​​​​​​

علي ناصر محمد: النظام كان يعتمد حكم البلاد عن طريق الأزمات و اليمن سيكون أفضل بعد رحيل صالح

عدن أونلاين/ متابعات - السياسية الكويتية

يرى الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد ان مستقبل اليمن سيكون افضل بعد رحيل الرئيس علي عبدالله صالح عن الحكم ويتهم النظام الحالي بافتعال الازمات من اجل ابقاء سيطرته على البلاد, وفيما يؤكد انه لا يسعى الى دور في السلطة او الترشح لرئاسة الجمهورية يؤكد ان شباب الثورة وحدهم من يستطيع تحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة ، وقال في حديث الى " السياسة" :  كما يبدو من تطور الاحداث ان هناك قوى متنفذة داخل بقايا النظام تتمترس خلف السلاح والقوة وتمنع الانتقال السلمي للسلطة وتلقى تشجيعاً من بعض القوى في الداخل والخارج،  وفي ما يأتي نص الحوار:

 

كيف تقيمون الوضع في ظل التطورات التي يمر بها اليمن؟

نحن أمام حالة لم يسقط فيها النظام نهائياً رغم انهيار العديد من مؤسساته البرلمانية والحكومية وانشقاق بعض رموز الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي) وانضمامهم الى ثورة شباب التغيير السلمية, وانحياز قادة عسكريين بارزين ووحدات عسكرية الى جانب الثورة, وإصابة الرئيس وعدد من أركان حكمه في حادثة النهدين حيث يتلقون العلاج في السعودية, كما أن السلطة لم تنتقل الى نائب الرئيس بموجب الدستور الذي تنص المادة (116) منه على انتقال السلطة الى نائبه في حال عجزه عن تأدية مهامه, وهو فعلاً في حال عجز سياسي ومرضي معاً.

 فيما يبدو ان الأمر لم يحسم بعد بسبب إمساك أولاد الرئيس وأخوته بالمؤسسة الأمنية: الحرس الجمهوري, القوات الخاصة, الأمن المركزي, الأمن القومي وبعض الوحدات المسلحة التي لم تعلن تأييدها للثورة بعد, وأيضاً بسبب التدخلات الإقليمية والدولية التي تسعى إلى ترتيب الأوضاع في اليمن لصالحها وتطويق الثورة السلمية في اليمن لكي لا تحقق هدفها في إسقاط نظام علي عبد الله صالح, لكن شباب الثورة مصرون على فرض شرعية ثورتهم ويحضرون لتشكيل مجلس انقاذ وطني ومجلس رئاسي لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية, تستطيع القول أن هناك سباقاً اليوم بين الثورة لكي تفرض شرعيتها وتستكمل مهمتها في إسقاط النظام واحداث التغيير الذي يريده الشعب اليمني, وبين بقايا قوى النظام وقوى اقليمية ودولية يهمها افشال الثورة أو على الأقل الالتفاف عليها, وترى ان من مصلحتها بقاء هذا النظام مع أنه لم يعد يشكل ضمانة للأمن والاستقرار ليس في اليمن وحده بل في المنطقة والعالم. 


ما موقفك من الثورة ضد النظام اليمني الحاكم؟ 

موقفي هو الى جانب ثورة الشباب والشعب السلمية وقد أعلنته منذ بداية انطلاق الثورة في مواقفي المعلنة والصريحة, وفي العديد من الرسائل والخطابات التي وجهتها الى شباب الثورة والشعب في ساحات الحرية والتغيير, وفي المقابلات التي أجريتها والبيانات التي أصدرتها سواء منفرداً أو مع شخصيات سياسية واجتماعية يمنية, أنا قلباً وقالباً مع ثورة شباب التغيير والشعب السلمية وهذا الموقف هو مبدئي بالنسبة لي ولا أبحث فيه عن دور لنفسي بقدر ما يهمني البحث عن حل لمشكلة الوطن والمواطن, ويتسق مع تاريخي ونضالي طوال قرابة نصف قرن من العمل السياسي منذ انخراطي في الكفاح المسلح من أجل استقلال الجنوب عام 1967, ومن أجل بناء الدولة اليمنية الحديثة, وأيضاً من أجل الوحدة والحياة الحرة الكريمة.

 

هل تؤيد الاحتكام الى لغة الحوار بدلاً من لغة العنف من أجل الوصول الى التغيير المنشود وتحقيق ما يتطلع اليه الشعب اليمني؟

نعم بكل تأكيد, وأنا دائماً أدعو الى تحكيم لغة العقل ولغة الحوار بدلاً من العنف في الصراعات السياسية, وقد توصلت الى هذا عن تجربة. فقد مر شعبنا في اليمن بصراعات وحروب داخلية في الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة وبعدها وبين الشمال والجنوب كما حدث في حربي عامي 1972 و1979 م أو في حروب المنطقة الوسطى وفي حرب صيف العام 1994 الظالمة ضد الجنوب والتي أجهضت المشروع النهضوي الحضاري لدولة الوحدة اليمنية, أو في حروب نظام صالح التي تعرضت لها صعدة خلال السنوات الأخيرة, أو قمع النظام للحراك السلمي الشعبي الجنوبي المستمر منذ أربع سنوات, كل تلك الصراعات والحروب وقبلها الحروب الأهلية الطويلة التي دامت سبع سنوات بين الجمهوريين والملكيين علمتنا أن الحوار هو السبيل الأمثل لاحداث أي تغيير لتحقيق ما يطمح اليه شعبنا اليمني من عزة وحرية وكرامة وعيش كريم, كما أن مشكلات لبنان وجنوب السودان لم تحل الا بالحوار بين أطراف الصراع.

لقد قدمت ثورة شباب التغيير والشعب السلمية الأخيرة نموذجاً رائعاً لمدى الوعي الذي وصل اليه شعبنا في اليمن عندما حكم الخيار السلمي سبيلاً لاسقاط النظام واحداث التغيير المنشود. واذا تابعنا أحداث هذه الثورة العظيمة سنجد أنها حافظت على طابعها السلمي رغم ما جوبهت به من قمع وبطش من أجهزة أمن السلطة وبلاطجة النظام ومن محاولات لحرفها عن خطها السلمي وهذا يحسب لها خصوصاً اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هذه الثورة حدثت في اليمن التي حسب التقديرات يملك شعبها نحو ستين مليون قطعة سلاح, لكن الناس تركوا أسلحتهم في بيوتهم ولم يلجأوا الى اخراجها واستخدامها حتى بعد أن قتلت السلطة المتظاهرين السلميين, وفي هذا تكمن عظمتها وعظمة الشعب اليمني.


 ما الرسالة التي تودون ايصالها الى الرئيس علي عبد الله صالح؟

على الصعيد الانساني أتمنى له الشفاء من الله العلي القدير, أما رسالتي له فقد وجهتها له علناً في تصريحاتي ومواقفي التي دعوته فيها الى الاستجابة لطموحات الشعب في التغيير والتنحي وتسليم السلطة سلمياً وأيضاً عبر أحد مستشاريه المقربين, وقد قلت له فيها ان تركت السلطة فهذا ليس نهاية الحياة, فقد جربنا السلطة وتركناها ومع ذلك احتفظنا بالحياة الكريمة والاحترام وما زلنا نقوم بدورنا لصالح الوطن والشعب من خارج السلطة.

الرئيس علي عبد الله صالح حكم اليمن أكثر من أي حاكم آخر (نحو 33 سنة) وقد أدى دوره بصرف النظر عن اتفاقنا مع بعض سياساته أو اختلافنا معها, وقد وجد الشعب اليمني أن الوقت قد حان للتغيير, والشعب اولاً واخيراً هو صاحب السلطة الحقيقية, وما نحن الا خدم له نؤدي وظيفة عامة لمصلحته ومصلحة الوطن ولسنا أوصياء عليه،

هناك ظروف تتغير, ولكل زمن ودولة رجالها,, ولا يمكننا معاكسة الزمن وارادة الحياة والتغيير, وهناك مثل أو حكمة تعجبني وينبغي أن يأخذ بها كل حاكم بعين الاعتبار وهي: "لو دامت لغيرك ما آلت اليك!" ولهذا أقول وأطالب أولاده وأقاربه ان يتركوا التمترس في قصر الرئاسة والحرس الجمهوري والقوات الخاصة وأن يسلموا السلطة وقصر الرئاسة لنائب الرئيس فهذا القصر ليس ملكاً لهم وعليهم ان يستفيدوا من دروس وعبر ما جرى في تونس ومصر ودول أخرى.


 ماذا تقولون للشعب الذي يناضل من أجل الحرية؟

أقول له بأنه شعب عظيم جدير بالحرية وبالحياة والكرامة, وقد اثبت خلال العديد من المراحل أنه يدرك مسؤوليته الوطنية والقومية, وليس في غفلة عما يحيط به من مخاطر داخلية وخارجية, وانه شعب يعرف كيف يصبر على الظلم رغم كل عوامل الكبت والقهر وضغط الظروف المعيشية, لكن لصبره حدوداً, وعندما يثور لا تستطيع أي قوة في الدنيا الوقوف في وجهه, أقول له أن صبره وثورته الشعبية السلمية ستثمران وسوف يحقق طموحاته وتطلعاته المشروعة, وعليه أن يكون على أهبة اليقظة والاستعداد حتى لا يلتف عليها الأعداء والمتربصون في الداخل والخارج.


 كيف تقيمون انقسام الشعب اليمني ما بين مؤيد ومعارض لاسقاط النظام؟ 

لا يوجد انقسام في الشعب اليمني, الشعب بأغلبيته الساحقة ان لم يكن كله مع الثورة واسقاط النظام, الصراع هو ما بين هذه الأغلبية التي تقف بملايينها في نحو 17 محافظة يمنية في ساحات الحرية والتغيير تطالب بإسقاط النظام منذ أكثر من أربعة أشهر وما بين أقلية مرتبطة بالنظام تخشى فقدان مصالحها التي تكونت لها خلال 33 عاماً من حكم الرئيس علي عبد الله صالح وبيدها السلاح وتستخدم القوة للدفاع عن بقائها ومصالحها, أما الشعب فهو مع الثورة ويقدم التضحيات في سبيل انتصارها وهو متمسك بحقوقه وتحقيق تطلعاته ومصالحه المشروعة التي يجدها في تغيير النظام.


 ما مدى فعالية المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة الحالية؟ 

كما تعرفون فقد مرت المبادرة بمراحل عدة جرت عليها تعديلات منذ نسختها الأولى التي كانت تنص على رحيل الرئيس صالح وقد انسحبت منها دولة قطر, ثم أعلنت دول المجلس تعليقها بعد رفض صالح التوقيع عليها, ثم عادت وأعلنت احيائها بعد الاصابة البالغة التي تعرض لها الرئيس ورفضتها المعارضة الرسمية التي سبق ووقعت عليها, وأعلنت أن الزمن قد تجاوزها, أما شباب الثورة فقد رفضوها منذ البداية ورأوا أنها لا تلبي طموحاتهم ومطالبهم في تغيير النظام. اليمنيون ينتظرون من الخليجيين دوراً أكبر في دعم تطلعات الشعب اليمني المشروعة في الحرية والتغيير, وفي هذا دعم لأمنهم واستقرارهم أيضاً وليس لليمن وحده فقد كانوا طوال 33 عاماً على صلة حسنة مع النظام وقدموا له كل أشكال الدعم السياسي والمادي الذي ذهبت غالبيته بكل أسف ليس للتنمية وتحسين مستوى الشعب اليمني بل الى أرصدة وبنوك في الخارج لبعض المسؤولين كما أشارت وثائق ويكيكس نقلاً عن مسؤول خليجي, واعتقد ان بعد تجربتهم الطويلة في اليمن يمكنهم استخلاص الدروس ويؤدوا دوراً أكبر ويكونوا على مقربة من الشعب اليمني ومصالحه وتطلعاته المشروعة مستقبلاً.

 

كيف تنظرون الى الموقف الغربي من الأزمة اليمنية وبالتحديد من موقف صالح في السلطة أم لا؟

الخارج ليس بعيداً عما يجري, ولا أريد أن يفهم من هذا أن الثورة في اليمن تمت بدفع من قوى أجنبية كما أراد النظام أن يتهم شباب ثورة التغيير السلمية, ما اقصده أن الغرب يتابع عن كثب ما يجري في اعلان دول الغرب وفقاً لأهمية موقع اليمن حيث يحظى اليمن بأهمية حيوية بالنسبة الى الأمن الاقليمي والدولي وأيضاً من منطلق حربها ضد ما تسميه ارهاب القاعدة ودور اليمن فيه, فالتصريحات الأخيرة واعلانهم دعم المبادرة الخليجية كلها تدل على هذا الاهتمام, وما أريد أن أقوله أن دور العامل الأجنبي يكبر أو يصغر بقدر ما يصغر دورنا أو يكبر, فبقدر ما نمتلك الارادة نستطيع امتلاك مصائرنا واقصد هنا الشعوب التي لا تستطيع أي قوة خارجية أو داخلية كسر ارادتها.


 بماذا أثمر اللقاء التشاوري الجنوبي حول الأزمة اليمنية الراهنة والذي شاركتم به؟

ان اللقاء شكل فرصة تاريخية لاستكمال مشروع التصالح والتسامح بين الجنوبيين والذي بدأ عام 2006 من جمعية أبناء ردفان, وخرج برؤية موحدة حول الأوضاع الجارية في اليمن, وبرؤية لحل شامل لأزمته الراهنة وكذلك القضية الجنوبية العادلة وحلها في اطار دولة اتحادية, وأكد اللقاء على ان الحراك السلمي الشعبي الجنوبي هو الحاضن لتلك القضية واكدوا مشاركتهم الايجابية والبناءة في ثورة التغيير السلمية والجهود المخلصة لانقاذ اليمن من المنزلقات والمخاطر التي يخطط لها النظام لجر البلد اليها.


 ما الأولويات التي يجب أن يتم التعاطي معها في حالة سقوط النظام وذلك من أجل الانتقال باليمن الى الديمقراطية المنشودة؟

ستكون البلاد أمام تحديات جدية بعد سقوط النظام لكي تخرج من حكم الفرد الواحد والقبضة الأمنية الى دولة القانون والمؤسسات وتدفع باتجاه قيام نظام ديمقراطي عادل, ودولة مدنية حديثة عليها أن تعزز حضورها وهيبتها وتستعيد مشروعها الوطني الحضاري الذي أجهض على يد النظام. كما أنها ستواجه استحقاقان في غاية الأهمية لا يقبلان التأجيل أو التسويف هما ايجاد حل للقضية الجنوبية العادلة وقضية صعدة والحوثيين والذين تعرضوا لمظالم حقيقية في الحقوق السياسية والمدنية والعسكرية والأمنية والاجتماعية التي هددت الوحدة الوطنية واليمنية معاً ولكل منهما قوة وجودها وخصوصيتها وتاريخها وظروفها ومشروعيتها التي تفرض نفسها على الأوضاع ما بعد سقوط النظام, وهناك أيضا تحدي القاعدة والارهاب, وهي في جزء منها استخدمت وأديرت من قبل النظام لابتزاز الولايات المتحدة والغرب كما يحدث اليوم في زنجبار وشبوة ولحج وأخرها هو تهريب المعتقلين المتهمين بالارهاب من سجن المكلا, كما جرى قبل ذلك تهريب المتهمين في قضية تفجير المدمرة "إس. إس. كول" من سجن الأمن السياسي في صنعاء عام 2006 وهم يتحركون بعلم السلطة وبمالها وسلاحها لكي يبقوا اداة ارهاب وبعبع للغرب, وبزوال النظام فان هذه التنظيمات لن تشكل المستوى نفسه من الخطورة لأنها ستفقد راعيها الرسمي, ثم هناك تحدي الاقتصاد والتنمية والبطالة وهي لا تقل أهمية وخطورة, وكلها تحديات كبيرة وتتطلب الكثير من العمل والجهد.

 

هل ستقومون بالترشح للانتخابات الرئاسية في حال اسقاط النظام؟

سبق وقلت في ردي على أحد أسئلتك أنني مع ثورة شباب التغيير والشعب السلمية وأني لا أبحث عن دور لنفسي بل ان هذا موقف مبدئي بالنسبة لي, بقدر ما ابحث عن حل لمشكلات وطني وشعبي, لدي قناعة بأن جيلاً جديداً في اليمن ينبغي له أن يستلم مسؤولية المرحلة الجديدة بعد الثورة,وهذا الجيل يتمثل اليوم في شباب ثورة التغيير السلمية, جيلنا أدى ما عليه وبقدر ما استطاع من طاقة, وكان بحق جيل التضحيات العظيمة من أجل قيم الحرية والثورة والاستقلال والوحدة, حققنا نجاحات وانتصارات في مراحل كثيرة وأخفقنا في مراحل أخرى بسبب صعوبات وعراقيل بعضه موضوعي وبعضه ذاتي, ولن نبخل في نقل تجاربنا الى الجيل الجديد لكي تكون نصب عينيه وهو يخوض تجربته في الحكم فيستفيد من ايجابياتها ويتجنب سلبياتها, ويجب أن لا يقبل باستبدال رئيس برئيس وإنما بإسقاط النظام ورموزه الفاسدة الملطخة أيديهم بالدم والفساد ولدي ثقة أكيدة بقدرات هذا الجيل لكي يحقق أهداف ثورته السلمية في بناء دولة مدنية حديثة وطموحات الشعب اليمني في الحرية والكرامة والعيش الكريم وكل الطموحات الكبيرة متسلحاً بالعلم والعمل.

 

ما رأيكم بالتغيير الجذري الذي طال بعض أنظمة الحكم في الدول العربية؟

التغيير الذي تحقق حتى الآن هو اسقاط رؤوس تلك الأنظمة, وهو هدف رئيسي عظيم لا يمكن التقليل من أهميته, فقد أزاح الشعب في مصر وفي تونس عن كاهله نظامين استبداديين عانى منهما كثيراً, لكن التغيير الحقيقي في التحول الى الديمقراطية, وتصفية تركة سنوات من القهر والاذلال واستعادة حقوقهما المنهوبة يحتاج الى وقت لكي تحقق هذه الثورات التغيير الذي تنشده الشعوب. 


في ظل التحرك الشعبي, برأيكم الى أين يتجه اليمن؟

من دون التقليل من حجم المشكلات والمخاطر التي ستواجه البلاد نظراً الى ثقل التركة الناجمة عن النظام فان اليمن سوف يتجه الى مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية, وانهاء نظام علي عبد الله صالح مناسبة جيدة للقيام بتغييرات حقيقية على صعيد بنية النظام السياسي واجراء اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية حقيقية تتفق ومصالح الشعب اليمني وتطلعاته في الحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة وحل كل المشكلات والأزمات التي كرسها النظام طوال 33 عاماً من حكمه.


 هل تعتقدون ان عدوى الثورات قد طالت اليمن, أم ان التغيير كان سوف يكون عاجلاً أم آجلاً سواء حصلت الثورات في تونس ومصر ام لم تحصل؟

الثورة ليست عدوى مثلها مثل المرض يمكن ان ينتقل بالعدوى, كما انها ليست موضة يمكن ان تقلد, الثورة هي حالة أخرى تماماً لها عواملها الداخلية كما لها عواملها الخارجية المساعدة, تصوير الثورة السلمية الحالية في اليمن بالعدوى أو التقليد لثورتي تونس ومصر فيه ظلم شديد للثورة وللشعب اليمني وقدرته على الدفاع عن مصالحه وحقه في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة.

 هناك جملة عوامل تراكمت في اليمن كان من شأنها كلها مجتمعة ان تؤدي الى تفجر ثورة شباب التغيير والشعب السلمية, وهذه العوامل أدت الى نوع من الأزمة الشديدة الخانقة التي استحال معها اجراء أي نوع من الاصلاح رغم ما بذلته المعارضة من جهود في هذا السبيل, الأمر الذي نتج عنه استحالة التعايش مع هذا النظام والمباشرة في اجراء التغيير عن طريق الثورة.


كيف ترون اليمن ما بعد علي عبد الله صالح, هل ستنطلق البلاد نحو الفوضى والتخريب؟

اذا أخذنا بعين الاعتبار ان النظام كان يعتمد سياسة حكم البلاد عن طريق خلق الأزمات وادارتها وليس حلها, وان هذه السياسة قادت اليمن نحو عدم الاستقرار وانهيار الاقتصاد والعديد من الأزمات والحروب (ست حروب في صعدة) أدت الى الآف القتلى والجرحى والدمار, وتقويض الوحدة عن طريق الحرب على الجنوب وأبعاده عن الشراكة الوطنية في السلطة والثروة والغاء هويته وتاريخه, وهضم الحقوق السياسية والمدنية والانسانية للعديد من محافظات البلاد وغيرها من المظالم, اذا أخذنا بعين الاعتبار كل ذلك, فان البديل سيكون أفضل بالتأكيد,لان العامل الذي كان السبب في أحداث كل هذه الأزمات والحروب سيزول من الوجود, وبالتالي فلا مجال للفوضى والتخريب.

,

 هل تتوقعون تشكيل مجلس رئاسي انتقالي في خضم هذا الأسبوع بعد الاصابة البليغة التي طالت الرئيس علي عبد الله صالح؟

كل القوى تتفق على ان يتم نقل سلمي وآمن لسلطات الرئيس الى نائبه اللواء عبد ربه منصور بموجب الدستور الذي تنص المادة (116) منه على نقل السلطة الى نائب الرئيس في حال عجز الرئيس عن ممارسة سلطاته ومهامه وهذا ما هو عليه الواقع حالياً, وكما يبدو من تطور الأحداث ان هناك قوى متنفذه داخل بقايا النظام تتمترس خلف السلاح والقوة تمنع هذا الانتقال, وربما ايضاً تلقى التشجيع الخفي من بعض القوى خارج اليمن.

وفي المقابل هناك موقف شباب ثورة التغيير والشعب السلمية الذي يطالب بتشكيل مجلس انقاذ وطني ينبثق عنه مجلس رئاسي يتسلم أمور البلاد خلال فترة انتقالية يكون من مهامه وضع دستور جديد والاستفتاء عليه, والتحضير الانتخابات رئاسية وبرلمانية, وحل المشكلات والقضايا الجوهرية العاجلة وأهمها حل القضية الجنوبية العادلة ومشكلة صعدة والحوثيين وغيرها من الأمور, هناك حراك سياسي في الداخل والخارج يتقاطع مع هذين الموقفين, ونأمل ان يصل الجميع الى رؤية مشتركة تؤدي لضمان مصالح ثورة الشباب والشعب السلمية وتطلعاتهما المشروعة دون التفاف.