​​​​​​

ملاك المنازل المتضررة بسبب الحرب في عدن.. عام ومازال للقصة بقية

تحقيق/ إصلاح صالح
مكتب الأشغال يماطل في تنفيذ اتفاقية "العودة للمسكن" الموقعة مع الصندوق الاجتماعي
ملاك المنازل المتضررة بسبب الحرب في عدن.. عام ومازال للقصة بقية

رغم مرور 8 اشهر على تحرير مدينة عدن، والتوقيع على عقد بدء برنامج العودة إلى المسكن بين وزارة الأشغال العامة والصندوق الاجتماعي للتنمية، إلا أن مكتب الأشغال في عدن، لم يسلم بعد الإحصائيات بالمنازل المدمرة والمخططات للصندوق لبدء العمل، وتخفيف معاناة المتضررين الممتدة لأكثر من عام.


أرغمت معظم الأسر في مدينة عدن أثناء فترة الحرب على ترك منازلها مكرهه بحثا عن الأمان، بعد أشهر عصيبة أقلقت سكونهم، افترشت حينها تلك الأسر المدارس لأشهر عدة، والبعض غادر إلى خارج المدينة، وبعد تحرير المدينة كانت الحرب قد خلفت خسائر في الممتلكات والأرواح، ودمر عدد كبير من المنازل كليا أو بشكل شبه كلي ولا تصلح للسكن، مما اضطر ملاكها للجوء إلى الإيجار، عام مر على بدء الحرب العبثية التي شنتها مليشيا الحوثي وصالح على مدينة عدن، ولا زالت معظم تلك الأسر تتكبد فاتورة باهظة لدمار مساكنها، اليوم نلتقي بعدد من الأسر المتضررة كي نتلمس وضعها الحالي وننقل، من خلال هذه الأسطر معاناتها بعد الحدث وكيف استطاعت تجاوز تلك المحنة، إلى ذلك:

فرحة لم تكتمل
لم تكتمل فرحة أم عبدالله في بناء منزل في حي الأطباء بخورمكسر والاستقرار فيه مع زوجها وطفليها، غير سنة واحدة فقط بعد أن باعت كل ما بحوزتها، بعدها قضت الحرب الحوثية على تلك الفرحة وحولتها إلى دمار.
تروي أم عبدالله مأساة ذلك اليوم بحسرة شديدة: بعد عشر أيام على انطلاق عاصفة الحزم زادت الاشتباكات في الحي كانت الساعة 12 ظهرا أمرونا بمغادرة المنازل خلال عشر دقائق خرجنا نحن وجيراننا لكن كانت الطرق مقفلة منعونا من التحرك كان أطفالي يبكون في حالة خوف ورعب وذهبنا بعدها إلى بيت أهلي بالإنشاءات وبعد يومين هربنا إلى البريقه، وكان الحوثيين يبتزوننا أثناء التفتيش بكلمات جارحه وبأسلوب وحشي، ويوقفونا لوقت طويل وطائرة التحالف تحلق فوقنا، عشنا ساعات صعبة فقدنا الأمل بالحياة.
انتهت الحرب لكن إلى أين تلجأ أم عبدالله وأطفالها فالإيجار أصبح عبئ ثقيل عليهما بعد أن باعا كل ما يملكا لبناء المنزل، ولم يكن أمامهما سواء العودة إلى بقايا المنزل المتهدم.

تعويض مؤقت
في واحد مايو، ارتكبت مليشيات الحوثي وصالح، مجزرة مروعه استهدفت منطقة دار سعد التي كانت موقعاً لمجازر متعددة، الخالة فاطمة تروي تفاصيل واحد مايو الدام: في تلك الليلة ارتكب الحوثيين مجزرة في دار سعد، وسقط منزلنا بالكامل عدا أجزاء من المطبخ، وتم إسعافنا إلى المستشفى لكن إصابة زوجي كانت الأخطر نقل على أثرها إلى الأردن بعد أن اخترقت الشظايا الدماغ والقلب والرئة.
الخالة فاطمة وأفراد عائلتها العشرة، يقطنون في منزل للإيجار منذ لك اليوم، وكانت منظمة نرويجية قد ساهمت في دفع إيجار ثلاثة أشهر، لكن حُمّلت الخالة فاطمة مسؤولية الدفع لبقية الأشهر، وخرجت تبحث عن عمل تسد به رمق العيش في انتظار وعود إعادة إعمار منزلها والعودة إليه.

العيش فوق بقايا المنزل
صمدت عائلة محمد بن موسى رغم الاشتباكات القوية في ساحة العروض بخورمكسر، لكن انعدام الخدمات من كهرباء ومياه واتصالات أجبرتهم على مغادرة مسكنهم الأزلي على أمل العودة إليه مجددا.
وفي 27 رمضان زادت حدة الاشتباكات وأمطرت على المنازل قذائف ما أدى إلى سقوط المنازل فوق بعضها، وهذا ما حدث لمنزل محمد بن موسى حيث سقطت الأدوار العلوية للعمارة فوق منزله الأرضي ما أدى إلى تدمير جزء كبير منه.
وبعد انتهاء الحرب عادت الأسرة للمنزل ولكن بدأ غير الذي غادروه قبل أشهر، فلم يعد صالح للسكن، ومع ذلك بدأت بترميم جزء بسيط منه والسكن فيه، إلى أن تقدم الحلول لهذه الفئة المتضررة جراء الحرب.


الموت تحت أركام المنزل
عاشت عائلة الزوقري واحدة من أكثر المآسي إيلاماً التي شهدتها مديرية دار سعد، فتسببت قذيفة حوثية بهدم المنزل بالكامل على رؤوس أفراده السبعة، مما أدى إلى استشهاد الدكتورة هيفاء الزوقري، وتعرض عدد من أفراد العائلة لإصابات بالغة.
تقول الابنة إسهار: بعد هدم منزلنا بالكامل انتقلنا للعيش في منزل للإيجار، وكانت هناك وعود بتعويضنا لكن إلى الآن لم ترى النور.
وفي مديرية المنصورة طالت قذائف الحوثي في 7 يوليو منازل عمائر الجيش، واخترقت سقف أحد المنازل وانفجرت فيه مخلفة أضرار كبيرة في المنزل، وأزهقت خمسة أرواح من عائلة واحدة، ما أضطر بقية أفراد العائلة للعودة إلى قريتهم بمحافظة لحج بعد تدمير منزلهم.

خطوة أولى
وفي خطوة أولى وقعت اتفاقية بين وزير الأشغال العامة المهندس وحي أمان، ومدير الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن المهندس غازي أحمد على مشروع إعادة إعمار المباني السكنية وتأهيل الأضرار الجزئية ل 6 ألف مسكن في مدينة عدن والذي بلغت تكلفة العقد الأولي منه حوالي ملياري ريال.
وقال مدير الصندوق الاجتماعي غازي أحمد لـ عدن تايم: تم التوقيع اتفاقية التمويل لمشروع إعادة اعمار المساكن المتضررة من الحرب في عدن، مع وزير الأشغال العامة والطرق بتاريخ 15 مارس بمبلغ وقدره 4 مليون دولار أمريكي، ويشمل 10% نفقات التشغيل، ونوه إلى أن مكتب الأشغال العامة والطرق سوف يسلم لهم الوثائق الفنية وتشمل جداول الكميات والتكلفة التقديرية والرسومات الأساسية للمساكن، للبدء باتخاذ الإجراءات اللازمة.

اعمار مؤجل
مئات المنازل والمرافق العامة والخاصة دمرتها الحرب، و تعالت مؤخرا الأصوات مطالبين بتعويض هذه الشريحة من المتضررين والتماس همومهم، ورغم الوعود بإعادة إعمار المنازل المتضررة وتعويض أصحابها غير أن عملية الإعمار الكلي للمنازل المدمرة بشكل كامل لم تبدأ حتى اللحظة، رغم مضي أشهر على انتهاء الحرب.