في اليمن.. عرائس مكرهات يقتلهن الصمت!
لم تكن هدى قد أطفأت بعد شمعتها التاسعة عشر، حين أجبرت على هجر أحلامها بأن تصبح طبيبة، والانتقال مُكر...
تعاني النساء العاملات في المؤسسات والوسائل الإعلامية باليمن من بيئة عمل غير منصفة، فهن يتقاضين أجور قليلة اضافةً إلى حرمانهن من الفرص التي من شأنها ان تحسن من دخلهن، كما يتركز نشاطهن في الأعمال قليلة الأجر التي تحد من تطورهن..
بعد أكثر من عامين من عملها كمحررة في احدى المواقع الإخبارية توقفت الصحافية عبير سنان(31عامًا) عن العمل بسبب الراتب الزهيد الذي تتقاضاه نهاية كل شهر والذي لا يزيد عن (30 ألف ريال يمني (40$) تقول: "عملت في ادارة الموقع بشكل كامل من حيث تحرير الأخبار ورفعها للموقع وكتابة التقارير ايضاً، وبالصدفة علمت ان زميل لييقوم بنفس العمل الذي اقوم به، وكان يتقاضى ثلاثة أضعاف مستحقاتي لذلك توقفت مباشرة عن العمل في الموقع وتفرغت لعملي الخاص".
اجحاف
التمييز في المؤسسات والوسائل الإعلامية ليس مقتصراً على الصحفيات فقط فالعاملات في الأقسام الفنية والإخراج ايضاً يعانين من تمييز، هناء احمد خريجة جرافيكس ـ كانت تعمل في إحدى المؤسسات الصحفية بقسم الإخراج الفني لم تحصل على مستحقاتها كما كان يحصل زميلها، تتحدث قائلة: "كنت اعمل في مجال التصميم والإخراج الفني وكان العمل كبير جداً مقارنة بالأجر الذي اتقاضاه ولا يقارن بمستحقات زميلي الذي كان يعمل سابقاً في المؤسسة إلى جانب المكافأة المالية التي كان يحصل عليها".
لم تقف هناء مكتوفة الأيدي بل حاولت ان تحصل على حقوقها لكنها تفاجأت من رد مديرها عندما طالبته بمساواتها بنفس اجر زميلها "عندما طالبت بنفس الأجر الذي كان يتقاضاه زميلي كان رد مديري أن زميلي يعمل حتى وقت متأخر من الليل رغم أني كنت اقوم بالعمل من المنزل بعد انتهاء فترة الدوام الرسمي " تقول هناء.
وبسبب ضغط العمل وقلة الأجر الذي تتقاضاه قررت هناء تقديم استقالتها لكنها لم تحصل على مستحقات نهاية الخدمة بسبب تعنت مديرها.
ونصت المادة (42) من قانون العمل اليمني ان (تتساوى المرأة مع الرجل في كافة شروط العمل وحقوقه وواجباته وعلاقاته دون أي تمييز كما يجب تحقيق التكافؤ بينها وبين الرجل في الاستخدام والترقي والأجور والتدريب والتأهيل والتأمينات الاجتماعية ولا يعتبر في حكم التمييز ما تقتضيه مواصفات العملأو المهنة.
حرمان من الفرص
أما رندا الحمادي ـ مخرجة في إحدى الإذاعات المحلية ـ فهي لا تطالب بالمساواة بالأجور بقدر مطالبتها بالحصول على اجور وفقاً للكفاءة والجهد في العمل وان لا يستهان بحق النساء. تقول رندا: "لا مجال للمقارنة في مساءلة الأجور بالرجال فنحن الموظفات مهما عملنا تبقى أجورنا زهيدة جداً ويستهان بجهدنا لأننا نساء".
المناصب و الوظائف الإدارية العليا في المؤسسات والوسائل الإعلامية لا زالت حكراً على الرجال ونسبة النساء في المناصب العليا متدنية وهو وضع لم يطرأ عليه اي تغيير يذكر مما يحرم النساء من الحصول على اجور مجزية وترى الصحافية ـ وداد البدوي ـ أن المساواة بالأجور بين الصحفيين والصحفيات في اليمن تحديداً قد تكون وفقاً للقانون متساوية، ولكن وفقاً للتطبيق غير متساوية، وغالباً يحرم الكادر النسائي من المواد الهامة فخلال سنوات ماضية كثيرة حُرمت المرأة الصحافية ان تكون لها مساحة في الصفحة الأولى أو تكتب فيها، وبالتالي تُحرم من مستحقات مالية كون من سيكتب في الصفحة الأولى سيحصل على مستحقات أكثر".
وتستطرد البدوي في حديثها قائلة: "يتم تكليف الصحفيين بملفات مهمة جداً يحصل فيها على امتيازات تحرم منها الصحافية كبدل تغطية وبدل سفر دون ان يتم تكليفها، وعندما توزع الملفات يكون من حظ الرجل الملفات الهامة ما يجعل الإعلاميات أقل حظاً في التأهيل لأنه يتم حصرها في زاوية معينة واحياناً يصبح دورها ترفيهي إلى حدٍ كبير وليس صحفي وهذا يؤثر على الجانب المادي أو الدخل الخاص بها".
وتضيف البدوي:"مشكلة المرأة الصحافية أيضاً أنها لا تكون مرافقة للوفود الرسمية ودائماً الوفد المرافق لرئيس الجمهورية أو الوفد الإعلامي لرئيس الوزراء، والناطقين الرسميين في الجهات جميعهم ذكور، وبالتالي الإعلاميين يحصلون على موارد مالية كبيرة من هذه الفرص التي تُحرم منها الإعلامية".
غياب العمل المؤسسي
ويقول أشرف الريفي ـ سكرتير لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين: "الأجور يجب أن تكون متساوية حسب الإجراءات المالية للصحف والمؤسسات الإعلامية، لكن في اليمن يغيب العمل المؤسسي وكل الصحفيين سواءً الرجال أو النساء لم ينالون الأجور المناسبة لجهودهم فالمؤسسات الإعلامية تخضع لقانون الخدمة المدنية ويفترض أن يكون هناك توصيف إعلامي للعاملين في هذه الوسائل وأما الرواتب في وسائل الإعلام فهي موحدة حسب التوصيف الإعلامي ليس له علاقة بالجنس وهناك مكافآت وبدل انتاج يخضع للإنتاج الإعلامي لكل صحفي بعيداً عن الجنس".
ويضيف الريفي:"غياب العمل المؤسسي ربما يحرم النساء من بعض المهام الصحافية، وإن كانت هناك إجراءات تمييزية فهذا يعد انتهاكاً غير مقبول".
وفي تقرير معلوماتي صدر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في العام 2017م، بعنوان "الإعلاميات اليمنيات تحديات في السلم والحرب " أوضح بأن العاملات في الإعلام من النساء يشكلن نسبة 20%من إجمالي العاملين في وسائل الإعلام و11%من أعضاء نقابة الصحفيين اليمنيين فقط. وأشار التقرير إلى أن العاملات في الإعلام كن عرضةً للتمييز خلال فترة ما قبل الحرب، حيث تتعدد مظاهر عدم المساواة بين الجنسين في المؤسسات الإعلامية باستحواذ الرجال على المناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية، وضعف الرواتب الشهرية للنساء مقارنة بالرجال وعدم التساوي بالفرص في التدريب وعدم مواءمة بيئة بعض المؤسسات الصحفية للصحفيات.
وأوصى التقرير بضرورة سن التشريعات الإعلامية التي تحقق المساواة بين الرجال والنساء العاملين في حقل الإعلام وتنفيذ تلك القوانين على أرض الواقع.
نشرت هذه المادة في منصة هودج على الرابط التالي: