​​​​​​

سلمى عبدان .. العمل من أجل الإنسان في عدن

حماس محمد

يحيط المرأة اليمنية سياجًا منيعًا من العادات والتقاليد التي تقييدها وتحد من مجال رؤيتها للحياة، حيث يعتبر المجتمع أن دور المرأة فيها يقتصر عن المأكل والمشرب وتربية الأبناء تحت سقف المنزل وما سواها ليس ممكنًا ولا يتاح للمرأة، كالعمل خارج ذلك المنزل أو تأسيس مشاريع خاصة أو إدارة أعمال، هكذا هو نمط المرأة لدى غالبية المجتمع اليمني، لكن هناك نساء تجاوزنا كل تلك العراقيل التي تكبلهنّ، وحققنا نجاحات عظيمة، كما هو الحال مع الثلاثينية سلمى.

تعتبر سلمى ناصر عبدان، من أبناء قرية رأس عمران منطقة البريقة بمحافظة عدن، واحدة من بين العديد من النساء اللاتي حققنا نجاحات وإنجازات خلال السنوات الأخيرة التي لوحظ خلالها حضورًا برزًا وإنفتاحًا كبيرًا للمرأة اليمنية على الساحة ولم تتنح جانبًا رغم قساوة الظروف ورغم تأثيرات الحرب على المجتمع اليمني.

إذ عملت بالعديد من المناصب، وترأست ومن ضمنها “جمعية الساحل التنموية في مدينه عمران، إضافة إلى أن شغلت منصب السكرتارية في اللجان المجتمعية، وكذلك عملت مديرة المرأة بقطاع الجزيرة.

الإصرار يولد النجاح

سلمى التي دعمت نفسها بنفسها وقوة إرادتها وعزيمة إصرارها تقول، “عشت في بيئة ريفية وأنتقلت الى المدنية وحولت أن أطور من نفسي اكثر في كسب المعلومات والمعارف المختلفة التي تساعدني في تطوير من نفسي أكثر “.

وحول أهم محطات حياته نجاحها تقول بأنها أسست “جمعية الساحل التنموية” في مدينة عمران عام 2014، والتي أصبحت معرفة على مستوى اليمن، وتلك الجمعية كانت تضم أيضًا عددا من النشطاء الفاعلين من مجالات مختلفة في المجتمع.

قدمت الجمعية التي أسسستها سلمى العديد من المساعدة الإنسانية والنقدية والإغاثية ومن ضمنها نفذت دورات توعوية، تتابع سلمى لمشاقر،” من أهم ألاعمال التى نفذنها هي تقديم المساعدات الطارئة للنازحين وذي الاحتياجات الخاصة والأرامل والمطلقات ونساء الصيادين أثناء حدوث الكوارث، وتم دعم 200 أمراة في سبيل كسب العيش وكانت فئة الشباب الاكثر أستهدافًا لتفاعلها معانا”.

مساهمات مجتمعية

“ساهمنا بالكثير من المسارات في حل المشاكل والخلافات الحاصلة للنساء وبين أطراف أخرى من الاطراف المعادية وحل النزعات المجتمعية وإحلال السلام بينهم وتوفير بيئة آمنة للنساء والأطفال، وأصبح لي دافع نحو العمل الإنساني والسلام النفسي والمجتمعي”، تتابع سلمى في حديثها لمشاقر.

وفي هذا الصدد تقول إقبال علي صالح حسن، وهي أحدى المستفيدات من المبادرات التي تقوم بها سلمى، ” كانت مهنة الصيد الوحيدة المتعارف بها ومنذ مساهمتي ضمن التدريبات أكتسبت مهارات وحرف أعمل بها لمساعدت أهلي وأصبح لدي عملي الخاص الذي أقوم به”.

صعوبات وتحديات

تقول سلمى عبدان أن من أهم الصعوبات التي وجهتها خلال عملها تمثلت في العادات والتقاليد ،” بحكم أننا نعيش في منطقة للصيادين وهذه المنطقة يغلب عليه الطابع الذكوري بشكل أكبر ويفرض الرجل نفسه على المرأة، لكننا حاولنا أن نوفر بيئة آمانه للمرأة لتمارس عملها بسلام”.

وتضيف في حديثها لمشاقر ” إدارتي للجمعية هي رفض المجتمع لنا كوننا نساء، وأكثر العنف الذي تعرضنا له كان بعبارات يرموها علينا من الكلام الجارح، وأيضًا المسافة البعيدة مابين قريتي والمدينة، والتعب الذي كنت أتعبه بتقديم المساعدة لا أهل قريتي وتوفير لهم الحياة التي يتمنوها”.

وتتابع ” حاولتُ من خلال ذلك توصيل صوت الناس هناك للعالم الخارجي حيث أن قريته قرية ساحلية وصيادين ينقصهم التحضر لكنهم يمتلكون قلوب وأخلاق جيدة وأفكار وإبداعات لو يتم توجيهها بالطريق الصحيحة سوف تصبح قريتنا نحن ككل أفضل قرية على مستوى المحافظة لمدينة عدن”.

إحتوى الطاقات الشبابية

وكانت سلمى قد فقدت زوجها وطفلها وبسبب ذلك نبذها المجتمع وتعرضت للعنف بالمعاملات لكنها اعتبرت تلك التصرفات بمثابة تحدي بالنسبة لها والوقوف والصمود بوجه المجتمع، وهذا ما دفعها للعمل الإنساني بشكل أكبر ومساعدة المراة والطفل.

” في البداية كانت العادات والتقاليد هي المسيطرة والتي تفرض على المرأة أعمال مخصصة وتتمحور داخل المنازل فقط، ومن خلال المشاركة في إنجاز مشاريع يستفيد منها المجتمع مثل بناء المساجد وحفر الآبار وبناء بيوت للفقراء أصبح دور المراة هنا أكثر فاعلية ومعترف بها وغير نظرة المجتمع لها” تضيف سلمى.

وتتابع، ” أعمالنا الإنسانية وحبنا لعمل الخير هو الذي جعلنا ننجح بمشاركة المرأة بادوار لم يكن مسموح لها من قبل” مؤكدةً أن من الخطط التي تطمح له الجمعية مسقبلا هو بناء قاعة للتدريب وتأهيل الصيادين والصيادات من خلال الدورات التي تقدمها منظمات المجتمع المدني، وأيضًا عمل حملات توعية حول الأمراض المنتشرة في السواحل وخاصة كوفيد ١٩، حيث أن المشاريع المخطط لها سوف توفر سبل العيش للشباب والنساء وتغير من الوضع الذي هم عليه.

وتشير سلمى إلى أن أغلب الشباب يعاني من الطاقة السلبية ويجب عليها أن نحول تلك الطاقة إلى طاقة عمل ونشاط من خلال المشاريع اللتي ستقدمها لهم عبر الجمعية، إضافةً إلى ذلك تسعي في عمل مساحة آمانه للاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام، إلى جانب بناء المساجد والابار وتدريب النساء على عدة أشغال غير مهنة الصيد التي يعملن بها حاليًا.

 

مشاقر