كاك بنك يكرم موظفي إدارة العمليات المركزية في البنك
كرم بنك التسليف التعاوني والزراعي «كاك بنك» موظفي إدارة العمليات المركزية، تقد...
البيان - محمد العريان
من طبيعة الحملات الانتخابية أن السياسيين، مهما كانت نقطة بدايتهم، يميلون الآن إلى المزيد من الشعبوية، ويعدون بأشياء كبيرة، ويكونون مقتصدين عندما يتعلق الأمر بتفاصيل السياسات. ولم تكن الانتخابات الرئاسية الأمريكية مختلفة. ومع الإعلان عن الفائز في الانتخابات، فإن الفرصة لن تتاح للرئيس الجديد للوفاء بوعوده، إلا إذا قام بصياغة تفاصيل لمعالجة 5 مجالات تؤثر في رفاهية الاقتصاد في المستقبل.
وخلال الحملة الانتخابية، خرجت العديد من التصريحات السياسية الطموحة بخصوص خلق فرص العمل، وإنهاء التضخم، وحماية الشركات المحلية، وإلغاء الضرائب على البقشيش، وتحسين القدرة على تحمل تكاليف السكن.
واختار دونالد ترامب أيضاً تخفيضات ضريبية إضافية، إلى جانب إلغاء القيود التنظيمية الطموحة، وارتفاع الرسوم الجمركية، وخفض الإنفاق الفيدرالي، وتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري، وتقليص المبادرات البيئية. أما كامالا هاريس فكانت قد ركزت على خفض تكلفة الرعاية الصحية، وتحسين الوصول إليها، ومكافحة التلاعب بالأسعار في الشركات، وتوسيع الإعفاءات الضريبية، وإنشاء صندوق للابتكار. ومع ذلك، لم يقدم أي منهما التفاصيل اللازمة للوفاء بوعودهما. وهو أمر لا يمكن دون معالجة، حتى في ظل اقتصاد تفوق في الأداء على بلدان متقدمة أخرى. ومن الضروري اتخاذ التدابير اللازمة في 5 مجالات، حتى تكون هناك فرصة جيدة للوفاء بالوعود.
أولاً، يتعين على الرئيس الجديد أن يجد وسيلة ما للحفاظ على النمو، مع إعادة توجيه الاقتصاد، بحيث يتمكن من الاستفادة من محركات الرخاء في المستقبل. ويتضمن ذلك إزالة القيود المفروضة على المحركات الحالية للاقتصاد، مثل التصنيع والخدمات، وتعزيز مصادر النمو المستقبلية، من خلال دعم النشر الذكي للابتكارات في الذكاء الاصطناعي، وعلوم الحياة، والطاقة الخضراء، والدفاع، والرعاية الصحية، والأمن الغذائي. ولا بد من تقييم كل من قانون الحد من التضخم، وقانون الرقائق، من أجل تصحيح المسار لتحقيق أهداف إعادة الهيكلة. ولا بد أن يكون هذا مصحوباً بأساليب تنظيمية أكثر ديناميكية، لتعزيز الابتكار، وفهم أفضل لمخاطر التوازن بين فقدان الوظائف والجانب الإيجابي لتعزيز المهارات.
ثانياً، هناك تحدي التعامل مع العجز المرتفع في الميزانية والديون المتزايدة بسرعة، إذ لم يكن من المتصور ذات يوم أن تعيش الولايات المتحدة ما يقرب من ثلاث سنوات مع معدل بطالة بحوالي 4 %، أو أقل كثيراً من ذلك، فيما العجز في الميزانية يصل إلى 6 % إلى 8 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى حد تعبير جون إف. كينيدي، فإن هذا هو الوقت لـ «أشعة الشمس»، لذلك، يتعين على الحكومات أن تعمل على «إصلاح السقف»، وليس خلق ثقوب إضافية فيه. ومع ذلك، سواء كان العجز الحالي يتجاوز 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، أو أن الدين الحكومي يتجاوز 120 % من الناتج المحلي الإجمالي، فإن كلاً من الأمرين يسير على مسار غير مستدام في نهاية المطاف.
والأمر لا يتعلق فقط بحجم الاختلالات. لذلك، يتعين على الإدارة القادمة أن تعمل على بناء قدر أعظم من المرونة التشغيلية، في ما يتصل بالموارد المالية العامة التي تفتقر إلى القدر الكافي من المرونة والسرعة. ويتطلب هذا إدخال إصلاحات على النظام الضريبي، بما في ذلك إزالة الإعفاءات المشوهة والتحيزات المناهضة للنمو، وترشيد الإنفاق، وتحرير المزيد من الموارد للاستثمار والاحتياطيات الوقائية.
ثالثاً، كان يتعين على كلا المرشحين أن يقاوما الاستخدام المفرط للأدوات الاقتصادية التي يفضلانها. وبالنسبة لهاريس، كان هذا يعني تجنب الإفراط في التنظيم والسياسة الصناعية الحادة. وبالنسبة لترامب، يعني ذلك ضرورة احتواء المبالغة في استخدام التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية.
رابعاً، تحتاج الإدارة الجديدة إلى استعادة الزعامة الأمريكية الجديرة بالثقة في قلب النظام الاقتصادي والمالي العالمي. والأمر هنا لا يتعلق بإيديولوجية العولمة، بل يتعلق الأمر بمكافحة «التجزئة» التي تقوض النمو والأمن القومي. والمشاركة النشطة للولايات المتحدة مطلوبة أيضاً لتطوير استجابات مشتركة للتهديدات المشتركة، وإلا سيكون البديل هو زيادة التعرض للصدمات الأكثر تواتراً والأكثر عنفاً.
خامساً وأخيراً، هناك مسألة التواصل السليم. وما عليك هنا إلا أن تنظر إلى المملكة المتحدة، لترى كيف يمكن لمبادرة اقتصادية طموحة أن تقع ضحية للتشويش.
وكانت إدارة بايدن-هاريس، تعلمت هذا الدرس بالطريقة الصعبة، عندما اتبعت خطى بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2021، في وصف التضخم بشكل خاطئ، بأنه «مؤقت» فقط، ليشهد ارتفاعاً كبيراً، حتى وصل إلى أكثر من 9 %.
من جانبه، كان ترامب قد تمكن من إدارة الأمر بشكل أفضل، في أعقاب فوزه في الانتخابات عام 2016 مباشرة، عندما ساهم تغيير لهجته إلى لهجة تصالحية بشأن الاقتصاد، في تحويل خسائر سوق الأسهم إلى مكاسب، ووضع سردية اقتصادية خدمته جيداً منذ ذلك الحين.
صحيح أن المبالغة في الوعود في الحملات الانتخابية ليست جديدة، أو غير متوقعة، لكن القضية الآن هي أن يتحول الفائز من منطقة الوعود إلى ساحة الحكم الاقتصادي، خشية أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية، ويخسر العالم قاطرة النمو الرئيسة الوحيدة لديه.