في اليمن.. عرائس مكرهات يقتلهن الصمت!
لم تكن هدى قد أطفأت بعد شمعتها التاسعة عشر، حين أجبرت على هجر أحلامها بأن تصبح طبيبة، والانتقال مُكر...
تعيش اليمن حالة حرب أثرت على المستويين الاقتصادي والمعيشي، ومثلما توقفت أعمال بسبب ذلك، ظهرت، أيضًا، أعمال جديدة؛ كعمل بعض الفتيات اليمنيات كـ "مودلز - Models"، فكيف يتعامل المجتمع اليمني مع هذا النوع من الأعمال؟ هذا ما سنتجه للبحث عنه خلال هذه المادة الصحفية.
تحديات
تصف تقارير دولية وضع المرأة في اليمن بأنّه الأسوأ بين بلدان العالم أجمع؛ لوجود فجوة تمييزية بين الجنسين، وانخفاض مؤشر تمكين المرأة؛ ما من شأنه أن ينعكس سلبَا على مجالات عمل كثيرة، كعمل المودلز، في ظل تعقيدات مجتمعية "محافظة".
تقول أريج السيد، وهي موديل يمنية، وملكة جمال اليمن لـ 2016م: "القيود الموجودة في اليمن هي قيود قبلية مرتبطة بالعادات والتقاليد، ويحكمها العرف أكثر من الدين؛ يعني ثقافة العيب، وليس الموديل من يعاني في اليمن فقط، إنما الفنان والإنسان بشكل عام؛ وهذا يؤثر في نجاح الجميع بما فيهم هذه الفئات المنحازة للفن والجمال".
وحول الصعوبات التي تواجه من العاملات في هذا المجال، تقول روبي، وهي موديل يمنية: " العمل كموديل شاق جدًا، وليس بتلك السهولة التي يتخيلها البعض"، موضحة أن خوضها هذا المجال مدروس بشكل جيد، وهي جديرة بالنجاح، وتمتلك ما يؤهلها لذلك، حدّ قولها.
رد فعل المجتمع
عن نظرة المجتمع اليمني لعمل الفتاة كموديل، تقول ديانا ضبعان، وهي موديل وممثلة يمنية: "هناك الكثير من المشجعين، والكثير من المنتقدين"، وتضيف: "بمجرد نشر صورة واحدة، أتلقى انتقادات وتشجيع كذلك، لكن، بشكل عام، أستفيد من الاثنين معًا، ولا أنزعج من أي انتقاد".
روبي تقول إنها تتلقى الكثير من الردود المختلفة، إلا أن التعليقات الإيجابية التي تحصل عليها أكثر، "الأكثر مشجعة؛ لأنّهم يشاهدون أن المحتوى الذي أقدمه هادف ومشجع للناس، بينما التعليقات السلبية قليلة، ولا أهتم بها".
أما الموديل اليمنية الشابة، حور الشوافي، فتقول: "التعليقات السلبية ستتلقاها أي بنت، سواء موديل، أو غير ذلك، طالما أنّها تنشر صورها".
تحصل الشوافي على تشجيع النساء بشكل خاص، إضافة إلى أخرين، تقول: "أتلقى تشجيعًا من النساء بشكل أكبر، ونادرًا ما أتلقى انتقادً من امرأة"، وتضيف: "الانتقادات تأتي غالبًا من المراهقين، بينما التشجيع من مختلف فئات المجتمع".
أجور
حصول المودلز على تشجيع من فئات اجتماعية مختلفة دليل على حدوث تغيير إيجابي في وعي المجتمع من وجهة نظرهنّ، إلا أنّ مَن يعملنّ لحسابهم يمثلون مشكلة بالنسبة لهنّ؛ عند عدم إدراكهم أهمية هذا العمل، كما يقلنّ، مستشهدات بتدني الأجور التي يحصلنّ عليها منهم.
وتتلقى المودلز اليمنية مبلغ 100$ مقابل العرض الواحد، وقد يزيد قليلًا، كما همست لنا إحداهنّ، "هذا لا يساوي شيًئا مقارنة بما تحصل عليه المودلز في الدول الأخرى".
فجوة الجنسين
كانت فرضية القصة أننا سنرصد مواقف اجتماعية معارضة لعمل المودلز في اليمن، غير أن السير في إجراءات تنفيذ القصة كشف لنا أن الأمور ليست بذلك السوء؛ فعلى الرغم من كون هذا العمل يتم في مجتمع ذكوري، إلا أنّ فارق التشجيع والانتقاد بين المودلز الرجال والنساء لا يمثل فجوة واسعة.
تقول روبي: "المجتمع أصبح أكثر تحضرًا وتقبلًا لفكرة العمل كمودلز، والتي تعتبر أكثر انتشارً في أوساط النساء".
وتوضح الشوافي: "ليس هناك فجوة كبيرة في التعامل مع الجنسين في مجال العرض"، وتضيف: "تدرك الموديل مسبقًا أنها ستتعرض للتنمر؛ فهي، منذ أن تقرر الخوض في هذا المجال، يجب أن تكون مستعدة نفسيًا لمواجهته".
مساحة حرية
من خلال متابعة صفحات المودلز اليمنيات، يتبين أن العاملات خارج اليمن لديهنّ مساحة حرية أفضل نسبيًا مقارنة بالعاملات داخل اليمن.
أريج السيد، تعيش خارج اليمن، تقول: "القيود مرتبطة بالعادات والتقاليد، وهناك ضعف في أداء المؤسسات المسؤولة عن تحديث الوعي والمجتمع، وأعتقد أن التغيير ممكن، لكنّه يحتاج وقتًا طويلًا".
فيما تصف ضبعان المساحة بأنّها ليست واسعة وليست خانقة في الوقت ذاته، "هناك مساحة حرية لا بأس بها مؤخرًا"، مضيفة: "ظهر العديد من المودلز الصاعدات، وبمظهر أكثر انفتاحًا عما كان عليه من قبل، وهذا شيء إيجابي".
وتقول الشوافي: "الفرق ضئيل جدًا بين طريقة عمل المودلز التي يعشنّ في الداخل، وهنّ كُثر جدًا مؤخرًا، وبين اللواتي يعملنّ في الخارج".
تلعب القيم المحلية لدى الفتيات المودلز، سواء في الداخل أو الخارج، دورًا في اختيار نوع الظهور ودرجته، كما يبدو من حديث المودلز؛ حيث كشفنّ أن مساحة التشجيع ومساحة الحرية تتسعان بشكل مستمر؛ بفعل آليات التواصل والأخذ والرد بين مكونات الجمهور والمجتمع عمومًا، في حين تتراجع مساحة المعارضة والانتقاد.
نشرت هذه المادة في منصة هودج على الرابط التالي: