​​​​​​

رفاه: “مرارة النزوح كان دافعًا للعمل من أجل مساعدة أسرتي”

عائشة حسين

داست على قسوة الحرب، لتصبح إعلامية، توثق بكاميرتها ابتهاجات الناس واحتفالاتهم.

رفاه نبيل (24 عامًا) شغوفة بالتصوير والكتابة والإلقاء وكل ما له علاقة بمجال الإعلام؛ رسمت لنفسها هدف الالتحاق لدراسة الإعلام فور إتمامها الثانوية العامة، لتكون انطلاقتها الأولى صوب تحقيق حلمها، وها قد وصلت لما كانت تصبو إليه، متجاوزة كل منغصات الحرب ومآسيها.

رفاه التي أجبرتها الحرب وأسرتها على النزوح أكثر من مرة، بداية من منزلهم بمدينة تعز، مطلع العام 2016، إلى منطقة الحوبان شرق المدينة، وانتقالهم بعد أشهر إلى حيث يعمل والدها بمديرية الصليف بمحافظة الحديدة غرب اليمن.

تقول في حديثها لـ” المشاهد” : “لم تمض 5 أشهر لتواجدنا بالصليف، حتى أحيل والدي البالغ من العمر 50 عامًا، إلى التقاعد براتب لا يكفي لقوتنا، فأجبرنا على نزوح ثالث إلى مدينة الحديدة، لتكون لنا محطة جديدة من المآسي والمعاناة”.

لم تستسلم رفاه للظروف التي أحاطت بها، وتغلبت عليها لتمكنها من استكمالها آخر سنة دراسية لها في الثانوية العامة، بعد أن تسبب نزوحهم من مدينة تعز، في توقفها عن الدراسة.

تقول: لقد شكلت مرارة النزوح وقسوته دافعًا كبيرًا لي، بأن أخطو صوب حلم أوجدته المعاناة، حيث شعرت بمسؤوليتي تجاه عائلتي بعد أن انقطعت السبل أمام والدي لإيجاد أية فرصة عمل، فوجدت نفسي مسؤولة عن إعالة أسرتي وتوفير احتياجاتهم”.

غير آبهة بمشاهد الأسى التي تمرغت بها نتيجة الحرب، انطلقت رفاه للعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي في الأفراح والمناسبات المقامة في مدينة الحديدة، كمهنة تجني منها ما تسد به رمق أهلها.

لم تكتفِ رفاه بذلك، بل التحقت بالدراسة الجامعية في قسم الصحافة والإعلام بجامعة الحديدة، واضعة جدولًا ينظم أوقات عملها ودراستها، لتخطو نحو حلمها بأن تصبح ناشطة إعلامية وحقوقية، مؤكدة أن اختيارها لمجال الإعلام نابع من حبها لهذا التخصص، وتضيف: “لقد تمكنت من إيجاد ذاتي حيث يجب أن أكون، حلمي أن أكون صوت الكادحين، أنطق باسمهم، وأهتف بحقوقهم، بخاصة النازحين الذين غيبتهم الحرب، وانهالت عليهم المآسي”.

لم تبالِ بما تلقته من انتقاد وتنمر بسبب التحاقها بقسم الإعلام، نتيجة نظرة مجتمعية قاصرة تجاه أن تصبح الأنثى إعلامية، وتؤكد أن “النجاح خطوات عملية وجهد مستمر لا يتوقف أبدًا، ولا يجب أن يوقفه شيء”.

لم تتمكن رفاه من أن ترتب وضعها التعليمي والعملي، مع اشتداد الاشتباكات في مدينة الحديدة مطلع العام 2018، لتحصل بعد رحلة مضنية لأكثر من شهر على فرصة للعمل في أحد المولات لبيع مستلزمات النساء.

رغم كل الظروف القاسية التي واجهتها رفاه، إلا أنها أثبتت قدرتها على مواجهة واقع أليم وبائس، ومجابهة ظروف قاسية، ناتجة عن نزوح متكرر من منطقة إلى أخرى، تلقت كل ذلك وداست عليه بتفاؤلها وعزمها وجهدها، لتبتغي حلمها الذي بدأ يتحقق، فبعد استقرارهم مؤخرًا في صنعاء، جعل حلمها يختصر المسافات بأن تتنقل بين صنعاء والحديدة حتى تكمل دراستها، وها هو يتكلل حلمها حقيقة بتخرجها هذا العام بدرجة بكالوريوس من قسم الإعلام بجامعة الحديدة، مرتدية قبعة النجاح.

وبنظرة متفائلة وأخرى حزينة، تختتم رفاه حديثها بالقول: “أحمد الله على أني حققت حلمي وقطعت مشوار التحدي، ولكن ربما يخبئ لي حظي شيئًا لم يكن في الحسبان، إلا أنه على المرء ألا يستسلم، ومهما كانت الظروف، فالعزيمة كفيلة بمواجهتها وتعديها”.

 

المشاهد