يحيى الجماعي: المسند جزء أساسي من هويتنا والهاشمية أضرت بنا كيمنيين
يحيى الجماعي، رئيس مؤسسة معد كرب الثقافية، وأحد أبرز النشطاء لحراك الأقيال الذي أثار جدلا خلال السنو...
في منزله المتواضع وقد أحاطتنا صور الفنان الكبير محمد مرشد ناجي مع أبرز الشخصيات ومحطات التكريم والوفاء لهذه القامة الأدبية والفنية المثقفة، أجريت هذا الحوار مع الفنان الكبير المرشدي، الذي أحاطني باهتمامه ومحبته، ورحب بي بعد أن ترك قلمه الرشيق جانباً وقد علمت إنه يحضر لإعادة طبع كتابه (مشاهير الغناء اليمني) ويستعد لإضافة الفنان القدير فضل محمد اللحجي في الطبعة الثانية، والجديدة، ولعل الجميع في شوق لقراءة الطبعة الثانية قريباً ومعرفة رأي الفنان (أبو علي) في هذه القامة الفنية التي خلقت من آهات أحزانها، وعذاباتها أعذب الألحان وأشجاها الى جانب رواد روضة الألحان في لحج الخضيرة ومنهم الأمير محسن بن أحمد مهدي والأمير عبده عبدالكريم.
هذا الحوار للزميل منصور نور ونشر في جريدة 26 سبتمبر عام 2010، اي ليس بالبعيد : لكن هناك من يعتقد ان المرشدي هو مع الانفصال ، كما تم تشييع جثمانه وهويرفع علم الانفصال ..لكن الحوار هنا يؤكد انه كان مع الوحدة ويكشف استغراب القيادات الجنوبية لان صالح كرمه.. مزيدا من التفاصيل في الحور المثير..
في الخمسينيات أكدت في كتابك الأول (أغانينا الشعبية) أن التسمية المناطقية تسهم في تمزيق الوطن اليمني الواحد، وحتى على مستوى الغناء والتراث اليمني، مع القائل أن التنوع خدم البيئة الثقافية في تعدد مصادر الموروث الشعبي ودعوت بعد إعادة الوحدة اليمنية إلى الأغنية الوطنية.. ماذا تعني بذلك؟
عدن كانت قد احتضنت كل الحركات الفكرية والثقافية والسياسية أيضاً، والكتابات الفنية التي شهدتها الصحف في عدن وكانت هناك حوالي 12 صحيفة، هذا غير المجلات التي كانت تصدر بين حين وآخر مثل (أنغام) و(النجوم) و(الغد)، للغناء ومنصبه على الأغنية العدنية التي ظهرت في 1948، من خلال ندوة الموسيقى العدنية، وهذه الندوة كان لها دور كبير في الأغنية، والذي أنا كنت أسميه في ذلك الوقت التجديد الغنائي، وما يكتب كان في الصحف.. كان في محور واحد هو الأغنية العدنية، وعن الحفلات والوجوه الجديدة التي تظهر، ولم تكن هناك أي كتابات تتحدث عن أغنية تضم الوطن كله، وكتابات تحمل شجون الوطن الكبير ولم يكن له وضوح كما هو اليوم.
ولكن الحركة السياسية، مثل حركة الرابطة عندما تأسست في مطلع الخمسينيات من القرن المنصرم بدأت الرابطة تتحدث عن الأغنية الجنوبية، لأن من أهدافها كان هو إتحاد الجنوب العربي في ذلك الوقت، لذلك كان لزاماً على الأغنية أن تواكب ذلك الاتجاه السياسي، وكانت قيادة الرابطة من الشخصيات السياسية والمثقفة الكبيرة بزعامة مؤسسها المغفور له محمد علي الجفري وكان لابد أن تلعب الأغنية دور كبير في مجال توحيد الجنوب العربي وفي لحج كانت تأسست الندوة الموسيقية اللحجية، والرابطة غيرت أسهم الندوة إلى ندوة الجنوب الموسيقية.. وكانت في عدن الندوة الموسيقية العدنية، وهي حركة المياه الأسنة وظهر نشاطها الفني، فتأسست تباعاً الندوة الموسيقية الفضلية والحضرمية.
وفي الكتاب الأول (أغانينا الشعبية) توسعت في الفكرة أكثر، حول التجديد الغنائي وكيف يجب أن يكون؟ وطرحت الفكرة مشيراً إلى الأغنية اليمنية وكنت حينها عضواً في قيادة الجبهة الوطنية المتحدة وكان الأمين العام الأستاذ محمد عبده نعمان ومساعده عبدالله الاصنج، وجعلوا من أهم أهدافها توحيد اليمن.. وأشرت في صفحاته إلى أهمية الوحدة اليمنية أرضاً وشعباً.
أستاذ محمد أنت ذكرت الشخصية الوطنية عبدالعزيز باوزير في الإهداء، من هو؟
الأستاذ عبدالعزيز سالم باوزير صديق عزيز وكنا معاً، بل كنا نحن معه في الجبهة الوطنية المتحدة، لأنه كان شخصية كبيرة في مدينة الشيخ عثمان وكنا أعضاء في الهيئة التنفيذية وكانت مهمتي مسؤولية الجانب الإعلامي. لهذا عملت الكتاب خدمة لمبادئ وأهداف الجبهة الوطنية المتحدة وصدر عام 1959م، وكان من زملائنا محمد سالم علي، السيد زين صادق ومحمد سعيد مسواط وحسين سالم باوزير وعلي العصار وعبده خليل سليمان وآخرون.
الموشح اليمني
ي 1982م، ذهبت لتأسيس مهرجان الموشح اليمني وتحدثت عن ذلك في صحيفة (الثورة) ونقلته مجلة (الفنون) في عدن حينها.. كيف نحيي مثل هذا المهرجان اليوم وهذا اللون من الغناء؟
نحن أقمنا مهرجان الموشح والأغنية اليمنية الأول ومن موقعي مساعد نائب الوزير الأخت عائدة علي سعيد، في ذلك الوقت وتم توثيقه بالصوت والصورة وشاركت فيه جميع المحافظات الجنوبية وفرقة وزارة الثقافة في صنعاء وقدمت نماذج غنائية، وتوجنا أعمال المهرجان بعقد ندوة قيمة جداً، وحضر أستاذنا الكبير عبدالله البردوني والمناضل الكبير علي بن علي صبرة (رحمهما الله) هذه الندوة.
وللأسف إن ما سجل لم يبث في التلفزيون وإلى هذا اليوم.. مع أن الأعمال التي قدمت في المهرجان، أعمال جيدة وسبقها نزول إلى جميع المناطق اليمنية وخسرت الدولة مبالغ طائلة.. وأنا متأكداً إن هذه الأعمال موجودة في صنعاء وعدن، والمطلوب أن تذاع مثل هذه الأعمال الكبيرة، لأنها تحمل قيمة فنية لبلدنا.
أول تكريم في صنعاء
لأول مرة على المستوى الرفيع في اليمن والعالم العربي كان فخامة الرئيس علي عبدالله صالح السباق لتكريمكم عام 1982م ماذا تحفظ ذاكرتكم عن هذا اليوم؟
لأول مرة سأقولها بصراحة جداً.. القيادة السياسية في الجنوب استغربت إنني لم أكرم من قبلها أو من أي جهة معنية بتكريم المبدعين والفنانين، وأنا لم أكرم في وقتها وأفاجأ شخصياً بتكريمي والشاعر الكبير الأستاذ محمد سعيد جرادة وسعدنا كثيراً بأن نكرم في صنعاء من قبل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح.
والأجمل أن تكريمكم جاء والأخ الرئيس علي عبدالله صالح لم تتجاوز فترة انتخابه حينها أكثر من ثلاث سنوات؟
وكنت لا أعرفه.. يعرفوه أهل السياسة، وصادف أن الرئيس علي ناصر محمد سألني مستغرباً (أبو علي.. نحن لم نكرمك؟) وأجبت عليه (لا أبداً)!! والله أراد أن أكرم من قبل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، وبدأنا نتواصل بعد أن شعرت بالتكريم والتقدير.
أبها ودمشق
في مهرجان أبها وقبل 6 سنوات تقريباً، كرمت وأعلنت اعتزال الغناء في الحفلات الرسمية، ومن ثم في البحرين ومؤخراً في دمشق.. ماذا يعني لكم التكريم؟
في مهرجان أبها، هناك لجنة هي التي تحدد من يكرم ويستضاف وسمو الأمير خالد الفيصل كان مهتماً بوجودي وكذلك في البحرين كان هناك حضور جميل وكبير وفي دمشق كرمت شخصياً من قبل فخامة الرئيس د. بشار الأسد وكل تكريم أنا أعتزبه لان من خلاله تشعر كم كان الناس أوفياء معك وأحبوك وقدروك وبالتالي يجب أن تزيد من حبك لهم.
جائزة الرئيس
أستاذ محمد كعضو في لجنة تقييم الأصوات الفنية لجائزة الرئيس للشباب، أي من الأصوات كانت محل اهتمامكم الأكبر؟
في كل لقاء مع الشباب المتقدمين إلى جائزة الرئيس، نحدثهم عن أهمية الجائزة وأهدافها وحرص الأخ الرئيس على الاهتمام بقضايا الشباب وهمومهم، ولكن للأسف لم تتقدم موهبة كبيرة، والمتقدم أو المتقدمة لا تعرف أنها موهبة كبيرة أو صغيرة ولكن لجنة التحكيم والتقييم بخبرتنا وعملنا نقدر أن نقيم كل متسابق في اللحن أو الصوت أو الأداء.. وكل المواهب المتقدمة صغيرة جداً لا يمكن أن تتحمل أعباء الحركة الفنية في البلد، والمتسابقين غير جادين، باستثناء متسابق واحد فوزّته رغم انه لا تنطبق عليه شروط اللائحة، ومنحته الفوز بالجائزة لجرأته وهو الصوت الشاب بدر الخليدي.. ومن جرأته في حفلة الفنان محمدعبده في صنعاء طلب منه هذا الشاب أن يغني في الفترة التي يرتاح فيها محمد عبده، وارتحت لجرأة هذا الشاب بدر ولكنه ضاع ولم أعد أسمع عنه!
إضافة إلى صوت نسائي مميز نجحت في الجائزة ولكنها اختفت واذكر أنها غنت من الأعمال الغنائية للفنانة أصالة، وكنت أمهد لها ولبدر الطريق إلى عالم الفن ولا اعرف سر اختفائهما.
مع الوحدة اليمنية
أستاذ محمد.. هناك من يريدون إعادة النظر في (الوحدة اليمنية) وفك الارتباط، فكيف يتخيل الفنان الكبير المرشدي الوطن اليمني الواحد.. ممزقاً ومجزئاً مرة أخرى؟
الوحدة اليمنية ناضل الشعب اليمني طويلاً من أجل إعادة تحقيقها، وكما أسلفت نحن في الجبهة الوطنية المتحدة عام 1955م، رفعنا شعار توحيد أرض اليمن، لان الشعب اليمني موحد بمشاعره وأحلامه وعلى مدى نصف قرن وأكثر ناضل الشعب من أجل الوحدة.. وهناك باحث وأديب أرسل لي بحثاً عن الوحدة اليمنية التي تحققت على مدى التاريخ ثلاث مرات أو أكثر ويحدث لها انتكاس، والواجب يحتم علينا تحليل أسباب الانتكاسات التي رافقت تاريخ شعبنا اليمني ووحدته، في الفترات السابقة من التاريخ وتشكل لجنة من الباحثين والأكاديميين المؤرخين للبحث عن أسباب نكوص الوحدة في الفترات السابقة.
واليمن توجد فيها مواضيع كثيرة، تحتاج إلى دراسة والتفاته جادة ويعمل على إزالة العراقيل والأزمات التي تعرقل الوحدة اليمنية، وهذا يحتاج منا إلى عمل مخلص وألا نكتفي بوحدة الأرض بل نعالج مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها والأخ الرئيس علي عبدالله صالح دعا أكثر من مرة إلى الحوار الوطني، والى بناء الوطن والالتفاتة إلى المشاكل التي أتعبت هذا الوطن.
وأتذكر إننا هنا ما أحد فرح بيوم الاستقلال عام 1967م، لأننا جئنا على اقتتال وحرب أهلية.. امتلأت السجون وبعض البيوت والفلل تحولت إلى سجون، ولم نشعر بحلاوة هذا النصر، كما يحدث في أي دولة أو مستعمرة يخرج منها الاستعمار وهذه الفرحة لم نر أنوارها، وما فرحنا إلا بيوم 22 مايو 1990م يوم ميلاد الجمهورية اليمنية وإعلان الوحدة اليمنية والشعب كله فرح بها.
ومن الواجب الاهتمام بها وحمايتها من أعدائها.. وإنشاء الله سيكون في الأيام القادمة الخير وهذا الحوار الوطني الذي دعا إليه الأخ الرئيس علي عبدالله صالح نسأل الله أن يثمر بخير ويجنب البلاد ويلات الفتن والأحقاد.
حفلات البادري
الفنان المرشدي تبنيت أصوات فنية عديدة، إلى أي مدى حققت طموحاتها والمستقبل الذي تنبأت به لها؟
أي إنسان يأتي إليَّ، أقوم بالواجب الكامل معه مهما كان واخذ بيده إلى استوديوهات الإذاعة وأعطيه لحناً أو لحنين أو دون أن أعطيه، ولكن أقوم بالواجب الذي يجب القيام به تجاه هذا الوجه الجديد، والتي قدمت بعضها في حفلات البادري، وكانت مهمة جداً بالنسبة للأغنية الحديثة في عدن، وأنا الوحيد الذي كان يقدم المواهب الجديدة.
والأغاني الجديدة؟
طبعاً كنا نحضر للحفل منذ شهر أو شهرين بأغاني وألحان جديدة، وإلا الجمهور لن يحضر لك أي حفل وكنت وأخي الفنان الكبير أحمد بن أحمد قاسم «رحمه الله» نوزع الأغاني الجديدة في مطويات ونكتب نصوصها وكلمات من وألحان وأداء من؟! وكنا اقل شيء نقدم من خمسة إلى ستة الحان وأغاني جديدة في الحفلة الواحدة.
محبة الناس
الأستاذ محمد ربنا يعطيك العمر المديد ويمتعك بالصحة، بعد ثمانين عاماً، كيف وجدت المرشدي الآن؟
ازداد حب الناس لي، وعندما أشاع في منتصف شهر نوفمبر الماضي إنني مت، توالت الاتصالات التلفونية من كل مكان في اليمن ومن السعودية خاصة وهناك من ترك كل مشاغله وحضر إلى منزلي في عدن وأجمل ما كسبته هو محبة الناس.. وأقول لهم وللجميع كل عام وأنتم طيبون.