلبوب
رجل الكهف انسان ودود، بشوش، يتعامل بتلقائية نادره. مرهف الاحساس، سريع البديهة يقضي معظم وقته في كهف...
لا تتشابه الشعوب العربية مع بعضها في أن لها حكاما ديكتاتوريين فقط , بل نتشابه في النكبات أيضا .
نكبة 78 تتشابه مع نكبة 48 , في الشكل والمضمون .ونكسة حزيران , مع " نكسة قيران " .
مفارقات كهذه , لم نكن نكتشفها لو أن الثورة لم تتعمر على النحو .أن تتقدم الثورة أسبوعا في السن , لا يعني أنها تصل إلى مرحلة الخرف , بل توجه المزيد من الصفعات والضربات القاضية إلى وجه النظام المترهل .
لتطول الثورة , بطول طوابير السيارات العظيمة أمام كافة المحطات اليمنية . ولتفرد أجنحتها شرقا وغربا .
لو لم تمتد الثورة إلى شهر مايو , لما كان اليمنيون احتفلوا لأول مرة بعيد وحدتهم في كل الساحات والميادين , واحتفل صالح في حوش كلية الشرطة بعرض عسكري باهت .
لو لم تتعمر الثورة إلى يوليو , لما احتفل الناس بيوم 17 بـ" الأعلام السوداء ". اليوم الذي يطلق عليه النظام " يوم الوفاء " إنه " يوم الغضب " و" يوم النكبة " , احتفل به صالح في منفى , ثم أرسل لما تبقى من أنصاره في الليل , بمقال صحفي , يقول فيه إن مرتكبي جريمة النهدين لن يفلتوا من العقاب .
ومرتكبي مجازر تعز ,وأبين , وأرحب , ماذا بشأنهم ؟
لا نعرف بماذا سيظهر إلينا صالح المرة القادمة ؟ ربما برسائل " إ س إم إس " , بعد أن استنفذ وسائل : التسجيل الصوتي , والمتلفز , والمقال ؟ !!
المقال الذي كتبه صالح , أو نشر باسمه , دليل بمفرده, أن يوليو كان نكبة .
تخيلوا كاتب المقال يقول عن الثوار : " الانقلابيين الذين يريدون العودة باليمن إلى نظام الدولة البوليسية " .
ظريف الأستاذ علي عبدالله صالح . وكأن البلد الذي يحكمه لا يوجد فيه نقطة عسكرية في كل مائة متر , أو أن أبناءه وأبناء أخيه " علماء في الطب النفسي " وليسوا جنرالات.
لذا , نريد إعادة الاعتبار للشهور والمناسبات . يوليو كان أكثرهم تلوثا من هذا النظام . الأكثر ظلما بحدثين لا يفصل بينهما سوى عشرة أيام .
الأعياد , والمناسبات ُشوّهت من قبل هذا النظام , والثورة الآن , تكنس الأوساخ المطبوعة عليها .
26 سبتمبر , سُرق , وتم تشويهه بصحيفة بوليسية . 14 أكتوبر أيضا , قُتل بمطبوعة لا علاقة لها بالإعلام الرسمي أو المعارض أو الأهلي , لا لون لها , ولا تعرف أي سياسة تتبع .
مايو تم تصحيحه هذا العام , وأصبح صديقا للناس الذين اشتروا علم اليمن من تلقاء أنفسهم , ويوليو, تحول من شهر حرب , وجلوس , إلى شهر غضب , وحسم .
الثورة طالت نعم , لكنها لم تصل إلى مرحلة العجز . تعمرت , ولكنها تحقق كل يوم مزيداً من نقاط الانتصار . تشييع الساحات لـ" 17 يوليو " كيوم نكبة , انجاز ذهبي , كان الانتظار .
وعندما تطول الثورة في اليمن , فذلك يعني أنها تواجه الكثير من النكبات والعقد والحفر , التي زرعها النظام , وكل نكبة كانت تستحق ثورة لوحدها , لو أنها تواجدت في مصر وسوريا . النكبات هنا بالجملة .
[email protected]