لكي تستخرج جوازي سفر لطفليها، اضطرت منى الحجيري، للسفر إلى مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، لكنها فوجئت لدى وصولها إلى مبنى الجوازات هناك، برفض المسؤولين طلبها إلا بموافقة الزوج، رغم أنها قدمت شهادتي ميلادهما.
حينها اضطرت الحجيري، لتعميد الطلب بالمحكمة، لكي تستكمل استخراج الجوازين، كما تقول، مضيفة أن القاضي في الجوازات اتصل بزوجها لأخذ الموافقة الشفهية منه. وتتابع: “سلسلة التعقيدات والإجراءات التي مررت بها كلفتني قيمة استخراج جوازين، نتيجة تأخير المعاملة”.
وتفرض القوانين واللوائح في مصلحة الجوازات والهجرة في اليمن، موافقة ولي الأمر على المرأة في حال تقدمت بطلب الحصول على جواز سفر، مهما بلغت مكانتها الاجتماعية أو عمرها.
ولم يشفع للنساء في اليمن، مصادقة البلاد على الاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق النساء، كاتفاقية “القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، التي تلزم الدول المُصادقة، بصيغة حازمة، بشجب كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في كافة الميادين.
التمييز في القوانين
وتؤكد زينة الخليل، الناشطة الحقوقية وعضوة شبكة أصوات السلام النسوية في اليمن، أن المرأة تعاني من التمييز ضدها في معظم القوانين، مثل قانون الأحوال الشخصية، الصادر بموجب القرار الجمهوري بالقانون رقم 20 لسنة 1992، وتتجلى فيه الكثير من النصوص القانونية التمييزية ضد المرأة، ووضعها تحت ولاية الأب أو الزوج أو الأخ، ومنها المادة 16، وهو ما يخالف تحديدًا أحكام المواد (2 ـ 15) من اتفاقية “سيداو”، ونص المادة 6 التي اعتبرت المرأة تابعة للرجل، ويجردها من حقوقها، ويلزمها بواجباتها، وتعترف بحقوق الرجل. ويجيز القانون في المادة 15، عقد ولي الصغيرة دون موافقتها، ويعتبر القانون اليمني المرأة، في المادة 40 من القانون نفسه، ملكية خاصة، ويجب عليها الطاعة والاستجابة، بحسب الخليل.
وتقول إن المنظومة القانونية اليمنية التي وضعها المشرع، تضم نصوصًا قانونية تمييزية ضد المرأة، منافية للهدف السامي للقانون، في عدم الإخلال بميزان العدالة، لأن القانون مرجعية هامة ومنصة العدل والمساواة لكل أفراد المجتمع. وكل ذلك يعد مرتبطًا بالتلازم بين تدني مكانة المرأة وانحطاط المجتمع، وبين ارتقاء المرأة وتقدم المجتمع.
وتقول الدكتورة سامية الأغبري، رئيسة قسم الصحافه في كلية الإعلام بصنعاء لـ”المشاهد”، إنه يتم حرمان المرأة من الحصول على جواز سفر، لأن القائمين على الجوازات هم رجال ومحافظون، ويخشون لو منحوا النساء جوازات سفر مستقلة، سيكون نموذجًا يسري على زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم متى ما بلغت إحداهن سن الرشد.
التمييز في قانون الأسرة
وينطوي قانون الأسرة اليمني على تمييز في ما يتعلق بالطلاق، فبموجب المادة 59 يجوز للرجل تطليق زوجته بناء على رغبته، ومن دون الحاجة إلى إبداء الأسباب، بيد أن المرأة التي تطلب الطلاق يجب أن تلتمس ذلك من المحكمة، ولكنها لا تستطيع الحصول على ذلك إلا لأسباب محدودة للغاية.
وتؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه من الأهمية بمكان أن يشتمل الدستور اليمني بشكل صريح لا ضمني على حقوق المرأة، لاسيما ما يخص قضايا: المساواة؛ عدم التمييز؛ المشاركة السياسية؛ العنف ضد المرأة؛ قانون الأحوال الشخصية؛ زواج الأطفال، وحقوق المواطنة/الجنسية.
بالإضافة إلى التوصيات الحالية، فإن هيومن رايتس ووتش تدعو فريق الحقوق والحريات إلى التوصية بوضع مادة في الدستور الجديد توجّه سلطات الدولة إلى تبني إجراءات إيجابية في جميع المجالات من أجل تحقيق التمكين الفعال والمنطوي على المساواة للمرأة بحيث يمكنها الحصول على حقوقها كاملة بالمساواة بالرجل، وفق ما نشرته على حسابها الرسمي في موقعها الإلكتروني.
مطالب حقوقية قوبلت بالرفض
وتنص المادة 41 من الدستور اليمني لعام 1991، المعدل في 2001، على: “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”، بيد أن تطبيقه على أرض الواقع يشكل نوعًا آخر من الانتهاك في حقوق المرأة الإنسانية، لأنه لا يطبق إلا بصوره تعكس مدى التقاليد والعادات الاجتماعية البالية التي لا تعمل إلا على جعل المرأة ضحية لمجتمع ذكوري، مازال يرى المرأة عارًا وخطيئة، بحسب الخليل.
وتؤكد أن منظمات حقوقية وناشطين حقوقيين طالبوا بتعديل هذه المادة بإضافة كلمة “الجنس” من أجل إنصاف المرأة اليمنية، واعتبارها مواطنة كاملة الحقوق أسوة بالرجل، هذه المطالبات قوبلت بالرفض من قبل المُشرع اليمني.
“القانون بحاجة لتعديل”
ويحق للنساء في جميع الدول التي تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة، الحصول على جواز سفر دون وجود أية معوقات، فالحصول على جواز يعد حقًا قانونيًا تكفله جميع التشريعات.
وتقول الدكتورة الأغبري: “لا بد من تعديل القانون لكي يضمن أحقية المرأة في الحصول على جواز سفر دون محرم. كما يحتاج إلى برامج تلفزيونية مكثفة، وتحتاج لإرادة سياسية ووعي المرأة بحقوقها الإنسانية، وتعريف المجتمع باستقلالية المرأة في الإسلام في أن يكون لها ذمة مالية مستقلة”.