في اليمن.. عرائس مكرهات يقتلهن الصمت!
لم تكن هدى قد أطفأت بعد شمعتها التاسعة عشر، حين أجبرت على هجر أحلامها بأن تصبح طبيبة، والانتقال مُكر...
اضحت ظاهرة العنف تجاه المرأة مشكلة بارزة ومحل جدل بين وعند مختلف الثقافات والحضارات وحتى الأديان وذلك عند الحديث حول ماهية المرأة وحقوقها وتركيبها الفسيولوجي.
وبما ان المرأة وجدت كعنصر رئيسي مكمل للرجل وكـ فطرة ربانية طبيعية يأتي وجودها ك ضرورة ملحة وواجبة للحفاظ على التناسل البشري مثلها مثل النوع الحيواني بل ولكل انواع الكائنات الحية الأخرى التي يظل استمراريتها وديمومتها بوجود الزيجة المركبة) ذكر وانثى(.
هذا اذا تعاطينا مع مدخل الموضوع من حيث طبيعته الحقيقية والمنطقية المرتبطة بحقائق ومسلمات علمية فلسفية واقعية وكذلك حتى دينية ،لكن خلط المفاهيم التي جعلت من المرأة موضع اشكال وتباين تتمحور حول مكانتها في المجتمع وماهية حقوقها باعتبارها العنصر البشري الرئيسي المكمل للرجل.
يأتي التباين والخلاف حول هكذا فلسفة وثقافات وعادات حول المرأة بفعل الصراع الجمعي لتفسير النصوص الدينية حول المرأة من حيث حقوقها بدرجة رئيسية ،فالأصل في الظيم الذي طال المرأة لا يبدأ او يقف من ميلاد عصر ما بقدر ما هو موجود منذ النشأة الأولى للبشر من لحظة ان وجد الرجل تمتعه بأمتيازات فسيولوجية ترتبط بكونه المسئول عن خدمة المرأة) الزوجة( تفرض عليها فطرة التكاثر البقاء في حالة ضعف اثناء زمن حملها ومن ثم رعاية مولودها لهذا تكونت النظرة الذكورية تجاه المرأة على انها نوع ضعيف مقارنة بالرجل الذي سعى الى خلق مفاهيم ومعتقدات تنتقص من حقوق المرأة والنظر اليها بعدم صلاحيتها لقيادة او ادارة الحياة لهذا عانت المرأة في العصور الجاهلية معاناة كبيرة وبما ان ظهور الأديان قد اوضحت مكانة وقدر المرأة ومنحتها حقوقها الكاملة الا ان الرجل الذي يخشى على مكانته حاول ولا يزال مملرسة الهيمنة الذكورية على المرأة من خلال التمسك بالأعراف والتقاليد الجاهلية خصوصاً في البلدان التي تعاني ضعف في بنية سلطاتها وتخلف ثقافي وعلمي اذ جرى تفسير نصوص الكتب السماوية بما يتناسب وبعض المفاهيم والاعراف المجتمعية التي يعود منشأها الى العصور الجاهلية لذلك برز الصراع والتباينات حول المرأة واستمرت حتى يومنا هذا.
اليوم نحن لا ندعي او نؤيد تلك النظريات التي افرطت كثيراً وبالغت في مسائل ضرورة تحرر المرأة ومنحها حرية وفق مفهوم الثقافات الفوضوية العبثية التي لا تعترف بمخاطر بعض الممارسات التي حرمتها الاديان السماوية خصوضا تلك الموانع التي تتطابق خطورتها مع نظريات العلم والواقع بشكل منطقي حين يقود التساهل عنها او تجاوزها الى احداث خلل في ميزان الحياة واستقرار البشر.
اجمالا نقول ان المرأة باعتبارها الجزء الرئيسي المكمل للرجل من حيث الحفاظ على ديمومة النوع البشري على هذا الكون ،هي ايضاً عنصر فاعل مثلها مثل الرجل في تطور العالم ومعالجة مشكلاته من خلال ما تمتلكه المرأة من قدرات جعلتها توازي الرجل بل وحتى تتفوق عليه اذ اضحت المرأة هي العالمة والطبيبة والأديبة والفيلسوفة والمهندسة والمخترعة وغيرها ،واثبتت المرأة منذ القدم مدى حكمتها وذكائها في القيادة فكانت ولا تزال هي الملكة والأميرة والرئيسة والحاكمة التي استطاعت قيادة بلدانها ومجتمعاتها بكل حنكة واقتدار فكانت حريصة اشد الحرص على الحفاظ على امن واستقرار وسيادة وتطوير البلاد التي تحكمها وتدير شئونها.
ورغم كل هذه الحقائق الشاخصة امام اعيننا حول قدرات وحكمة ودهاء المرأة الا ان نظرة الكثير من المجتمعات تجاه المرأة لا تزال تحمل ذات الديكتاتورية الذكورية تجاهها.
ومجتمعاتنا العربية والاسلامية تعد الاشد ذكورية في التعاطي مع المرأة مهما ظهر هنا او هناك وجود حيز من العدل تجاه المرأة لكن الواقع يظل يمارس ذات النظرة الذكورية تجاهها.
وفي ظل الحداثة وتطور وسائل التواصل والاتصال في العصر الراهن نجد ان المرأة قد اتسعت دائرة النيل منها وتطورت وسائل واساليب النيل منها بتطور بعض الوسائل الحديثة التي مكنت الرجل ومنحته حيز اكبر لممارسة عنجهيته تجاه المرأة.
في اليمن وكبلد اسلامي محافظ يعد مثل غيره من البلدان العربية والاسلامية من حيث التشدد بما يسمى العادات والتقاليد تجاه التعاطي مع المرأة وهنا لنتجاوز هذه الجزئية ولا نشملها بالسلبية بشكل عام ،بل نأخذ الحانب الايجابي فيها وان كان ضيق الى حد ما لكن هذا الأمر ان ظل في حيز المنطق لا بأس به ،لكنه في حقيقة الأمر اصبح مجرد مبرر لدى غالبية الرجال لظرب حقوق المرأة وحرمانها منها.
ان المرأة اليمنية اليوم قد تضاعفت معاناتها بفعل الحرب والصراعات التي جعلتها الضحية الأولى الأكثر ضرر من الرجل ومع اشتداد الصراعات والحرب والنزوح والغلاء وغيرها من الازمات والصور الأخرى جميعها طالت المرأة واثرت عليها وجعلتها في مواجهة مباشرة مع التحديات والصعوبات التي تعيشها الاسرة اليمنية والمجتمع اليمني.
اليوم ومع مضي الوقت يشتد الخناق تجاه المراة اليمنية التي تضائلت فرص التحاقها في المدرسة والجامعة وعدم وجود فرص عمل او امكانيات او مجال لهجرتها نحو الخارج لان تحركها ومغادرتها حدود منطقتها التي تسكنها مرتبط بزوجها واولادها او بابوها واشقائها واقاربها هذا في حال وجدت الامكانية لديها.
المراة اليمنية اليوم وفي ظل الظروف الراهنة والحرب المستعرة تعيش معاناة لا مثيل لها فالظلم طالها كثيراً ولم يعد هناك استقرار يمنحها فرص الزواج، او العمل وبسبب الاعراف والتقاليد الاجتماعية اشتدت دائرة التضييق عليها ومنحت المجتمع الذكوري مزيد من التبرير لممارسة ديكتاتوريته الذكورية تجاه المرأة.
ان المرأة اليمنية اليوم تعيش حالة من عدم الاستقرار الذي يرتبط وغياب الأمن وتصاعد انتشار الجريمة اذ اصبحت المرأة اكثر عرضة للاعتداء والظلم والمعاناة جراء الظروف الراهنة.
رئيسة مبادرة “ارسم بسمة” الشبابية، المنسق العام للمركز العالمي للسلام وتنمية حقوق الانسان