في اليمن.. عرائس مكرهات يقتلهن الصمت!
لم تكن هدى قد أطفأت بعد شمعتها التاسعة عشر، حين أجبرت على هجر أحلامها بأن تصبح طبيبة، والانتقال مُكر...
تقبع النساء الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي محبوسات خلف الأبواب المغلقة في الدول التي تمر بأزمات، إذ يكن غير مرئيات ولا يمكن الوصول إليهن من قبل المنظمات التي تسعى إلى توفير دعم متخصص لهن في كثير من الأوقات، وذلك لعدة أسباب.
فحتى عندما تكون الخدمات متاحة، قد تكون الضحية على غير علم بوجودها، كما قد تخشى الناجيات من الانتقام أو الوصم إذا ما سعين إلى الحصول على مساعدة متخصصة. وقد فاقمت جائحة كوفيد-19 هذا الوضع بشكل أكبر.
نتيجة لذلك، لا تحصل العديد من الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي على الرعاية التي يحتجن إليها. وتقع المهاجرات، وخاصة أولئك اللاتي يكن في وضعية غير نظامية، تحت خطر عدم ملاحظتهن.
عالميا، واحدة من كل 3 سيدات وفتيات في مواقع الأزمات تكون ضحية لنوع من أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، ما زالت خدمات الحماية المنقذة للحياة -ومن بينها الرعاية الطبية للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي بغض النظر عن وضعية الهجرة- لا تحظى بالتمويل اللازم أو الأولوية بشكل كبير في الاستجابات الإنسانية واستجابات ما بعد الأزمة.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعاني من صراعات طويلة الأمد وأزمات أخرى، لا يتم التعامل مع العديد من وضعيات العنف ضد المهاجرات حتى الآن.
وعلى الرغم من مرور سنوات على الصراع المسلح في اليمن، فلا يزال طريق الهجرة من شرق أفريقيا إلى المملكة العربية السعودية يعد من أكثر طرق الهجرة تعقيدا وخطورة في العالم. وعلى الرغم من أن قيود السفر الدولي المرتبطة بكوفيد-19 أدت إلى انخفاض عدد المهاجرين الذين يسلكون هذا الطريق، فقد سجلت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 20 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن خلال السنة الجارية. ومن المقدر أن واحدا من كل 5 مهاجرين في اليمن هم سيدات أو فتيات.
ومنذ بداية الجائحة، دُفع المهاجرون في اليمن نحو الظل أكثر فأكثر، وبقيت المهاجرات تحت خطر عال للتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي. الأسباب وراء ذلك متعددة، ومنها حواجز اللغة وغياب هياكل الدعم المجتمعي ومظاهر عدم المساواة الهيكلية، وعدم المساواة على أساس الجنس الممارسة بالفعل، وغياب طرق الهجرة الآمنة والنظامية. كل ذلك -بالإضافة إلى مخاوف وضعيتهم غير النظامية- يزيد من مخاطر وقوع أشكال عديدة من العنف على أساس الجنس ومن ضمنها الاغتصاب والعنف المنزلي والاستغلال والإساءة والزواج المبكر والاتجار بالبشر.
في ليبيا، كشفت دراسة للمنظمة الدولية للهجرة عن أن جائحة كوفيد-19 خفضت بشكل أكبر قدرة السيدات على الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية بعد أن تحول التركيز إلى مجابهة كوفيد-19. وكان التأثير قويا -بشكل خاص- على المهاجرات اللاتي كانت الحواجز أمامهن للوصول إلى مقدمي الخدمات المنتظمين.
وتم رصد أنماط مشابهة في العراق؛ حيث أفاد 65% من مقدمي المساعدة وجود زيادة في أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي في مجالات تدخلهم في أثناء جائحة كوفيد-19، وكان معظمها يحدث خلف أبواب المنازل المغلقة.
وعلى الرغم من أن الاهتمام الدولي بالعنف القائم على النوع الاجتماعي قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ومن ضمنه منح جائزة نوبل للسلام عام 2018 لنادية مراد (العراق)، فإن التمويل المخصص لدعم الناجيات من هذا النوع من العنف لا يزال محدودا.
وفي بلاد مثل سوريا واليمن وليبيا، قلص القتال من قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المجتمعات التي هي في حاجة ماسة إلى المساعدة.
وعندما لا يتم عمل ما يكفي لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، أو التعامل معه، بغض النظر عن وضعية الهجرة، يكون الشعور بتأثيرات ذلك على كل المستويات وفي كل جوانب المجتمع. ومن المعلوم بشكل واسع أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يشكل عائقا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الأهداف المتفق عليها دوليا، ومن ضمنها المساواة بين الجنسين وخفض الفقر.
وعلى الرغم من العمل المهم الذي يتم، فإن هنالك حاجة إلى المزيد؛ لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لدعم الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي بطريقة آمنة وفي وقت سريع، بغض النظر عن وضعية الهجرة، وكذلك العمل مع المجتمعات والحكومات لوضع قوانين وسياسات ونظم تضع حدا لهذا العنف، ولضمان عدم ترك أحد في الخلف.
ستستمر المنظمة الدولية للهجرة في العمل مع شركائها على إدماج العنف القائم على النوع الاجتماعي في استجاباتها الإنسانية لكل المجتمعات المتأثرة، كما تدعو كل متبرعيها للاستمرار في تقديم الدعم المطلوب بشدة لتحقيق ذلك.
رويترز