​​​​​​

رئيس رابطة علماء ودعاة عدن: نقول لإخواننا قوات الجيش والأمن أنتم في خدمة الشعب لا الحاكم فلا تحملوا السلاح عليه

الشيخ/عمار بن ناشر رئيس رابطة علماء ودعاة عدن

عدن-خاص

رابطة علماء ودعاة عدن كيان تشكل في خضم التفاعلات الشعبية التي أحدثتها الثورة الشبابية السلمية المطالبة بإسقاط النظام، وبرزت في عدن كقوة فاعلة كونها تضم شريحة مهمة لها ارتباط وثيق ومباشر ودائم بكل فئات المجتمع العدني، الصحيفة التقت برئيس الرابطة الشيخ عمار بن ناشر لمعرفة المزيد عن نشاط وعمل هذا الكيان الوليد ومحور مهامه ومجال نشاطه فإلى التفاصيل.  

حاوره/ خالد الشودري

شكلتم مؤخرا رابطة علماء ودعاة عدن وانتخبت رئيسا لها.. من أين جاءت فكرة إنشاء الرابطة؟

هذا الكيان ( رابطة علماء ودعاة عدن ) استجابة للواجب الشرعي والضرورة الواقعية والمصلحة الوطنية , وتفاعلاً مع صرخات الناس ودعوتهم بضرورة أن يظهر العلماء والدعاة تفاعلاً أكثر مع مشكلات البلاد وهموم الناس بحيث ولا زال للعلماء والدعاة بحمد الله مكانة كبيرة في نفوس الناس كونهم أقرب إلى فهم الواجب الشرعي إزاء النوازل والتحديات والفتن وأقرب إلى تحقيق الأخلاق الإسلامية في والتزام الأمانة والعدالة والتحلي بالثبات والشجاعة وقول الحق ومناصرة المظلوم ومحاربة الفساد  لاسيما مع طول ما تنادوا إليه من نصرة الدين والدفاع عن حقوق المظلومين وإقامة الحق و الشرع والحرص على مصلحة الناس والوطن في حفظ مصالحة الدينية والدنيوية وحفظ مصالح الدين والنفس والعرض والمال ومحاربة مظاهر الفقر والجهل والتخلف وكلما يسئ إلى الحقوق والحريات العامة والكرامة الإنسانية ولا شك أن الرابطة تحقق وأجب الاعتصام والاجتماع ونبذ مظاهر التفرق والتنازع لا سيما وقد أجتمع أكثر الناس أهمية وخصوصية وهم العلماء فأن يد الله مع الجماعة ومن شذ ،شذ في النار وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية حيث كان للتفرغ أثره السيئة في تشويه صورة العلماء والدعاة وضعفهم وانصراف الناس عنهم الأمر الذي يصب في مصلحة أعداء الدين والدعوة في الداخل والخارج وفي مثل هذه الظروف الراهنة الحرجة والعصيبة يــتأكد هذا الواجب في إنشاء الرابطة والتي تشمل كافة الاتجاهات  والمدارس الدعوية وتسهم في تقريب الراء وتحيد المواقف وجمع الكلمة وإصدار البيانات العاجلة والإسهام في أداء واجب العمل والنصيحة والحسبة ونصرة المظلومين وتشجيع العلم والدعوة ومناقشة النوازل والمستجدات وبيان الواجب الشرعي إزائها وتصحيح المفاهيم والحفاظ على الهوية والثقافة والأخلاق الإسلامية 

هل ستستمر هذه الرابطة بعد الثورة في عملها أن أنها ستنتهي بنهايتها؟

أنشأت الرابطة لتستمر باستمرار أهدافها وهي أهداف إستراتيجية وليست تكتيكية وآنية وقد لمسنا من الأعضاء الحرص الظاهر على هذا الكيان وتحقيق أهدافها الكريمة كيف لا وهم طالما تغنوا به وتنادوا إليه تحت مصطلحات كثيرة (جمع الكلمة ورص الصفوف ولم الشعث وتوحيد الراية) وطالما دعوا على أعدائهم أن يشتت جمعهم ويفرق كلمتهم ويخالف بين قلوبهم كون التفرق سبب الفشل {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } (46) سورة الأنفال، وهو من سمات المشركين {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}  (31-32) سورة الروم، ومن صفات المنافقين {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} (14) سورة الحشر، وقد ذكر تعالى ضمن العذاب الإلهي {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} (65) سورة الأنعام، وهذا لا يتنافى مع حفاظ العلماء والدعاة على مدارسهم وأعمالهم العلمية والدعوية والإغاثية والخيرية واختلاف الرؤى والتصورات إلا أنها تحقق معنى الاجتماع في المتفق عليه والعذر والتناصح في المجتهد فيه من مسائل الخلاف السائغ.

وكون هذه الرابطة أنشأت في ظل هذه الأوضاع الراهنة فذلك لتأكيدها فكما يقال (إن المصائب يجمعن المصابين) وإذا لم يجتمع العلماء في مثل هذه الظروف فمتى؟ ثم إن من أولى واجبات الرابطة تقديم النصح الثورة الشبابية والمطالب الشعبية وترشيدها وتوجيهها ومنع أسباب انحرافها واختطافها وهي مهام لا تقف عند زمان وليس لها حد وهي على بدايتها وتواضعها إلا أنها تشكل لبنة طيبة تضاف إلى روابط هيئات علماء اليمن والجمعيات الإسلامية.

 لو تحدثنا عن فكرة وأهداف الرابطة والأنشطة التي قامت بها حتى الآن؟

سبق الكلام عن الفكرة من إنشاء الرابطة والهدف من إنشائها بما يغني عن إعادته أما الأنشطة التي أقامتها فالرابطة في بدايتها لكنها أسهمت في إصدار بيانات تدين أعمال القتل والجرائم التي تمارس ضد المظاهرات والاعتصامات السلمية وأوصت الأطراف بالالتزام بأخلاق الإسلام في الحفاظ على مصالح الناس والوطن وأعلنت مناصرتها للمطالب الشعبية والإسراع في تسليم السلطة سلميًا ولبعض أعضاء الرابطة مشاركات مشهورة في ساحات المظاهرات وللرابطة موقع يتابع أعماله أولاً بأول والحمد لله.

ما هو موقف رابطة العلماء والدعاة من ثورة الشباب السلمية؟

موقف الرابطة من ثورة الشباب السلمية ومطالب الشعب بالتغيير هو موقف المساندة والمباركة كونها مطالب مشروعة تحفظ للناس مصالحهم وحقوقهم ودينهم ودنياهم وكرامتهم والحياة الكريمة في حاضر الأجيال ومستقبلها إلا أن الرابطة تلتزم الشريعة في الإصلاح والتصحيح والتغيير فهي كما تدعوا الشباب إلى الصبر والثبات والبذل وتزيل الشبهات وتصحح المفاهيم فهي أيضًا تمنع ما قد يتلبس في الثورة من تجاوزات ومخالفات شرعية لا تسلم الأعمال منها غالبًا لا سيما مع اختلاف الاتجاهات وإن اتفقت الغايات.

لوحظ في الأيام الأخيرة ظهور بعض الممارسات الخاطئة مثل حمل السلاح وقطع الطرق وإحراق الإطارات ما هو رأي الشرع في ذلك؟

هذه الأعمال مخالفة للشرع ودخيلة على أخلاق اليمنيين لا سيما أبناء محافظة عدن المعروفين بكونهم أقرب إلى المدنية إلا أن أكبر أسباب هذه المظاهر هي الثقافة الدخيلة والجهل وبعض التجمعات المخترقة والتي تستغل بعض السفهاء والجهال والمندفعين بغية خدمة مصالح بعض المتنفيذين والذين يدفعونهم بدافع المال أو العصبية أو الانتقام وتصفية الحسابات وتشويه صورة الثورة تمهيدًا لقمعها وحرف مسارها وخلط أوراقها وهذه الأعمال ولا شك محرمة لما تتضمنه من الإفساد في الأرض والتخريب وترويع الآمنين والأضرار المادية والصحية كما قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب، هذه الأعمال هي جزء من الفساد التي جاءت الثورة لمحاربته ولا يجوز أن يواجه الباطل بالباطل وكذلك كما تكون الأهداف مشروعة فالوسائل ينبغي أن تكون كذلك وهناك تجاوزات يمكن تداركها كما أنها مدانة وتبقى بأقل بكثير من تجاوزات المتنفيذين في السلطة وخلاف الأصل العام والحمد لله.

ما هو موقفكم من القضية الجنوبية وما هي الحلول برأيكم التي ستكون مرضية لأبناء الجنوب؟

المظاهرات والاعتصامات السلمية ليس من الخروج على ولاة الأمر لأن الفقهاء اشترطوا في الخروج أن يكون بالسلاح وهذه مجرد مطالب مشروعة وإنما ارتفعت وثيرتها حينما سفك الدم الحرام ومعلوم في الفقه السياسي الشرعي وجوب عزل الحاكم بالسفه والعجز وعدم الكفاءة والأهلية وذلك من جهة أهل الحل والعقد فإذا عطل مجلس النواب لعدم توفر انتخاب حرة ونزيهة شرع لأهل الحل والعقد من العلماء والساسة والمثقفين المخلصين المطالبة بالعزل لحفظ مصالح الناس في دماءهم وأموالهم وأعراضهم إذ الفساد المالي والإداري يفضي إلى الفتن والتخلف والظلم والهلاك وتمزق البلاد وتذهب مصالح التعليم والصحة والحياة الكريمة فيشترط في عدم الخروج على السلطان ألا يخرج هو عليهم بتعطيل ما نصبوه لأجله فهو ولي أمرهم وليس مفسدًا ولهذا سبق قوله تعالى {...وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59) سورة النساء قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} (58) سورة النساء، ثم أمر بالرد إلى الكتاب والسنة عند التنازع في نفس الآية: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ..} (59) سورة النساء، أما الصورة الأخرى بطاعتهم فهي مقيدة فيما لو أقاموا الدين والعقل لما رواه البخاري عن معاوية (الأئمة من قريش ما أقاموا فيكم الدين) (اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبدٌ حبشي..ما أقام فيكم كتاب الله).

أما حديث مسلم (اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) فهو حديث ضعيف رواه في المتابعات وهو منقطع ضعفه الدار قطني والوادعي والألباني ولو صح لكان لو ضرب الظهر بحق وأخذ المال بحق لعموم الأحاديث في أن من قتل دون ماله أو عرضه فهو شهيد وفسر النووي في شرح مسلم (إلا أن تروا كفرًا بواحًا) أي معصية ظاهرة إذا لا يعقل تحريم الخروج على من انتهك الأعراض وسفك الدماء فالإسلام لا يؤصل ثقافة الخضوع والخنوع لكن يراعي في كل ذلك شروط المصلحة والمفسدة وشرط الاستطاعة وفي الأحاديث الصحيحة (أفضل الجهاد عند الله كلمة حق ـ عدل ـ عند سلطان جائر) (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) فقال (جائر) والنصوص الآمرة بالصبر فتحمل على أئمة العدل وحيث لا قدرة ولا استطاعة على العزل أو في المفاسد القليلة المحتملة الصادرة عن أمر اجتهاد أو نوع هوى فالمظاهرات تدل في باب الوسائل التي لها حكم المقاصد ولو افترضنا صدورها عن التجارب الغربية فليس حكرًا عليهم فالحكمة ضالة المؤمن وليست من البدع لأنها ليست من باب العبادات بل العادات والوسائل والتشبه المحرم بالكفار منحصر في باب العقائد والشعائر التعبدية وزاد بعضهم ما كان من خصائصهم ومميزاتهم فحسب وهي اليوم مشهورة ونتائجها مباركة في فلسطين وتونس ومصر وليبيا واليمن والحمد لله وقد ظهرت بركتها في منع سياسة التمديد والتوريث وتوفير فرص العمل وذلك قبل سقوط النظام فكيف بعدها؟

ومنع الظلم ونصرة المظلوم واجبات شرعية والبراءة من الظلم وأهله فغن الله لا يحب الظالمين الظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ولا يجوز محبتهم ولا الركون إليهم كما في آيات القرآن وقد يحفظ الله بلاد الكفر بالعدل ولا يحفظ بلاد الإسلام بالظلم كما قرره العلماء فتدارك بلداننا من الهلاك واجب شرعي وضرورة واقعية فليتقي الله علماء السوء!!.

هل لديكم موقف معين تجاه القضية الجنوبية و الحلول المطروحة؟

ليس عندنا من شك في عدالة مطالب أبناء الجنوب والقضية الجنوبية كون فساد السلطة طالها كما طال غيرها بل إن هذه القضية هي المحرك الأول للثورة وأبناء الجنوب ابتداءً هم الذين شعروا بالهضم والظلم والأثرة وغياب التوزيع العادل للثروة وفرص الدراسة والتوظيف بل نحوا من كثير منها وقدم غيرهم لإعتبارات حزبية وشخصية وقبلية وسياسية مما ولد التوتر والاحتقان وهدم السلم الاجتماعي والأمن الداخلي فكانت الشرارة التي أيقضت سائر المحافظات للمطالبة بحقوقهم لا سيما مع مخالفة الشروط المتفق عليها عند قيام الوحدة وكون الجنوب ترك بلادًا وثروة لأبناءها ولم يعتادوا على الأسلوب العسكري والقبلي في إدارة البلاد من أيام الاحتلال البريطاني والحزب الاشتراكي ولم يعرفوا الحكم بهذه العقلية الغربية عليهم كل الغرابة ولهذا كان من محاسن الثورة السلمية تسمية جمعة من جمعات الثورة (الوفاء للجنوب) وجعل القضية الجنوبية من أولى أولوياتها والذي تطرح فيها قضية الفدرالية والحكم المطلق كامل الصلاحيات المحلي وإعادة صياغة الوحدة على أساس وثيقة العهد والاتفاق وكل الخيارات يمكن قبولها شريطة ضمان عدم تهديدها للوحدة والأمن وضمان تطبيقها في الواقع على أساس الدولة المدنية القائمة على ثوابت الشريعة الإسلامية دولة المؤسسات والقوانين والتي يكون فيها الحاكم نائب عن الشعب لا عن الرب ولا نخضع لنظام القبيلة والعسكر.

  أخيرًا ما هي كلمتكم لكل من الشباب والعلماء وأفراد القوات المسلحة والأمن؟

نقول لإخواننا الشباب أنتم نواة ورواد الثورة وقلبها النابض وأدواتها الفاعلة بارك الله فيكم الزموا الثبات واعتبروا بمنهجية أهل العلم والسياسة المخلصين  واحذوا الاختراق والافتراق وانحراف الشعارات والأهداف فالثورة ثورتكم وأبر أهدافها تصب في مصلحتكم قدمتم لأجلها أرواحكم فلا تضيعوها بتنازعكم وتهوركم.

ونقول لإخواننا العلماء لئن قصرتم فيما مضى فلا تضيعوا فيما بقى (العلماء ورثة الأنبياء) في توفير القدوة الحسنة والقيادة الصالح وحفظ المصالح الكلية في الدين والنفس والعقل والعرض والنسب والكرامة والاجتماع والمال الزموا الجماعة وانبذوا الفرقة وقوموا بأمانة العلم والتزموا فهم السلف في البذل والنصيحة والجهاد والحسبة والأخلاق فأنتم خير البرية وذلك لمن خشي ربه وأنتم أولى الناس بكل فضيلة لأنكم أقرب الناس إلى الحق والشرع والدين ومناهج الرسل والنبيين.

ونقول لإخواننا قوات الجيش والأمن أنتم في خدمة الشعب لا الحاكم أو الأسرة أو الحزب فلا تحملوا السلاح على الشعب بل له وأخضعوا لرأي الشرع والمسئولية يوم القيامة فردية {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7-8) سورة الزلزلة}، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (95) سورة مريم ومطالب الشعب هي أيضًا مطالبكم وثورته ثورتكم وأبناء الشعب أبناءكم وإخوانكم وعزة البلد عزتكم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وحققوا العبودية والطاعة لله في مواقعكم فاحفظوا الله يحفظكم ولا تؤتى نهضة البلاد من قبلكم وانصروا الله ينصركم..