​​​​​​

الجمال صفقة مشبوهة في اليمن

مبارك اليوسفي

تُجرى الجراحات التجميلية لأغراض وظيفية أو جمالية، بما يتناسب مع تنسيق التوازن بين جزء معين وأجزاء مجاورة في جسم الإنسان، وبصرف النظر عن كونها شيئًا مهمًا لإعادة بناء نقاط التشوهات الخلقية، أو الناتجة عن حوادث معينة، ثمة أسلوب آخر تلجأ إليه النساء من أجل إضافة مظهر جمالي محدد.

في الحالة الأولى، قد تبدو هذه العمليات مقبولة إلى حدٍ ما عند كثير من اليمنيين، لكن يعترض البعض على النوع الثاني من العمليات؛ ويعود ذلك إلى بعض الأعراف والخلفيات المجتمعية.

"دون علم أهلي"

لجأت نور محمد، اسم مستعار، إلى إجراء عملية تجميلية من أجل عمل غمازة في خدها في أحد مراكز التجميل بصنعاء، وذلك دون علم أهلها؛ لعدم قبولهم هذا النوع من العمليات باعتباره "عيبًا"، حد قولها.

تقول نور إنها قامت بتجميع مصاريفها الشخصية لعدة أيام؛ من أجل القيام بسداد تكاليف العملية، "ولأنّها عادية. لا تأخذ وقتًا كبيرًا، أو مالًا كثيرًا؛ فقد استطعت إجراءها برفقة أختي دون علم أهلي".

لم يستمر الأمر طويلًا؛ فقد انكشف أمرها فور عودتها إلى المنزل، وتعرضت للوم والضرب من أبيها؛ بسبب إجرائها تلك العملية؛ الأمر الذي شكل لديها ضغطًا نفسيًا إضافيًا إلى جانب قلقها السابق من العملية، كما تقول.

النمطية المختلفة

من خلال استطلاع أجريناه في الشارع، فإنّ نسبة تقبل الناس لهذا النوع من العمليات ضئيل جدًا؛ حيث ترفض فئة كبيرة من الناس قيام النساء بهذه العمليات.

المواطن ناجي صالح يرى أنّ إجراء مثل هذه العمليات لا يُعد ضروريًا؛ إذ أنّ هذا العمل شيء مرفوض مجتمعيًا، ويقول في حديثه لـ "هودج": "الغرض من إجراء هذه العمليات لفت الانتباه، وهذا أمر لا ينبغي للمرأة القيام به".

هذه ليست وجهة نظر صالح وحدها؛ حيث يرى كثير من الناس أنّ الهدف من إجراء العمليات التجميلية هو "لفت نظر الأخرين، والحصول على قدر أعلى من الإعجاب"، وتعود هذه الصورة النمطية لدى البعض إلى ضرورة الالتزام بالتقاليد والأخلاقيات المحافظة، كما هو الحال مع الحاج صالح، وهو مواطن ستيني.

ليست خطرة

وعلى الرغم من ذلك، ما تزال عمليات التجميل في اليمن مقتصرة على عمليات نحت الجسم، وتكبير أو تصغير بعض المناطق، وتصحيح الأخطاء الناتجة عن عمليات سابقة، أو حوادث معينة، بحسب الدكتورة المختصة في التجميل، ابتسام الحاج.

وتشير الحاج إلى أنّ نسبة مخاطر هذه العمليات قليلة جدًا من الناحية الجسدية؛ وذلك "لأنّها لا تعتبر عمليات جراحية خطرة، وفي الغالب تكون هناك الكدمات أو التورمات، لكنّها تزول بعد فترة، وقد يكون هناك جانب نفسي للنساء؛ حين لا يحصلنّ على النتائج كما توقعنها قبل إجراء العملية".

 فهم قاصر

استطاعت مريم، اسم مستعار، إقناع زوجها بإجراء عملية تجميلية من أجل تكبير صدرها؛ بهدف تعزيز ثقتها الأنثوية التي كانت تفتقدها قبل العملية، حد قولها.

وعلى الرغم من موافقة زوجها وأهلها على العملية، إلا أن أهل زوجها رفضوا تمامًا تلك الفكرة؛ ما جعلها تخفي الأمر عنهم، تقول مريم في حديثها لـ "هودج": "سبب رفض الأهل تلك العمليات هو عدم معرفتهم أولًا بالحالة النفسية التي تمر بها المرأة، وفهمهم القاصر تجاه تلك العمليات؛ حيث يعتبرونها خروجًا عن الأخلاق، ومخالفة للسائد والمألوف في المجتمع".

إقبال جزئي

لا توجد إحصائيات موثوقة لنسبة إقبال النساء اليمنيات على عمليات التجميل، إلا أنّ "الوضع اختلف عن السابق، وأصبح هناك إقبال لا بأس به"؛ حيث يقدر الدكتور المختص في التجميل بشير عثمان عدد العمليات التي يجريها بحوالي 30 عملية في الأسبوع، وقد تقل أو تزيد.

وتتوقع مريم أنّ "المرأة المتزوجة يمكن أن تقنع زوجها بطريقة أو بغيرها بشأن إجراء تلك العمليات، مع أنّ كثيرًا من الأزواج يصعب إقناعهم؛ بسبب النظرة القاصرة لعمليات التجميل، وغياب التوعية في هذا المجال".

تقول الدكتورة الحاج: "تعصب البعض ضد عمليات التجميل يأتي نتيجة لغياب التوعية اللازمة لتصحيح ذلك الفهم الخاطئ".

ولا تخفي الحاج تفاؤلها بالقول: "توسع دائرة المستفيدات من هذه العمليات سيساهم في تصحيح النظرة السلبية، وإن كان ذلك ببطء"، فيما تقول مريم: "التوعية ليست كافية. نحتاج إلى تصحيح النظرة نحو المرأة بأنّها ليست حاجة جنسية، بل إنسان كامل الأهلية، له أدواره الاجتماعية، كالرجل تمامًا".

 

نشرت هذه المادة في منصة هودج على الرابط التالي:


http://hodaj.net/posts/ljml-sfq-mshbwh-fy-lymn