​​​​​​

"النصف" المهدور لماذا على المرأة أن تظل قضية إلى الأبد!

منصة خيوط

في المجتمعات المحافظة، اجتماعياً ودينياً، غالباً ما تكون القضايا المتعلقة بالمرأة شائكة ومعقدة. قد تنطوي أيضاً على تحديات ومخاطر، متوقعة وغير متوقعة، خاصة في قضايا العنف الذي تتعرض له النساء من قبل الرجل. اليمن من هذه المجتمعات، وتصل فيه التحديات القائمة إلى درجة المسّ بالحقوق الأساسية للمرأة بصفتها إنسانة. ينبغي الاعتراف بهذا أولاً قبل أي نقاش في تفاصيل الوضع الشائك.

  تالياً، يبرز سؤال: ما هو الدور الفعلي للمرأة في المجتمع اليمني، مقارنة بصفتها التي نتداولها بفخر: "نصف المجتمع"؟ بطبيعة القضايا الشائكة، تتولد الأسئلة الصحيحة من الاستعداد العملي للحلّ وتقبّل العدالة؛ هل هناك مشكلة لغوية مستترة في اللاوعي الجمعي بشأن فهمنا لكلمة "النصف" عندما توصف بها المرأة؟ كيف تفهمها النساء، وإلى أي مدى أثّر احتكار الرجل للسلطة الاجتماعية والسياسية، على وعي المرأة بذاتها وبقدرتها على المشاركة في اتخاذ القرار؟ ويمكن إغلاق هذا التدفق لعلامات الاستفهام بسؤال أخير: لماذا على المرأة أن تظل قضية إلى الأبد؟

 طيلة الأيام الـ16 الماضية، شاركت منصة "خيوط" في الحملة العالمية لمناهضة "العنف القائم على النوع الاجتماعي"، وهي الحملة التي تطلقها الأمم المتحدة سنوياً من 25 نوفمبر-10 ديسمبر، من كل عام. لا يقتصر اهتمام "خيوط" بقضايا المرأة على هذه الفترة الزمنية، لكنها تعتبرها فرصة لتسليط الضوء على اختلال العلاقة بين نصفي المجتمع، وما يتعرض له النصف الأضعف من عنف قاتل وانتهاكات مخلّة بالتوازن اللازم للحياة. وما دام الواقع الذكوري عالمياً ومحلياً، يتطلب استمرار المرأة كقضية، خصصنا لها هذا الملف الذي سيظل مفتوحاً لكل محتوى يخدم مناصرتها ويحترم ذاتها.

  كانت بعض المواد صادمة لبعض المتابعين والقراء، ليس لبشاعة العنف في القصص المنشورة، بل لتناول أنماط من الانتهاكات المسكوت عنها ضد المرأة، وللتبعات الصحية، بدنياً ونفسياً، التي تلحق بالمرأة المعنّفة طيلة حياتها. هكذا دون وعي بأن استمرار الصمت تجاه هذه الانتهاكات، ومطالبة المرأة بالتحمّل أكثر من قدرتها الطبيعية، ينتج المزيد من الاختلالات في العلاقات الأسرية والاجتماعية، وهو مناخ ينمو فيه التعصّب وسوء المعاملة، مثل فيروس ينخر نسيج المجتمع من الداخل؛ من مواضع يصعب على عين المتعصّب ملاحظتها، سواءً كان فرداً أو جماعة أو مؤسسة.

  تحتاج المرأة اليمنية أن تشعر بذاتها وطاقتها الإيجابية، وهو شعور لا يتوفر في بيئة عدائية أو رثائية. النساء في قصص "خيوط" متنوعات بين ضحية للعنف وناجية منه، وهنّ الأشد احتياجاً للتعاطف والمناصرة. وهناك نموذج المرأة المنتجة، وفيه المتميزة، والمسؤولة، وصاحبة المبادرة والقرار. نساء جديرات بأن يرحّب جميع الرجال بمشاركتهن الفاعلة في الحياة العامة، ودعمهن في استقرار حياتهن الخاصة؛ أمهات وزوجات، أخوات وبنات. 

والحقيقة المرّة تصل إلى كون طاقة المرأة في اليمن مهدورة، بينما يمكن أن يستفيد منها المجتمع الذكوري المهووس باحتكار تنظيم الحياة وسنّ القوانين ذات المحتوى القابل للتأويل المتعدد، واستيعاب تقديرات متناقضة مع مبادئ العدالة.