​​​​​​

منصور.. بعد 17عاما في الظل عليه أن يكون بطل المرحلة

يبدو لنا جميعا أن عبد ربه منصور هادي قريب من طرفي الصراع على مسافة متساوية، فهو نائب الرئيس وإن كان بلا قرار ولا صلاحيات والأمين العام للحزب الحاكم ، الذي حوله الحاكم إلى مجرد ديكور للزينة ولا علاقة حقيقية له بالحكم ومصدر القرار.

عدن أونلاين/ عبدالرقيب الهدياني

بين سندان الثورة ومطرقة أقرباء صالح .. بين الانتقال لليمن الجديد أو الانزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية .. بين أن تنتصر الثورة الشبابية أو يجهض المشروع ويتوقف الزمن عند هذه المنعطف الخطير، في الوسط من كل هذه الثنائيات المتضادة يقف اللواء عبد ربه منصور هادي القائم بأعمال رئيس الجمهورية بالإنابة.

في هذه اللحظة الاستثنائية وجد الرجل نفسه في هذا المرتكز المحوري كبطل ينتظر منه أن يفعل شيئا ، مع أنه أمضى 17 عاما منذ ظهوره على المسرح السياسي في حرب صيف 94م كوزير للدفاع مدافعا عن الوحدة ، ثم نائبا لرئيس الجمهورية ، يمارس دوره السياسي طويلا مثل الكومبارس في الظل، هل بإمكانه أن يكسر القاعدة التي حكمت أداءه السياسي ووضعت شروط الدور المنوط به في سياق نظام كان النفوذ فيه للعائلة والمقربين وليس المنصب الذي كان لعبد ربه هادي نصيب وافر منه.

 الموقف الذي سيتخذه عبد ربه منصور في هذه اللحظة التاريخية هو بالتأكيد الذي سيحدد في أي وجهة قد تمضي السفينة اليمنية الواقفة على مفترق طريقين لا ثالث لها إما طريق الخلاص والانتصار أو الهلال والدمار الشامل.

يبدو لنا جميعا أن عبد ربه منصور هادي قريب من طرفي الصراع على مسافة متساوية ، فهو نائب الرئيس وإن كان بلا قرار ولا صلاحيات والأمين العام للحزب الحاكم ، الذي حوله الحاكم إلى مجرد ديكور للزينة ولا علاقة حقيقية له بالحكم ومصدر القرار.

وإلى الجهة الأخرى هو البديل الذي ظلت المعارضة القوية في الثورة والمبادرة الخليجية الأمريكية تضع اسمه باعتباره الخيار الآمن للانتقال السلمي للسلطة ، كما أن لديه تجارب إيجابية مع اللقاء المشترك في إنجاز صيغة توافقية لحل الانسداد السياسي في البلد (لجنة الأربعة) والتي رفضها علي عبدالله صالح بعد أن أنجزت عملها وقدمت خلاصة الحوار إلى بين يديه ، هذه علامة تشير أن الرجل إلى جانب عبدالكريم الإرياني وزعماء المشترك قادرون على خلق واقع للتعايش المشترك وسينجزون شيئا بناء على ما سبق.

خطوات نحو الثورة على أرض ملغومة

ساحات وميادين التغيير والحرية تطالبه بالاعتراف بهم كشرعية ثورية وأن يقوم بخطوات جريئة نحو المستقبل الذي صنعته ثورتهم لتكتمل الولادة بالجديد الذي طال انتظاره ولهذا سمعناهم في آخر جمعة يهتفون ( الشعب يريد يمن جديد ) ، هذه الخطوات وإن كان عبد ربه يتمناها من كل قلبه لما تمثله من مجد شخصي سيخلد اسم القائد العسكري برتبة اللواء في سجل الثورة اليمنية الحديثة بتخطي عتبة عهد صالح القديم ، لكنه يخشى أي مخاطرة من هذا النوع ، وأي خطوات قد يقوم بها على أرض غير منزوعة السلاح وفيها الكثير من الألغام والمفاجئات كتلك التي اخترقت أسوار دار الرئاسة المنيع  وطالت سيد القصر الجمهوري وقيادات نظامه من الصف الأول ، ولأجل هذا سمعنا تردد وتوجس عبد ربه يصدر على شكل تهديد بمغادرة صنعاء إلى عدن إن استمرت سياسة لي الأذرع  –حسب قوله.

لي الأذرع هذه صورة حسية للجنرال النائب وهو وسط شركاء متشاكسون يمسكون ذراعيه ، كل طرف منهما يستخدم ما يملك من مهارات الاحتواء والإملاء والضغط ، الترغيب والترهيب ، فإذا بالنائب يحاول جاهدا التخفف منهما ، ملوحا بتغيير قواعد اللعبة من عدن الجنوبية بدلا من صنعاء الشمالية، وذهاب نائب الرئيس للاعتكاف في عدن يعيد ذكريات مزعجة لا يحب سياسيو صنعاء تذكرها، عندما انتقل إليها نائب الرئيس علي سالم البيض ، فكانت حرب 94م هي المحصلة ، ولأن الظروف اليوم غيرها آنذاك فإن صنعاء ستكون اليوم هي ساحة الحرب وليس عدن.   

عبد ربه مدعو لأن يحسم أمره وينحاز ليمن جديد بدت صورته مكتملة في ساحات الثورة  على امتداد 17 محافظة ، أمامه فرصة ثمينة في أن يصبح جزءا من المستقبل لا أن يكون من بقايا نظام أسقطه الشعب وهاهو ينحسر ويتقلص إلى بضعة كيلومترات في شوارع صنعاء.

قال للشباب الذين التقاهم أنه مع التغيير العميق وطالبهم بعدم التصعيد لكنه لم يتحرك ولو خطوة واحدة ليؤكد قوله، وليطمئن الملايين من الشعب ممن يرقبون حدوث مفاجئة سارة من هذا القبيل ، فلقد طال انتظارهم كثيرا وأرهقهم من قبله عناد صالح ومسهم ووطنهم الضر وضاق بهم الحال.

يخشى الكثيرون من شباب الثورة أن يخذلهم عبدربه منصور وأن لا يكون بمستوى اللحظة، فيبقى في الوسط  دون أن  يحسم أمره في اتجاه معين – أي اتجاه لا يهم- المراوحة بين البين .. الشخص الزئبقي والمناورة والمماطلة ، هي التي أرهقت ثورة اليمنيين وأدى دورها بامتياز علي عبدالله صالح ، هذا مالا يريدون رؤيته من جديد.

سبب التخوف مرده شخصية النائب التي تعايشت في الهامش كل هذه السنيين وقبلت هذا الواقع القسري في ظل نظام صالح ، وشخصية هذا حالها ربما يكون التعويل عليها أشبه بسراب يحسبه الثوار ماء يروي عطشهم بإعلان الانتصار.