​​​​​​

الثورة والفكاهة

سمير عطية*

تتفاعل الأحداث و تصل أحياناً إلى مفترقات طرق درامية. "الشعب يريد" إلا أن مايريده لا يحصل فوراً. الصبر مطلوب، والتصميم إلا أن الإبقاء عليهما حتى الوصول إلى الهدف لا يعني فقط الجدية، بل أيضاً الفن والفكاهة و الابتكار.

ليس هناك أقوى من الفكاهة كسلاح في يد الشعوب العربية، والمصريين بشكل خاص، يسخرون من كل شيء:من حكامهم ومن أنفسهم، من ترددهم و من تشنجاتهم، حتى الدينية و الطائفية منها.

وفي خضم المعارك أو الإحباط يخرجونها ليعلنوا أنهم هنا، أنهم أحياء، أن النبض مازال في عروقهم، أن الروح مازالت في داخلهم، والفكاهة في صلب هذه الروح.

الفكاهة فن وابتكار فهي تستطيع أن تعبر، بصورة، بكلمة، بموقف..و كذلك بشعار مكتوب على يافطة مزرية، عن مشاعر وأحاسيس، وتنقلها إلى الآخرين.

"الشعب يريد" و يريد أن ينقل رسالته إلى إخوانه في مصر والعرب، عبر يافطات صغيرة تعبر عن الهموم العادية للحياة اليومية.

أريد أن أتزوج، أن أذهب للمدرسة، أن أستحم أو أن أقص شعري..فارحموني و اجعلوا التاريخ يتقدم خطوة. وإذا كانت العربية لا تكفي، فهاهو يتبنى شعارات بلغات أخرى، تحمل الرموز و القوة ذاتها "ارحل" العربية لم تكن كافية فجاءت "degage" التي تلفظ "ديجاج" بالعربية بنوع من التهكم حتى على هذه الاستعارة. هكذا وصلت الرسالة إلى فرنسا و العالم،و بقوة، إلى درجة أن مجلة فرنسية طالبت باستعادتها في موقعها "الصحيح" رغبة الأوروبيين في التغيير التي ربما ستوقظها الشعوب العربية.

هذا هو الفارق الكبير بين الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية و فكاهة الشعب المصري فالرسامون الدنمركيون أرادو أن يضحكوا وحدهم بل أن يسخروا من المسلمين، وهذه رسالة مغلقة، لا تضحك، ولا تذهب بعيداً المصريون كانوا أكثر عالمية، وأوصلوا رسالتهم واضحة ليس فقط لكي يضحكوا وهم من يتكلم العربية بل كي يتضامن العالم كله مع رسالتهم و هذا فرق شاسع.

أيتها الشعوب العربية، ابتكري، واخترعي نكاتاً، فإرادتك وروحك الطيبة قد أدخلتك. . التاريخ.

*رئيس البيت الفلسطيني للشعر