​​​​​​

الجماعات المسلحة على أبواب عدن

عدد من المواطنين يعتلون مدرعة عسكرية في بعد استيلاء مسلحين عليها بمدينة جعار - أبين

عدن أونلاين/ خاص: فؤاد مسعد

لم يكن يتوقع احد أن تؤول الأوضاع الأمنية إلى ما آلت إليه وخصوصا في محافظات عدن ولحج وأبين، وبعد ما صار بمقدور جماعات من المسلحين إسقاط المناطق واحدة بعد أخرى، وصولا لإسقاط محافظة بالكامل وهو ما لم يتوافر لعناصر القاعدة في أي بلد في العالم بما فيها المناطق والأقاليم الأفغانية  والباكستانية حيث تعد تلك البلدان معاقل منيعة لتلك الجماعات، أما في اليمن وفي هذه الأسابيع بالذات يتم التفاوض مع قيادات العناصر المسلحة على إبرام هدنة مع الجيش بينما يصر الطرف الآخر على ضرورة تسليم المناطق لعناصره، وذلك تحت مسميات (أنصار الشريعة)، فما الذي يجري بالضبط؟

كان الرئيس صالح قد تنبأ بسيطرة القاعدة على عدد من المحافظات ولكن الجماعات التي ظهرت مؤخرا ليست قاعدة بالمعنى الفكري والسياسي للتنظيم الأكثر جدلا على مستوى العالم، رغم ادعائهم نصرة الشريعة و رغم الحديث عن وجود عناصر محسوبة على القاعدة، وهذا ما أدى لخلط كثير من الأوراق امنيا وسياسيا وساهم في رفع درجات التوتر والقلق سيما بعد ما صار الخطر محدقا بمحافظة لحج ووصول إشارات متفرقة إلى عدن.

الحلفاء الدوليون في الحرب على الإرهاب وفي الطليعة الولايات المتحدة وبريطانيا وجدوا انفسهم في مواجهة الخصم العنيد وخلاياه العنكبوتية بينما الجيش اليمني المنهك يواجه حرب عصابات في اكثر من منطقة وعلى اكثر من جبهة، والمطلوب منه الاستسلام لأن (أنصار الشريعة) القادمين سيتكفلون بحماية البلاد والحفاظ على أمنها واستقرارها، وربما بعد افراغ المناطق من سكانها كما فعلوا في زنجبار حين نزح الالاف الى عدن ولحج تاركين مناطقهم ومنازلهم خلفهم ساحة حرب وأرضا محروقة.

تواردت أنباء الصحف الأمريكية والبريطانية عن مشاركة امريكا وبريطانيا في الحرب من خلال طلعات الجو وبعض عمليات القصف المركزة على ما يعتبر أهدافا مشروعة تتمثل في شخصيات قيادية لدى تنظيم القاعدة الذي سرب بعض عناصره ضمن (أنصار الشريعة)، وفيما عدا الأهداف المرصودة خارجيا في القضاء على عناصر القاعدة لا أحد يكترث لتداعيات المشهد وما أفضى وسيفضي إليه في قادم الأيام سيما بالنظر لتشريد آلاف الأسر وترويع آلاف أخرى وأكثر بمصير مماثل،

في اليومين الماضيين تناقلت وسائل إعلام محلية في أبين أنباء وساطة تتكون من عدد من مشايخ ابين وشبوة، وتهدف لمحاولة وقف إطلاق النار، والتهدئة بين قوات الجيش ، وتلك الجماعات بما يسهل للمنظمات الإغاثة تقديم العون اللازم للمدنيين المحاصرين في مناطق المواجهات.

ونقلت عن أحد الوسطاء تأكيده وجود عقبات، بسبب رفض الجماعات المسلحة التفاوض قبل رحيل الرئيس صالح عن السلطة، وقال الشيخ علي زبارة، وهو أحد مشايخ العوالق، بمحافظة شبوة، أنه التقى عددا من المسئولين الحكوميين و قادة الجيش في أبين وعدن، أبدوا ترحيبهم وموافقتهم على عقد هدنة بين الجيش والجماعات المسلحة، مشيرا إلى أنه عقب هذه الموافقة توجه إلى محافظة أبين، والتقى بعدد من ممثلي جماعة (أنصار الشريعة) التي تحكم سيطرتها على المحافظة، وعرض عليهم عقد هدنة لمدة خمسة أيام، ولكنهم رفضوا ذلك، وأضاف زبارة، "أنه وأثناء مفاوضاته مع ممثلي الجماعة، اشترطوا عليه أن لا يكون التفاوض مع نظام صالح، فأكد لهم بأن التفاوض سيكون مع نظام الجمهورية اليمنية، الذي يمثله حاليا، القائم بأعمال رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وعندها طلبوا منه مهلة للتشاور فيما بينهم، وأبلغوه بعدها برفضهم لأي وساطة، قبل أن يسلم صالح السلطة، وأكدوا له بأنهم ليس لديهم أي مانع من بقاء قوات الجيش في أماكنها، شريطة أن يتم تسلم محافظة عدن لهم". 

وفي اشتراطهم تسليم عدن لعناصرهم تصعيد جديد بينما هم يعدونه تنازلا من قبلهم عن اشتراط رحيل علي صالح عن الحكم، وفيما هم كذلك بدأت في لحج جماعات مماثلة لا تريد سوى استلام المحافظة، هكذا هي الجماعات الجديدة تبحث عن محافظات بالكامل، ربما لأنها سئمت إسقاط القرى والمدن بالتدريج وفق قاعدة القذافي: زنجة زنجة دار دار، هؤلاء لا يقبلون التقسيط، يريدون محافظات كاملة غير منقوصة حتى يسهل تطبيق تعليمات الشريعة عليها،

ما يقوله الامريكان ان القاعدة ستستفيد من الفوضى والخراب امر منطقي، وما تطرحه هذه الجماعات عن عدم تبعيتها للقاعدة صحيح بالتأكيد، لكن ما لا يتحمله ابناء عدن ولحج وأبين هو الدفع بهم لجحيم المواجهات المستعرة التي في كل الحالات سيدفعون هم ثمنها باهظا، وهذا ما يثير القلق ويبعث على الخوف.