​​​​​​

نيويورك تايمز: هادي عين أقرباءه وأبناء منطقته في وظائف سياسية وعسكرية

خليج عدن/ نيورك تايمز

أبرزت مراسيم الحفل العسكري الذي أقيم في صنعاء الشهر الماضي إنتقال سلسل للسلطة بين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والزعيم الجديد عبدربه منصور هادي. تخلى مؤخراً العميد طارق صالح، نجل شقيق صالح عن قيادة أقوى الالوية العسكرية اليمنية - اللواء الثالث مدرع المتمركز في جبال جنوب العاصمة – واستلم العميد عبدالرحمن الحليلي الذي اختاره السيد هادي لقيادة اللواء خلفاً للعميد صالح.

وواجه السيد هادي معوقات أمام مساعيه لفرض سلطته الجديدة عبر إعادة هيكلة الجيش اليمني المنقسم وتغيير قادة المعسكرات الحربية التي في الواقع لم تكن عملية سلسة،  في حين تشارك قوات الجيش في حرب عنيفة مع المتشددين المسلحين الموالين للقاعدة في جنوب البلاد. ورفض السيد صالح وأفراد أسرته بعد الحفل العسكري - المشار إليه أنفاً - تسليم اللواء الثالث للقائد الجديد حيث يرى ان اللواء المذكور حق من حقوق العائلة. لكن العميد الحليلي استلم اللواء يوم الاثنين - أي قبل يوم واحد من إصدار مجلس الأمن الدولي قرار تضمن تهديد صريح بفرض عقوبات ضد أولئك الذين يعرقلون المرحلة الانتقالية السياسية – ومع ذلك بعد فترة وجيزة لم يتمكن العميد الحليلي خلالها من دخول معسكر اللواء الثالث. يقول سالم بن طالب، كبير مساعدي رئيس الوزراء "هادي يكافح في كل مرة" وأضاف "لقد تجنبنا اندلاع حرب أهلية مفتوحة خلال العام المنصرم وهو (الرئيس) لا يرغب في إشعالها الآن".

جاء هادي إلى سدة الحكم في نهاية شهر فبراير الماضي بعد عام كامل من الاحتجاجات المعارضة للحكومة. وبدأ السيد هادي تدريجياً في إزاحة المسؤولين في الإدارة السابقة من الموالين أو المقربين بالروابط الأسرية لصالح. طبعاً لم تمر العملية بسلام والشاهد على ذلك الاستعراض الفاشل لعملية تغيير قيادة اللواء الثالث وتحوم الآن شكوك حول قدرة وعمق نفوذ سلطة السيد هادي في تغيير اليمن.

واشار السيد بن طالب إلى ان "وزير الدفاع لا يستطيع بنفسه تحريك او توجيه قوات الحرس الجمهوري" والأخيرة هي فرقة من قوات النخبة لدى الجيش اليمني تقع تحت أمرة نجل صالح الأكبر العميد أحمد علي صالح.

تجدر الإشارة إلى ان اللواء الثالث مدرع يتبع قيادة الحرس الجمهوري. يشهد اليمن معركة شد وجذب مكلفة للغاية/باهضه الثمن بين الحكومة الجديدة والإدارة السابقة.

اليمن الذي يواجه أزمة مالية خانقة، أضطر تحريك قواته لمقارعة فرع القاعدة المحلي الذي يتحدى السلطة المركزية وبسط نفوذه على مساحات شاسعة في محافظتي شبوة وأبين الجنوبيتين. أستغل المتشددون فراغ السلطة بسبب انقسام قوات الجيش والأمن. وأوضحت من جانبها السيدة ابريل آلي، محللة سياسية في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات تقيم في اليمن بأن " الجيش لايزال منقسماً: يعكف القادة العسكريون على المناورات السياسية لكن في حقيقة الامر نرى ان فوهة بنادقهم لا تزال مصوبة على بعضهم البعض وذلك يُعقد مسألة معالجة الأولويات الاخرى في البلد". حتى مع المكاسب الاخيرة للجيش اليمني ضد معاقل انصار الشريعة الموالية للقاعدة، إلا ان التنظيم يسيطر على مناطق متعددة في جنوب البلاد. والجدير بالذكر إلى ان 20 خبير عسكري امريكي وصلوا إلى اليمن بُغية تنسيق الدعم الاستخباراتي ومواصلة الطائرات الامريكية بدون طيار شن هجماتها على القاعدة. تبنت عناصر موالية للقاعدة في الشهر الماضي العملية الانتحارية الاكثر دموياً في تاريخ اليمن الذي راح ضحيتها أكثر من 100 جندي خلال بروفات عرض عسكري في أكبر شارع رئيسي في وسط العاصمة.

يمكن القول بأن جوهر الازمة اليمنية هو الصراع الشخصي بين احمد علي صالح واللواء علي محسن الاحمر، القائد القوي، وتأججت الاوضاع العام الماضي خلال الانتفاضة السياسية وتحول الصراع إلى اشتباكات مسلحة/حرب.

وكشف مصدر دبلوماسي غربي في صنعاء ان قادة الجيش من الطرفين "رفضوا إرسال قوات إضافية إلى جنوب البلاد والقوات المتمركزة في الجنوب هي الاضعف معنوياً وتأهيلاً وتسليحاً". واضاف الدبلوماسي الغربي "وفي الوقت نفسه هادي أصبح خائفاً وخلال المرحلة الراهنة هو يحاول فقط البقاء في موقعه/منصبه".

ولهذا السبب يقوم الرئيس اليمني الجديد بالتقرب من أقطاب المعارض لصالح أمثال اللواء علي محسن الاحمر. وبالإضافة إلى ذلك، عين السيد هادي اقرباءه وابناء منطقته في وظائف سياسية وعسكرية. وعندما قرر السيد صالح التنحي عن منصبه في نوفمبر الماضي بناءً على مبادرة دولية تضمنت حصانة من الملاحقات القضائية، توقع اليمنيون حدوث ردة فعل عنيفة من أقرباء صالح المتمركزين في الحكومة؛ خاصة أولئك الذين يقودون الوحدات العسكرية الضاربة. يظل الكثير من الموالين لصالح في مواقعهم على الرغم من تغييره/ازاحته.

في نهاية المطاف يجب الإشارة إلى ان السيد صالح احاط نفسة خلال فترة حكمة الطويلة بأقربائه وحلفاءه من سنحان من أجل تعزيز سلطته ونفوذه.

ذكر مسؤولون يمنيون ان الرئيس السابق يقف شاهداً على الزوال التدريجي لإمبراطورتيه على الرغم من ان بعض ألوية الجيش اليمني لا تزال تحت سيطرة أقربائه الكاملة. وبعد الحادث الارهابي في صنعاء ابعد السيد هادي نجل شقيق صالح من منصبه كوكيل لجهاز الامن القومي، كما تم استبدال الاخ الغير شقيق للرئيس السابق من موقعة كقائد للقوات الجوية.

وصرح علي الصراري القيادي في الحزب الاشتراكي حول هذا الموضوع بأنه "أذا خسر السيد صالح اللواء الثالث فأن ذلك سيجعله مواطن مثله مثل غيره". ولا زال السيد صالح في صنعاء على الرغم من كثرة الأحاديث حول مسألة خروجه إلى منفى اختياري في الامارات العربية المتحدة أو أثيوبيا. في ظل مواصلة (الرئيس السابق) اللقاء بانصاره في منزله الخاص بالعاصمة وإجراء لقاءات إعلامية مع مؤسسات إعلامية عربية وقام بتأسيس متحف يحتوي على متعلقاته القديمة من القصر الجمهوري.

واشار مسؤول يمني رفيع المستوى إلى ان السيد صالح "يرغب في إظهار أنه ما زال موجوداً؛ أنا هنا؛ أنا موجود".

كما أدى الصراع الدائر إلى خروج دوريات عسكرية متنافسة تتبع القادة العسكريون المنقسمون. ختاماً قال علي سيف حسن، محلل سياسي مستقل "صنعاء لم تعد العاصمة بل هي في حقيقة الامر مدينة منقسمة. لا يستطيع هادي التحرك خارج منزله. وعلي محسن لا يخرج بعيداً عن إطار قاعدته العسكرية وعلي عبدالله صالح قابعاً في منزله لا يوجد أمن ولا أمان".

* المصدر: صحيفة نيويورك تايمز-  لورا كاسينوف من صنعاء

- ترجمة الملحــقية الإعلاميـة واشنــــــــطن