​​​​​​

في ذكرى رحيل المناضل صالح حربي.. مآثر خالدة لم يطويها النسيان


تهل علينا هذا العام من شهرنا الجاري الذكرى السادسة لرحيل الشخصية الوطنية البارزة المناضل اللواء/ صالح ناجي الحربي في 14 اغسطس 2016م بحادث مروري مؤسف في طريق الصبيحة أثناء عودتهم بعد ان تدخلوا في حل نزاع واصلاح ذات البين.
حيث سجل عددا من الشخصيات ومن عرفوا الراحل انطباعاتهم عن مأثرة الخالدة، والقيم والمثل التي جسدها في مسيرة حياته القصيرة ورحيله الذي مثل خسارة كبيرة.

قائد وسياسي نموذج

بداية يقول سالم علي سعيد مداعه عضو المجلس الانتقالي محافظة لحج، عندما نتحدث عن شخصية صالح ناجي الحربي فان كل الأحرف والكلمات لن تفي حقه، وبمسيرته النضالية المتفرده فهو القائد النموذجي والسياسي المغوار والمثقف والناقد الحصيف.
الرجل الشهم والأب الحنون وصاحب القلب الكبير المتميز بالتواضع مع الصغير قبل الكبير الرمز النضالي في التضحية ..
رجل الحكمة والعقلانية ..  الواضح النقي الرجل المفعم بالعطاء المناضل المخلص والبرلماني الحكيم والاجتماعي الفريد والثائر والمقاتل الصلب الرجل الناكر لذاته عزيز النفس.
مسيرة حياة كفاحية لفقيدنا لن توفيه الاحرف ولن تنصفه الكلمات.
في ذكرى رحيل القائد الاستثنائي اللواء /صالح الحربي الموجعة والمؤلمة لا يسعنا الا أن نكتب عن مثله من الرجال الصادقين الذين حملوا أرواحهم على أكفهم ومضوا بإرادة فولاذية لاتلين ونحتوا من الصخر فداء واستبسالا وتضحية .. رسموا المجد للأجيال القادمة.
 وسيظل الحربي نبراساً ونهراً تنهال منه الأجيال دروسا من مسيرة حياته الحافله بالنضال والإرادة الصلبة والشجاعة والتضحية والعطاء من أجل الوطن والمواطن.

   مدرسة الاخلاق

ويتذكر د/ عبدالرحمن الشاعر مستشار في مكتب التربية والتعليم بمحافظة عدن، ماثر الفقيد بالقول: صالح حربي الشخصية الاجتماعية البارزة، الذي ملك سحر القيادة، سمعتُ قصصًا كثيرة عنه ممن عايشوه منذ الصغر، عن ذكائه، ونبوغه، وتواضعه، وحبه لتقديم الخدمات المجانية لمن يعرف ومن لا يعرف، وعن قدرته على التأثير فيمن حوله، وكنت ممن حظي بالتعرف عليه عن قرب، ونشأت بيننا علاقة صداقة قوية، تعمقت لأعوام، كان فيها نعم الأخ والأب والصديق، كان  نموذجًا يحتذى به في التواضع وحسن إدارة التوافقات، فهو مدرسة في  الأخلاق، يألف ويؤلف، رجل بسيط جدًا، لكنه بالمقابل صاحب رؤية بعيدة، وفكر عميق، رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
  
صديق البسطاء 

اما ذويزن العزي فقد كتب: ارجأت الكتابة عن هذا الرجل الإنسان الأصيل والمناضل الجسور وصديق البسطاء صالح ناجي الحربي حتى تهدأ النفوس وينفرد العقل بمنطقه بعيدا عن العاطفة كي ننصف رجل بحجم أمة قل فيها المخلصون وترجل عن المشهد الزائفون.
إن انساناً كصالح الحربي لن تستطيع الكلمات وكل مفردات اللغة إنصافه، فلا بيت في القريه أقامت فرحاً أو فقدت عزيزا إلا وكان الحربي صالح معهم وإن كان في أقاصي الدنيا، كان يلقى الناس بمختلف مشاربهم صغاراً وكباراً شباباً وشيوخاً وعجائز وينزل من على متن سيارته مصافحاً كل من يلقاه بوجهٍ بشوش وقلب ضاحك ويمنحهم جل وقته دون تأففٍ أو ضجر .

ابو السياسة

ويضيف العزي: أما عن حياته السياسية فهو أبو السياسة ورجلها الأول وعن التاريخ فهو صاحب ذاكرة لاتنسى وقلم يدون كل شيء كما كان هاويا للأدب ومتذوقا له، وباختصار فإنه كان فنتازيا الفنون والعلوم.
قليلون اولئك الذين يرحلون ويتركون بصمات وأثر على هذه الحياة وهؤلاء يصنفهم التاريخ ضمن قائمة العظماء والحربي صالح هو أحد اولئك ...
آثاره وبصماته مازالت وستزال شاهدة عليه وستظل الأجيال القادمة تذكر مناقبه وتقتدي به نبراساً يعزف لحن الخلود.
وأخيراً رحل الحربي خاتماً حياته بخير ٍ ولأجل الإنسانية مداويا الجراح ونازعا فتيل الثأر والاقتتال هو واصدقائه الشهداء رحمة الله عليهم أجمعين، فكما عاش محباً للناس مقارباً لهم حين تحتدم الخطوب وتختلف  المآرب ،مات وهو على مبدأه لا يحيد . 

شخصية لا تتكرر

من جانبه منصور ناصر الحوشبي يقول: في ذكرى رحيلك المؤلمة السادسة أُيها الغائب الحاضر والهامة الوطنية والقامة النضالية  والموسوعة السياسية والعسكرية والفكرية والثقافية والأدبية والإدارية والقانونية والبرلماني الجسور فقيد وشهيد الوطن الكبير والغالي فارس الكلمة والموقف (أبا شمسان). 
هذه الشخصية التي لم ولن تتكرر فجمعت من الشمائل والصفات والكَلِم والإنسانية والحُب والتواضع والأخلاق ومن الأدب والحياء ما لم تتوافر بشخصٍ بعينه.
رحيلك كان رحيلاً وفراق مبكرا والساحات في ذروة نضالاتها واوجها،،، فلقد كنا أحوج مانكون اليك فغيابك ًأدمى القلوب وأحرق المُقل والهب الوجدان وسكن النفس والذكرى والذاكره.
لقد كان رحمه الله وبتواضعه الجم إبنًا للكبير وأباً للصغير وأخاً لمن هم في عُمره ًمحباً ووفياً ومخلصاً للجميع،،صغيراً في بُنيته كبيراً شامخاً شموخ الجبال ٍفي عطاءاته وأخلاقه لايختلف حوله إثنان ولايعرف اليأس اليه سبيلا لتحقيق مايصبوا اليه ويؤمن به ولاتعرف الصعاب والمدلهمات وخطوبها المستحيل من لدنه في مواجهتها ولاتعرف الكراهيه والحقد إلى قلبه مجالاً أو طريق أو دليل .. صافي القلب والسريره، جامع الصفات ، مُنَظماً في حياته  منضبطاً في عمله وأداء واجبه.
كان عنواناً للشرف والنزاهه والإخلاص والرجوله والإنضباط والوفاء لايُخلف وعدأوعهداً قطعه على نفسه منافحاً ومدافعاًعن حق الآخرين في التعبير والعيش بسلام.
قمةٍ في المثالية والسلوك والمحبة حتى مع من يخالفه المشرب والرآي والتوجه حافظاً للود والجميل،، 
العزيز صالح ناجي كان رجلً بحجم وطنً وأُمة بل أنه ُبحد ذاته أُمة بإكملها حاز كل انواع الفضيله والسيره النيره العطرة.
إذا جالسته يوما فلاتُريد مفارقته وإن أصغيت لقوله الهادى ذات النبرات اللطيفه المُهذبه والمُعبره المخلوطه بأدب الحديث تتمنئ ان لايصمت فكأنك تشاهدالدُرِ المكنون يتساقط من فِيهِ وينزل كلامه عليك برداً وسلاما ويستوطنك الهدوء والطمأنينه وأنت في أحلك وأصعب الحالات تأتي اليه محملاً بهموم الدنيا فماهي إلالحظات تجد أن همك قد تلاشى وأن خوفك أنزاح وتبدل أمناً مطمئنك بوقوفه القولي والفعلي لجانبك في لطف وعذوبة منطقهِ وللتخفيف من وطأة ماتعاني.
 رجل صادق مع نفسه ومع من حوله لايعجبه الكذب والتملق والنفاق والمزايده والتزلف والغلو.

شعبية جارفة

  ويصف عبدالواحد العمادي الحديث عن الفقيد المناضل حربي بأنه: ذو شجون وبدون نهاية، كان يتمتع فقيدنا برزانة وحكمة كبيرة وكاريزما قيادية جعلته يتغلب على أي مشاكل كانت تواجهه وتواجه المجتمع؛ وهذا ما جعل الفقيد يحظى بحب كبير وبقبول وشعبية جارفة بين أهله ومحبيه في مسقط رأسه في مديرية كرش م/لحج خاصة وبقية المناطق عامة .
أسهم الفقيد في تنمية العملية التربوية والتعليمية في مديرية /المنصورة م/ عدن، وتم تعيينه رئيساً منتخباً لمجلس أولياء الأمور في مدرسة الفقيد سعيد ناجي بالمنصورة لثلاث دورات متتالية منذ 1997م حتى 2005م..              
 كان الفقيد يفضل مصلحة الوطن ومصلحة الشعب هي العليا التي كان يضعها فوق كل اعتبار في كل وقت وحين ..
ونظراً لمواقفه الثابتة تجاه شعبه وقضيته عرضت عليه عروض عدة من المال والمناصب والترقيات فرفض رفضا قاطع وفضّل الوقوف مع الشعب ومع الوطن ، وفي تلك الفترة كان فقيدنا - رحمة الله عليه - من أشد المعارضين لحكومة صنعاء وسياسة 7/7 .    
 وكون الفقيد - كقيادي بالحزب الاشتراكي اليمني، عندما انطلقت ثورة الجنوب في  2007  - انفجرت براكين الغضب مشتعلة كاللهب أمام الاحتلال - كان الفقيد من مؤسسي الحراك الجنوبي السلمي وجمعية المتقاعدين العسكرين ومن مؤسسي التصالح والتسامح، كما تم انتخابه رئيسًا للجمعيات الزراعية للمحافظات (عدن –  لحج – ابين)..                                                                        ضل الفقيد مواصل للنضال والكفاح السلمي وناشط متميز في الثورة الجنوبية .                     
كان الفقيد ذو علاقات طيبة بالقوى والخصوم السياسية بالرغم من أن الفقيد صاحب مبدأ وطني راسخ ، وكان يحظى بحب واحترام كبير من أشد الخصوم لديه.
لم ينل في حياته حقوقه التي كان يجب أن ينالها.             

 فقيد وطن  

كما أكد الصحفي اياد غانم ان مواقف الفقيد الإنسانية والاجتماعية والسياسية مثلت طوفان في وجه سلطة البغي والاقصاء والتهميش التي اجتاحت الوطن الجنوبي في 7/7 / 94م ، فمهما توارى جسده الطاهر عن الأنظار إلا أن ذكراه وسيرته الخالدة العطرة ستظل منهل تهتدي بها الأجيال الوطنية جيل بعد آخر لتتشرب منها معاني الكرامة والعزة والإرادة الوطنية الثابتة ، وأصالة الضمير الحي الشامخ  الذي لا يقبل المساومة أو المتاجرة بقضية وطنه.
طوبى وهنيئا لك والدي القائد الوطني الحر ماتركته وخلفته للأجيال من بعدك وابرزها حب الناس لك ، لن ننساك مهما طوت الايام والسنين لقد تركت لنا ولاولادك  الاجلاء خير منهج ، والفخر والاعتزاز  لا يكون إلا للعظماء والابطال الميامين والقادة العظام امثالك.
أفنى حياته في خدمة الوطن ، عاش عفيفا عزيزا نظيف اليد ومات على ذلك تاركا من بعده لأسرته  سيرة خالدة وارث نضالي مليئ بالمواقف الوطنية وشمائل تعبق بأصالة العزة والكرامة والاباء.

تفرد في العمل الخيري

ويروي منصور الجيد أحد زملاء الفقيد كيف تعرّف عليه عن قرب في عام 1970م في المدرسة الابتدائية في كرش، يقول: كان الفقيد يتمتع بذكاء خارق وأخلاق عالية مع كافة زملائه، وكنا دائمًا نحاول تقليد تلك السجايا التي يتمتع بها صالح الحربي -رحمة اللّه عليه-. 
شاءت الأقدار وظروف طلب العمل افترقنا، ولكن جمعتني به الأقدار في العمل بالسلك العسكري وبالذات عندما تحمل مسؤولية مساعد مدير الدائرة السياسية للعمل مع الشباب في وزارة الدفاع، وكنت أنا مساعد للعمل مع الشباب في الدفاع الجوي اللواء الأول ربطتنا إجراءات عملية عديدة سواء من حيث مشاركتنا في الاجتماعات الشبابية أو من حيث المباريات المختلفة والندوات والمسابقات الثقافية والاجتماعات والمؤتمرات الشبابية وغيرها، بل والسكن عن قرب. 
بل كان الفقيد -رحمة اللّه تغشاه- يتفرد وبقوة بالعمل الخيري ومساعدة الناس في الحصول على حقوقهم، وكان عنده صفة عندما تتحدث إليه لا يمكن المقاطعة أو يتركك ويذهب، بل ينتظر ويسمع ما تقوله.