​​​​​​

المطري :حادثة جامع النهدين معدة مسبقاً والتحقيقات ستكشف الجهات الضالعة فيها

خليج عدن/ صحيفة الجمهور

قال خطيب جامع دار الرئاسة  الشيخ علي المطري لم يكن القيم موجوداً أساساً في المسجد منذ بداية الجمعة.. وهذه الأمور متشعبة والتحقيقات واضحة وجلية وستكشف خيوط المؤامرة وأنها كبيرة وخطيرة ولها أبعادها ومعدة مسبقاً في عناصرها، في ترتيباتها، في أشياء كثيرة جداً.

واضاف في حوار اجرتة معة "صحيفة الجمهور"التحقيقات هي التي ستكشف هذه الحقائق، لا سيما وان بعض من تسببوا في ذلك الحادث اعترفوا بكثير من الأمور الواضحة والجلية ومسجلين بالصوت والصورة، والملف موجود عند الأخوة الذين كلفوا بالمحاماة والمرافعة في النيابة العامة، والتهم توجه إلى جهات معينة سواء كانت حزبية أو شخصية، لكننا لا نستطيع ان نتهم أحداً والمتهم بريء حتى تثبت ادانته والقضاء هو الذي يبرئ البريء ويدين المدان، ومعظم الحقائق التي فيها بعض اللبس ستكشفها التحقيقات وستكشفها الجهات المعنية.

"خليج عدن" ينشر نص الحوار

*  منذ متى وأنت تخطب في جامع دار الرئاسة؟

-  هي فترات متفاوتة الحمد لله والشكر لله.. فترات هكذا.. أحياناً اكون في المسجد، وأحياناً في المعسكرات.. يعني مش بصورة دائمة وانما على فترات.. وفي غياب الاخ المشرف المحرابي كنت أخطب أنا وفي غيابي كان يخطب هو، وكذلك الشيخ حمود هاشم الذراحي كان يخطب الجمعة عندما نكون غائبين.

*  متى آخر جمعة خطب فيها الذارحي؟

-  من بداية الأزمة كنت أنا مواصلاً في جامع دار الرئاسة، وكانت الخطابة كلها حول وحدة الصف وجمع الكلمة والتعاون على البر والتقوى والنظر في واقع الأمة بمختلف فئاتها.

*  “مقاطعاً”.. تقصد أن الشيخ حمود الذارحي والخطيب الآخر المحرابي انقطعا عن المسجد منذ بداية الأزمة؟

-  نعم.. من بداية الأزمة فعلاً.. من بعد لقاء العلماء في جامع الصالح وطرح السبع النقاط وأضاف الأخ الرئيس السابق النقطة الثامنة.. وحصلت بعض المشادات فانقطعوا من بعد ذلك اللقاء عن حضور مسجد دار الرئاسة.

إحساس غريب

*  ونحن نعيش هذه الأيام الذكرى الأولى للحادثة المؤسفة في جامع دار الرئاسة.. يا حبذا لو تشرح لنا التفاصيل التي عشتها في ذلك اليوم منذ بدايته؟

-  في تلك الجمعة كان فيه احساس داخلي غير عادي عندي وعند الأفراد، لكننا نطمئن إلى بيت الله تبارك وتعالى، فمن دخل بيت الله فهو آمن.. في أي مسجد من المساجد، لا سيما ونحن في اليمن أخلاقنا ومشاعرنا وتعظيمنا لبيوت الله ولشعائر الله تبارك وتعالى تحجب عنا أي تفكير ممكن ان يحدث داخل بيت الله وعباد الله يؤدون الصلاة.. هذا مستبعد نهائياً، نتوقع كل شيء إلا ان يحدث ما حدث في مسجد دار الرئاسة، فهذا المسجد بني داخل دار الرئاسة، ولأول مرة في تاريخ الجمهورية اليمنية ان يبنى مسجد داخل دار الرئاسة يذكر فيه اسم الله.. القصر الجمهوري رغم انه واجهة لم يكن فيه أي مسجد.. ولم يبن المسجد في القصر الجمهوري إلا منذ حوالي 12 عاماً بتوجيه من الرئيس علي عبدالله صالح.. فكون رئيس الدولة يتوجه هذا التوجه إلى بناء المساجد وتحبيب عباد الله وتشجيعهم على دخول المساجد وعلى حفظ القرآن الكريم، فكانت هذه بادرة طيبة.. مهما كان هناك من أخطاء، ومهما كانت هناك من سلبيات لا بد ان ننظر وان نتحدث عن الايجابيات، لأن كل انسان له أخطاء وله مساوئ وله هفوات ولكن لا يخلو من الايجابيات.

ففي ذلك اليوم ذهبت لأداء خطبة الجمعة وفي نفسي شيء لكن مش عارف ما الذي سيحدث؟!!.

صلاة الجمعة

*  في أية ساعة ذهبت إلى الجامع ؟

-  كعادتي الساعة الـ11 والنصف أخرج من البيت، أصل المسجد في حدود الساعة 12 إلا 10 دقائق.. أصلي تحية المسجد ثم يأتي رئيس الجمهورية فأستأذنه وأصعد إلى المنبر وأبدأ خطبة الجمعة.. وعلى هذا الأساس في كل جمعة.. في تلك الجمعة أتى “الرئيس” وصلى ركعتين تحية المسجد وأنا استأذنت وطلعت أخطب.. وكانت الخطبة حول فضائل الأشهر الحرم لا سيما شهر رجب المحرم وهذا أول يوم من شهر رجب وأول جمعة من شهر رجب، وهذه الجمعة الأولى من شهر رجب عند اليمنيين لها أثرها ولها مكانتها ولها تعظيمها حيث انها أول جمعة صلاها اليمنيون في الإسلام، كما ورد في بعض الآثار، واليمنيون من حبهم للدين وحرصهم على التواصل والتراحم والتعاون اتخذوا أول جمعة من شهر رجب لهم عيداً فجميع أبناء اليمن يعظمون الجمعة الأولى من شهر رجب، سواء بأفراحهم أو أعراسهم، أو تواصلهم أو زياراتهم لأرحامهم،.. ثم في الخطبة الثانية تحدثت عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وأنها هي الأرضية الصلبة التي يقف عليها جميع أبناء الجمهورية اليمنية لأنها ليست رأي حزب ولا رأي طائفة ولا رأي فئة ولا رأي مذهب، وانما جاءت كحل فيه خير وصلح بين اليمنيين وإخراجهم من الفتنة والأزمة والاحتراب أياً كان نوع الحرب، لأن الناس مهما تحاربوا واقتتلوا لا بد ان يعودوا إلى الحوار، فحقناً للدماء وصلاحاً للشأن يجب على الجميع ان يتقبلوا وأن يقبلوا بهذه المبادرة وان يعتبروا بنودها مهما كانت جائرة على هذا الطرف أو على ذاك مثل بنود صلح الحديبية التي كان في ظاهرها اجحاف على المسلمين فقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها حقناً للدماء وصلاحاً للشأن

*  أثناء أدائك للخطبة ألم تلاحظ أي شيء غريب لفت انتباهك؟

-  لم ألاحظ أي شيء من على المنبر على الاطلاق فكانت الخطبة موجهة توجيهاً لا بأس به وكانت الأمور بفضل الله تبارك وتعالى طيبة، والناس في حالة انصات وتأثر، لأن اليمنيين كما وصفهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم “أرق قلوباً وألين أفئدة”، ودائماً مشاعرنا وطبائعنا عاطفية، فكنت أرى في وجوه المصلين التأثر بالطرح ولفت الأنظار إلى بعض الأمور التي تتناسب مع الواقع.

*  جرت العادة انك تختصر الخطبة على أساس ان الرئيس يتوجه بعدها مباشرة إلى ميدان السبعين.. في تلك الخطبة هل واصلت على نفس النمط؟

-  نعم.. بحيث أن الخطبة الأولى والثانية لم تزد عن 20 دقيقة بحسب الوضع والحالة الراهنة.

*  كيف استطاع قيم الجامع “الغادر” مغادرة المسجد أثناء الصلاة؟

-  “.. لم يكن القيم الغادر موجوداً أساساً في المسجد منذ بداية الجمعة.. وهذه الأمور متشعبة والتحقيقات واضحة وجلية وستكشف خيوط المؤامرة وأنها كبيرة وخطيرة ولها أبعادها ومعدة مسبقاً في عناصرها، في ترتيباتها، في أشياء كثيرة جداً.. التحقيقات هي التي ستكشف هذه الحقائق، لا سيما وان بعض من تسببوا في ذلك الحادث اعترفوا بكثير من الأمور الواضحة والجلية ومسجلين بالصوت والصورة، والملف موجود عند الأخوة الذين كلفوا بالمحاماة والمرافعة في النيابة العامة، والتهم توجه إلى جهات معينة سواء كانت حزبية أو شخصية، لكننا لا نستطيع ان نتهم أحداً والمتهم بريء حتى تثبت ادانته والقضاء هو الذي يبرئ البريء ويدين المدان، ومعظم الحقائق التي فيها بعض اللبس ستكشفها التحقيقات وستكشفها الجهات المعنية.

علاقتي بقيم الجامع

*  كيف كانت علاقتك بقيم الجامع “الغادر”.. هل كانت علاقة قوية؟

-  أنا علاقتي طيبة بكل المصلين والاخوان القيمين للمسجد وهم حوالي 3 مؤذنين وبعضهم كان يخطب في حالة غياب الخطباء، وهم من أبناء الحرس وهؤلاء ممن أهّلهم الأخ الرئيس السابق لحفظ القرآن الكريم واطمأن إليهم كثيراً وأكرمهم كثيراً وأحسن إليهم احساناً غير عادي.

*  هل لاحظت على القيم شيئاً في الأيام التي سبقت الحادثة؟

-  في الأيام التي قبلها، هو كان يحفظ القرآن وقد كان في جامع الصالح.. ما عاد كانش عندنا في جامع دار الرئاسة، ثم عاد إلى مسجد دار الرئاسة ولم ألاحظ عليه أي شيء، لأنني أدخل يوم الجمعة فقط لأداء صلاة الجمعة وخطبتيها ثم أعود إلى بيتي، فلم أكن محتكاً بهم أو جالساً معهم حتى أعرف طبيعة هذا وميول هذا وتوجهات هذا، ولم اسأل في أمورهم الشخصية أو ألاحظ عليهم بعض الملاحظات، لكن الاخوة في الجهات الأمنية الخاصة بالمسجد يعرفونهم معرفة جيدة ويعلمون أن هؤلاء الشباب كانوا يصومون الاثنين والخميس ويرونهم يقومون الليل ويحفظون القرآن، فاطمأنوا إليهم كثيراً لما رأوا فيهم من الصلاح، ونحن اليمنيين نتأثر بالشكليات أو بالمظهر ولا ننظر أو نفكر في عمق الجوهر، فحدث ما حدث من حادث مؤلم في تلك الجمعة.

لحظة الانفجار

*  نعود إلى التفاصيل.. ما الذي حدث بعد خطبة الجمعة؟

-  بعدما أكملت خطبة الجمعة بالدعاء كالعادة ولم يكن في تلك الخطبة لا زيادة ولا نقصان ولا استعجالاً ولا تطويلاً، وانما كانت الخطبة معتدلة ومتزنة ومقبولة، لأننا حريصون كل الحرص ألا تزيد خطبة الجمعة عن 20 دقيقة بالكثير، بحيث تكون الخطبة الأولى في حدود 10 دقائق إلى 12 دقيقة أو إلى 15 دقيقة إذا طالت، والخطبة الثانية 10 دقائق مع الدعاء.. هذا إذا قد طالت الخطبة ما بتزيدش عن 20 دقيقة أو 25 دقيقة في حالة الاطالة، لكن في تلك الجمعة لم تزد خطبة الجمعة عن 20 دقيقة، وهناك أشرطة كنا نسجلها.. الأخ الرئيس السابق حفظه الله أمر بتسجيل خطب الجمعة للاستفادة منها، فإذا كان عند بعض الاخوة في مسجد دار الرئاسة الأشرطة فبالإمكان استرجاعها والاستفادة من بعض الخطب والنصائح التي كانت تقدم.

المهم بعد ان انتهيت من خطبة الجمعة وأقيمت الصلاة كالعادة أحسست بكتمة في نفسي لكن مش عارف ما الذي سيحدث؟!، فتوجهت ودخلت المحراب وكبرت تكبيرة الإحرام وبدأت بقراءة الفاتحة ثم قرأت: (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) من أولها، والبعض ينتقد هل هذا فتح قتل الكذا وقتل الكذا؟!.. أنا تعمدت ان اقرأ هذه الآيات لأنها مرتبطة بصلح الحديبية ولعل في المبادرة الخليجية فتحاً للجمهورية اليمنية وخروجها من الأزمة.. وفي الركعة الثانية كنت محضر لقراءة (إذا جاء نصر الله والفتح) لما فيها من الاستغفار والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، وفي الركعة الأولى عند قراءتي قول الله عز وجل: (وينصرك الله نصراً عزيزاً) حدث الانفجار.. عندما حدث الانفجار لم أشعر بنفسي إلا في اليوم الثالث وأنا في المستشفى.. صحيح أنني كنت أتكلم وبعضهم يأتون لزيارتي في العناية المركزة، لكن الوعي لدي ليس كاملاً بحيث استطيع ان أميز ما يقال أو ما أقول.

*  لم تشعر بما حصل بعد الانفجار؟

-  نهائياً لم أشعر بما حصل بعد الانفجار لشدة الانفجار تفطرت الطبلات حق الاذن، وحصلت لي حروق وجروح وكسور..

*  خصوصاً وأنك كنت أقرب شخص من موقع الانفجار الأول؟

-  قريباً تماماً.. ما بش بيني وبين الانفجار سوى بضعة سنتمترات، لكن المستهدف أساساً هو الرئيس، والذي خطط وفكر ورتب كان يقصد الرئيس، وأكثر من تضرر في الحادث حقيقة هو رئيس الجمهورية السابق المشير علي عبدالله صالح، لكن حكمة الله ورحمته حفت به لطفاً باليمن واليمنيين.. وبعض الغوغاء والمهرجين والمغفلين والمغرر بهم لا يعرفون أبعاد هذه المؤامرة وخطورتها على اليمن واليمنيين، وليس على علي عبدالله صالح وأسرته كما يتحدث البعض وانما على اليمن واليمنيين بشكل عام، ولولا ان الله عز وجل أنطق الرئيس عندما أفاق من إغمائه بعد وصوله إلى المستشفى في العرضي وهو يقول أوقفوا إطلاق النار واحقنوا الدماء، لحدث في اليمن ما لا يحمد عقباه، ولولا ان الله أبقى هذا الرجل يوقع على المبادرة الخليجية ويقبل بالانتخابات المبكرة ويحث الجمهورية اليمنية بكل ابنائها ان ينتخبوا المشير عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية لحدث لليمن واليمنيين ما لا يحمد عقباه، لأن الحروب والاحتراب والخلافات سواء بين العلماء أو بين المشائخ أو بين الأحزاب أو بين الجيش أو بين السياسيين أو بين القبائل، خلافات لا حد لها ولا نهاية.. فكان لبقائه وحماية الله له رغم الجروح الخطيرة ورغم الآلام الكبيرة ورغم الأضرار البليغة التي لم يتضرر بمثلها أحد ممن شهد حادث المسجد، لحدث لليمن واليمنيين أشياء ما أحد يتوقعها ولا يتخيلها، ولكن نقول الحمد لله على كل حال ونتمنى ألا يحدث مثل هذا الحادث الاجرامي الإرهابي بكل المقاييس، فمهما بلغت الجرائم بحجمها وشناعتها لن تصل إلى تفجير بيت الله تبارك وتعالى وحادثة مسجد النهدين بدار الرئاسة وفي أول جمعة من شهر رجب وفي الشهر الحرام.. قتلوا عباد الله وهم يركعون ويسجدون بين يدي الله وفجروا بيت الله ولم يفجروا بيت علي عبدالله صالح.. فجروا بيت الله وقتلوا عباد الله وهم بين يدي الله رب العالمين.. فالحادث جسيم والجرم كبير، والعقوبة من الله تعالى ستكون على كل من خطط أو فكر أو ساهم أو أفتى.. سينتقم الله منه في الدنيا قبل الآخرة ويفضحه الله في الدنيا قبل الآخرة لأن الله لا يحب الفساد ولا يحب المفسدين ولا يحب الظلم ولا يحب الظالمين، وأكبر فساد وأكبر جرم وأكبر ظلم واكبر إرهاب ان يعتدى على بيت الله تبارك وتعالى في أي مكان.

استفزاز

*  ولكننا رغم ذلك نجد بعض القيادات الحزبية وبعض الكتاب يستنكرون عندما يطالب أولياء دم المجني عليهم في هذا الحادث بسرعة المحاكمة وكشف المتورطين، حتى ان البعض كتب بالحرف الواحد قائلاً: إن دم علي عبدالله صالح ليس أغلى من دماء الذين سقطوا في الاحتجاجات؟

-  علي عبدالله صالح بشر وهو انسان كأي انسان ويمني كأي يمني مهما كان، وكل انسان له محبون وله مبغضون وله أنصار وله معارضون.. فأقول لهؤلاء الذين يستفزون الآخرين: توبوا إلى الله وارجعوا إلى الله واعلموا اننا جميعاً يمنيون وكلنا محسوبون على اليمن بدلا من أن يحسب بعضنا هؤلاء على النظام الفلاني وهؤلاء على اتباع فلان الفلاني وهؤلاء على أنصار فلان الفلاني.. كلنا من اليمن ومحسوبون على اليمن ويهمنا أمن اليمن واستقراره، ولم نفكر ان هناك يمنياً كائناً من كان يعتدي على بيت الله ويقتل عباد الله وهم يصلون بين يدي الله تبارك وتعالى.. فعلي عبدالله صالح عندما دخل المسجد لم يدخل المسجد على انه رئيس في بيت الله.. دخل المسجد على انه عبد الله، يركع ويسجد بين يدي الله ويقر ويعترف بضعفه وفقره إلى الله تبارك وتعالى.. لذلك نقول لأولئك الذين ختم الله على قلوبهم وعلى اسماعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم، نقول لهم: توبوا إلى الله واعلموا ان دماء اليمنيين جميعاً حرام، وأي دم يسفك من أبناء اليمن نحن نتألم لذلك سواء كانوا من الشباب،  أو من العساكر، أو من المسؤولين، لا نرضى ولا نقبل ولا نقر بسفك الدماء ولا الاعتداء على بعضنا البعض، ولكن ماذا تحقق لنا من خلال هذه الفوضى ومن خلال هذه الفتنة ومن خلال هذه الأعمال الاجرامية والإرهابية في حق اليمن واليمنيين؟!.. ما هي النتائج وماذا حصدنا؟!.. كلنا خسرنا من دمائنا ومن ابنائنا ومن أموالنا ومن أمننا ومن استقرارنا وشردنا الناس وأخفنا الآمنين وأضرينا بمصالح اليمن واليمنيين.. ألا تكفي هذه الدروس لنعود إلى رشدنا ونجعل الحوار الأخوي الودي هو السبيل لحل مشاكلنا والتعاون فيما بيننا على ما يصلح احوالنا ويحفظ أمننا واستقرارنا، أم سنظل نشقى في ظهر بعضنا ويلعن بعضنا بعضا؟!!.. لمصلحة من هذا العداء وهذا الحقد وهذا الانتقام من بعضنا؟!!.. لكن الذين سلكوا مسالك الشيطان لا يحلو لهم ان يروا الأمن والاستقرار في اليمن، لأنهم عبئوا تعبئة خاطئة ضد اليمن وضد اليمنيين وضد الدين وضد الوطن، إلا انهم يتقمصون بقميص الدين لا حبا فيه ولكن من اجل تضليل البسطاء من أبناء المجتمع اليمني المؤمن العظيم.. فمجتمعنا اليمني مجتمع كريم، مجتمع عظيم، مجتمع يحب الخير ويحب الوحدة ويحب الأمن ويحب الاستقرار ويحب النظام، لكن هؤلاء الذين فسدت عقولهم وعشعش الشيطان في نفوسهم لا يحلو لهم إلا ان يروا اليمن يعيش في ألم وفي أحزان وفي جروح متتالية.

في المستشفى

*  إلى أين تم إسعافك بعد الحادث؟

-  إلى مستشفى 48، ولكن نظراً للازدحام وكثرة الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفى، تم نقلي إلى مستشفى الثورة، وفي مستشفى الثورة- لأن اليوم كان يوم جمعة والناس في إجازة- بدأوا يبحثون عن الأطباء ويتصلون بهم، وبعضهم كانوا في الساحات.. كان عندهم تهاون لأنهم ينظرون إلى أن هذا الحادث بالنسبة لهم انتصار، من سفك دمه أو جرح أو استشهد حلال.. لا يعتبرون جرحى مسجد النهدين جرحى ولا شهداءهم شهداء.. يعتبرون من كان في الساحات شهيداً لأنه منهم، ومن كان خارجاً عن الساحات سواء كان من أبناء القوات المسلحة والأمن أو ممن أصيبوا في حادث دار الرئاسة، خارج نطاق الجرحى، خارج نطاق الشهداء، لأنهم أنانيون حاقدون منتقمون من اليمن واليمنيين، والذي يتجرأ على تفجير بيت الله وقتل عباد الله لا يُؤمن أن يكون مسؤولاً في الجمهورية اليمنية، لأنه في حقيقة الأمر يفكر بعقلية إجرامية وليس بعقلية إنسانية فيها الرحمة وفيها المودة وفيها المحبة وفيها الاحترام لكل بني الإنسان كائنا من كان، لا سيما من كان من المؤطرين الذين لا يعترفون بالأخوة إلا لمن كان في تأطيرهم، أما من كان خارجاً عنهم فهم يعتبرونه غير أخ بل يحذرون أتباعهم منه ويقولون: فلان احذروا منه ما قد هوش أخ.. عاده ما قد دخلش في الحلقة ولا قد تأطر في أوساطنا.. فهؤلاء تأطيراتهم لا تختلف عن تأطيرات اليهود، فاليهود لا يقبلون باليهودي يهوديا في أوساطهم إلا من أب يهودي وأم يهودية ومؤطر في إطار الصهيونية.. هؤلاء المؤطرون لا يعتبرون المؤمنين أخوة لبعضهم البعض إلا إذا كانوا في إطارهم، أما من لم يكن في إطارهم وفي مسلكهم فليس بأخ وإنما هو بعيد، وإن جاملوه وابتسموا له فإنما ذلك لمصلحة يحققونها من وراء ذلك وفي قلوبهم حقد وانتقام حتى ممن يصاب بالأذى بانتسابه إليهم أمام الناس.

نقلنا إلى السعودية

*  وبعد مستشفى الثورة؟

-  في مستشفى الثورة لما رأى الأطباء الكسور في الرجل والتهشم في العظام كثيرة كان عندهم تفكير بالقطع، فقال لهم أحد أقاربي: اعملوا الإجراءات الطبية والإسعافات الأولية وبعدها إن حيت الرجل فضل من الله ونعمة، وإذا لم إن شاء الله ما يصير إلا كل خير.

فبدأوا بتركيب أجهزة العظام “تثبيت خارجي” وعالجوا الحروق والجروح وكانت نسبة الحركة حوالي 2 % أو 3 % أو 5 % فقط، وبعض الأطباء- للأسف الشديد- يحرصون على الدرجة الوظيفية أكثر من حرصهم على المهنية، ولا يشغل هذا المنصب ولا يكون في هذه الدرجة إلا المتمكن من خبرته وكفاءته ومهنته.. فنحن في اليمن- لا حول ولا قوة إلا بالله- نحرص كل الحرص على الدرجة الوظيفية فقط دون أن يتم النظر في صفات الإنسان المهنية وخبرته وكفاءته.. وبعض الأخوة اسعفوا إلى مستشفيات أخرى فتقطعت بعض أطرافهم وكان بالإمكان تلاشيها ومعالجتها، ولكن نقول قدر الله وما شاء فعل..

في مستشفى الثورة أجريت العلاجات اللازمة وقام الأخوة ممن حضروا في ذلك اليوم بواجبهم حسب خبرتهم وكفاءتهم ومقدرتهم، نسأل الله أن يجزيهم خيراً ولا نذكر أي إنسان فعل أي معروف وقدم لنا أي معروف إلا بالخير.. ثم جاء فريق أطباء من الإمارات متخصصون في جراحة الحروق وأجروا لنا بعض المجارحات في المستشفى، ثم في الجمعة التالية بعد جمعة الحادث الإرهابي نقلنا إلى المملكة العربية السعودية أنا وولديّ الاثنان كانا معي ضمن الجرحى، واحد منهم كان في مستشفى 48 عنده كسور في رجله والثاني جروح في الرأس والظهر.. فنقلنا إلى مستشفى الملك فهد بجدة وبعض الأخوة نقلوا إلى مستشفى في الطائف والبعض كانوا مع رئيس الدولة في الرياض.. وبعد أسبوع في مستشفى الملك فهد بجدة قالوا إن عندي تأثراً في شبكية العين لأن الوجه فيه جروح كثيرة والعين أيضا حصل لها احتراق بين الجفون، فكانوا متوقعين أن شبكية العين اليسرى متضرره أيضاً كثيراً، فنقلونا إلى الرياض على أساس أن هناك مستشفى (تخصصي) للعيون، والحمد لله لم تتأثر الشبكية، كانت هناك حروق فقط، فأجريت لي 3 عمليات جراحية تجميلية للوجه والعين وكنت بالمستشفى في الغرفة التي جوار الأخ رئيس الوزراء الأستاذ علي مجور وكان بجوارنا الأخ رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، وبجوارنا أيضاً الأخ نعمان دويد.. كنا قريبين، وكان الأخ المشير علي عبدالله صالح الرئيس السابق يتصل بنا في الليل ليطمئن علينا وهو في حالة من الألم.. كان يشعر ايضا أنه مسؤول عنا حتى وهو في حالته المرضية، فكانت الاتصالات منه بين ليلة وليلة فتعرف معاناته الشديدة من الجروح والآلام من خلال صوته في التلفون لكنه كان يشد من أزرنا ويطمئننا ويقول لنا: “يجب أن نرضى بقضاء الله وقدره وأن نصبر وأن نحتسب فإن شاء الله الأجر كبير والذين تسببوا في هذا الحادث سينالوا جزاءهم العادل وفقا لشرع الله تبارك وتعالى ولا تحزنوش على أنفسكم مهما كانت التشوهات ومهما كانت الجروح مؤلمة”.. فعلاً كانت هذه الكلمات ترفع من معنوياتنا، وأعظم ما تعالج به رئيس الجمهورية المشير علي عبدالله صالح هو صبره على البلاء ورضاؤه بالقضاء.. يعني كان عنده صبر وجلد غير عادي ورضا بقضاء الله وتسليم بما قدره الله تبارك وتعالى، وهذا الرضا بالقضاء والقدر ساعد في الإسراع بالشفاء، ومن كان ينظر إلى نفسه وإلى التشوهات وإلى الحروق ويزداد حسرة وندامة كانت معنوياته تنهار فيتضاعف عنده الألم، ومن أذن الله له بالشفاء فذلك فضل من الله ونعمة..

أكثر المتضررين

*  الأستاذ نعمان دويد كان أكبر المتضررين؟

-  هو من المتضررين، غير أن أكبر وأكثر المتضررين هو المشير علي عبدالله صالح حقيقة، إلا أن رضاءه بالقضاء وصبره على البلاء ساعده في الإسراع بالشفاء بفضل الله تبارك وتعالى وكانت عناية الله ورحمة الله تحفه، فنحن لا نعلم بنية الرجل ولا ما في نفسه ولا ما في قلبه ولا ينبغي أن نقيمه ونشخصه من خلال ما تقوله بعض الصحف الحزبية أو المواقع الالكترونية أو بعض القنوات الفضائية الحاقدة النتنة التي تدعو إلى الفتنة وإلى الحقد بين أفراد المجتمع بكل فئاته، ولكن علينا أن نحسن الظن في كل يمني كائنا من كان وندعو بالثبات والصبر والمحبة والإخاء لكل أبناء يمن الإيمان والحكمة إن شاء الله.

القضية في النيابة

*  إلى أين وصلت القضية الآن؟

-  القضية الآن هي ما زالت عند الأخ النائب العام في النيابة والأخوة المحامون محمد المسوري ومحمد البكولي ومن معهم تبنوا المرافعة، مع أن الأخ الرئيس كان متحفظاً لأنه كان حريصاً كل الحرص على ألا يجرح أحداً ولا يشوه بسمعة أحد.. حتى الذي يعرف أن فيه أخطاء وسلبيات يعاتبه بينه وبينه دون تشهير.. أذكر في مؤتمر القادة للقوات المسلحة بحضور أكثر من 3 آلاف مسؤول داخل الصالة طلبت واستأذنت منه أن أتحدث إلى القادة، فكان الرد تحدث بما تشاء لكن لا تذكر شخصاً باسمه ولا تذكر وحدة عسكرية باسمها وقل ما تشاء، وفعلا تحدثت والحديث موثق في القنوات الفضائية أو في التوجيه المعنوي أو في الأجهزة الإعلامية لأنهم كانوا يصورون ويوثقون، وتحدثت بكل صراحة وبكل وضوح دون تسمية شخص أو تحديد أية وحدة عسكرية حرصا على عدم جرح أحد أو الإساءة لأحد والانتقاص منه، ثم تحدثت عن المحافظة على معنويات الجيش وعلى إعطاء كل ذي حق حقه لدرجة أن الأخ المشير علي عبدالله صالح قال للقادة: إن الذي يخصم رواتب الجنود يطعنني في ظهري من الخلف ولا يجوز لأي قائد أن يخصم من رواتب الجنود ولا فلساً واحداً ومن عنده أي مطالب أو عليه بعض الاحتياجات أو الالتزامات يطلبها مني أو من الأخ وزير الدفاع ونحن نعالج أوضاعه ولا يلجأ إلى الخصميات وقطع رواتب الأفراد لأن هذا حرام شرعا لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز.. كررها ثلاثا والكلام هذا مسجل وموثق.. وأنا أقول هذا ليس مدحاً، أنا لا احب أن امتدح الرئيس علي عبدالله صالح ولا امتدح أحداً لكنني أمتدح بعض الأفعال الإيجابية التي يجب أن نذكرها لأن هناك من الحاقدين ومرضى النفوس من إذا ذكر الرئيس بفعل من أفعاله الطيبة قالوا هذا يمدح الرئيس هذا عاده من بقايا كذا.. هذا عاده من كذا.. نحن نمتدح الأفعال الإيجابية حتى ولو كانت من خصومنا.. فالحقد ليس موجوداً عندنا ولسنا من الحاقدين المنتقمين وإنما نحن نمتدح الإيجابيات من قبل أي إنسان كائناً من كان.

*  وهل يشرفك أن يقولوا عنك بأنك من بقايا نظام النظام؟

-  أقول يا أخي الكريم إن من كان في سن 35 سنة فهو من نظام علي عبدالله صالح، لا أقول من بقايا النظام، ولكن أقول ممن عاش في عصر علي عبدالله صالح عصر الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار، وكل هؤلاء الذين يتشدقون ويتحدثون ويتكلمون بكلمات بذيئة حاقدة بيوتهم ما بنيت إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح، وسياراتهم ما امتلكوها إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح، وشركاتهم ومؤسساتهم وبنوكهم ما بنيت وشيدت إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح، وثرواتهم ما تكونت إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح، ودراستهم سواء كانت في الداخل أو الخارج وحصولهم على الشهادات العليا والأكاديمية ما كانت إلا في ظل علي عبدالله صالح.. والأكاديمية العسكرية العليا الموجودة الآن لم تبن ولم تشيد إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح، لذا أقول: عيب على هؤلاء أن يتشدقوا بمثل هذه الألفاظ البذيئة التي تدل على حقدهم، فكل إناء بما فيه ينضح، فنقول لهؤلاء: توبوا إلى الله واتقوا الله فكلنا من اليمن ولا يجوز أن نتحدث بكلام من قبيل “هؤلاء من بقايا الأئمة و”هؤلاء من بقايا الاشتراكيين” و”هؤلاء من بقايا الانفصاليين” و”هؤلاء من بقايا النظام العائلي لعلي عبدالله صالح”.. كلنا من اليمن وكلنا أبناء اليمن وكلنا مسلمون مؤمنون أخوة يجب أن نحترم بعضنا ونحسن إلى بعضنا ولا يجوز لنا أن نجرح مشاعر بعضنا ولا يجوز لنا أن نسب بعضنا ولا يجوز لنا أن نلعن بعضنا أو نضلل بعضنا أو نخطئ بعضنا، ولكن نقول من أحسن نسأل الله أن يزيد في حسناته، ومن أساء نسأل الله أن يتوب عليه إنه هو التواب الرحيم.

احتفال الأغبياء

*  بالتأكيد سمعتم في تلك الأيام أنهم احتفلوا في الساحات وذبحوا الذبائح بعد الحادثة.. كيف انعكس ذلك عليكم نفسياً.. هل حادثة كهذه الحادثة تستحق أو يجوز أن يحتفى بها في الساحات؟

-  الاحتفال بتفجير بيت الله والاعتداء على بيوت الله وعباده يصلون بين يديه يدل على جهل وغباء المحتفلين.

*  حتى وإن كان من بين هؤلاء المحتفلين خطباء مساجد ودعاة ومشائخ علم ودين؟

-  وأن كانوا كذلك، لأن المسلم مهما كان يحزنه أن تسفك قطرة دم امرئ مسلم أينما كان، فما بالك عندما يكون في بيت الله.. المسلم يتألم ويتحسر أن يعتدى على بيت الله تبارك وتعالى بأي سوء، فكلنا حزنا حزناً شديداً على مقتل الشهيد أو شيخ الشهداء احمد ياسين رحمه الله تعالى، ولكن الصهاينة لم يفعلوا فعلة هؤلاء بل قتلوا احمد ياسين بصاروخ من طائرة بعد أن خرج من بيت الله تبارك وتعالى، والخوارج قتلوا الإمام علي كرم الله وجهه وهو ذاهب لأداء الصلاة في المسجد والمجوس قتلوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو واقف بين يدي الله تبارك وتعالى في المسجد، ففعل هؤلاء بلغ وفاق فعل الصهاينة والمجوس وفعل الخوارج بتفجيرهم بيت الله.. بتفجير مسجد فيه أكثر من 1200 مصلٍ، وكان تفكيرهم أكبر وأعمق، بل ربما كانت هناك مخططات لتفجير حتى المنصة ومسجد الصالح.. ما بقي في نظرهم أي شيء إلا ما هم فيه هم، أما من كان مخالفاً لهم مهما كان دينه مهما كانت استقامته مهما كانت أخلاقه مهما كان حياديته، ما دام ليس معهم فهو عدوهم.. وذلك الاحتفال الذي احتفلوا به بعد تفجير مسجد النهدين بدار الرئاسة يدل على الحقد وعلى الغباء وعلى الجهل وعلى النفوس الخبيثة التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.

جريمة السبعين

*  ما مدى التقارب بين حادثة مسجد دار الرئاسة وبين التفجير الإرهابي الذي حدث في ميدان السبعين الاثنين الماضي؟

-  أي نوع من أنواع القتل والاعتداء على النفس البشرية هو عمل إرهابي وإجرامي لا يقره دين ولا عرف ولا شرع مهما كان، حتى الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى شرعه الله كعلاج وكإنقاذ للأمة من أن يأتي عدوها ليبطش بها ويستعمرها، فقال الله لنا في القرآن الكريم: (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ولا يجوز أن تسرف حتى في القتل.. لا يجوز أن تسرف حتى في الانتقام، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما قتل سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وأرضاه يوم أحد، ومثل المشركون بجثته، تألم ألماً شديداً بحكم فطرته البشرية وقال في نفسه: “لأمثلن بسبعين”، فأنزل الله تبارك وتعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولأن صبرتم لهو خير للصابرين وأصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون).. فصبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحتسب الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى وحين أعلن وحشي – قاتل حمزة- إسلامه قبل منه ذلك لكنه قال له: “لكن لا أريد أن أراك”، حتى لا يتذكر قاتل عمه أسد الله وأسد رسوله، كما قبل اسلام  هند بنت عتبة التي مضغت كبد حمزة وبقرت بطنه وذلك حين جاءت وبايعته فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم حاقداً ولا منتقماً مثل هؤلاء الذين يدعون الدين وقلوبهم مليئة بالحقد والكراهية والنفاق والإجرام.. النبي صلى الله عليهم وعلى آله وسلم كان صفوحاً عفواً ممن اعتدى عليه في مكة وأخرجه منها وممن قتل سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وأرضاه في غزوة أحد، لذلك علينا أن نتأسى به ونطهر قلوبنا من الحقد الدفين والاعتداء على بعضنا البعض، ونفتح صفحة جديدة بيضاء نقية مليئة بالحب والاحترام والعفو والتصالح والتسامح حتى ينصرنا الله على عدوه وعدونا إنه نعم المولى ونعم النصير.

مشكلة الخطباء

*  المساجد والخطباء تقع عليهم مسؤولية كبيرة في التوعية بخطورة العمليات الإرهابية وتجريمها والمساهمة في بناء الوطن؟

-  المشكلة التي يعانيها العلماء والخطباء في الجمهورية اليمنية انهم تحزبوا أو أن البعض منهم تحزب والبعض منهم تعصب، ولم يبق إلا قلة قليلة محايدة، وهذه القلة القليلة المحايدة- للأسف الشديد- مهمشة سواء من قبل الدولة أو من قبل الأحزاب، لأنهم إن جاءوا إلى عند الدولة فهم محسوبون على الحزب الفلاني وإن جاءوا إلى عند الحزب الفلاني فهم محسوبون على الدولة.. فعلى سبيل المثال ما كنت أعانيه أنا وغيري من الخطباء والمشائخ والعقلاء والصالحين والمصلحين.. أنا كنت محسوباً أمام الناس أنني من الإصلاح بل من كبار الإخوان المسلمون، وأنا لست مع الإصلاح ولا مع الإخوان المسلمين.. هم أنفسهم يحسبونني ما قدنيش أخ لأنني لم أدخل معهم في “التأطير” وينظرون إلي بهذا المنظار ويحذر بعضهم البعض “أن الشيخ علي المطري ما قد هوش أخ وهو جاسوس الرئيس ومن قيادات المؤتمر” هذا جانب الإخوان المسلمين وجانب الإصلاح ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله أن يطهر قلوبنا وقلوبهم وأن يصلح أحوالنا وأحوالهم وأحوال جميع عباده، أما المؤتمر فقد كانوا يقولون “هذا جاسوس الإصلاح ومن كبار الإخوان المسلمين ومن كبار قادة الإصلاح ومن كبار المنظرين”.. هؤلاء يحسبونني على هؤلاء وهؤلاء يحسبونني على هؤلاء، وتجي عند النوع الآخر “هذا عالم السلطة ومحسوب على السلطة.. ونحن ولله الحمد والمنة لم نحشر أنفسنا في إطار ضيق”.

نحن محسوبون على الجمهورية اليمنية وكل هدفنا أن نقول كلمة الحق وأن نبين الخير وندل الناس عليه ولم نقبل في يوم من الأيام لا بالتعصب ولا بالتحزب ولا بالتمذهب ولا بأي أعمال تسيء إلى الإسلام والمسلمين، لأن الناس ينظرون إلى العالم على أنه الدين، وأي خطأ على هذا العالم يحسب على الإسلام ولا يحسب على الشخص كشخص وكبشر يخطئ ويصيب.

فأنا لم أنتسب لا للإخوان المسلمين ولا للإصلاح ولا للمؤتمر.. أنا كداعية أو كمرشد أو كواعظ للناس جميعا وجمهوري داخل المسجد من كل أبناء المجتمع، ولذلك أنا لم أقبل أن اضيق على نفسي من واسع وسأظل محايداً بعيداً عن التحزب والتعصب والتشدد والغلو وسأحاول أن أبين للناس الخير بالحكمة والموعظة الحسنة، وأجري المقابلات مع أية صحيفة ومع أية قناة فضائية دون تحفظ أو انزواء لقناة معينة أو صحيفة معينة أو لتيار معين أو لحزب معين أو لفئة معينة..

أبداً أنا للجمهورية اليمنية وللمسلمين جميعا، أقول كلمة الحق ولا أخاف في الله لومة لائم.

مسجد الصالح

*  المشكلة نفسها التي تحدثت عنها وتخص الخطباء تنطبق أيضا على المساجد.. هناك من يرى بأن كثيراً من المساجد خارج سيطرة وزارة الأوقاف وأن كثيراً من المساجد محسوبة على حزب معين وأخرى محسوبة على حزب آخر وأن المساجد المحايدة قليلة جداً؟

-  فعلاً.. المساجد يجب أن يعلم الجميع أنها بيوت الله كما قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).. ويجب على الجهات المسؤولة في الدولة أن تكون أيضا محايدة بعيدة عن الحزبية والتعصب الحزبي والمذهبي وعلى كل مسؤول يصل إلى المسؤولية أن يعلم أنه مسؤول لليمن ومن أجل اليمن وليس مسؤولاً لحزب ولا لطائفة ولا لفئة ولا لمذهب.. عندما تكون الجهة المعنية محايدة تسخر نفسها للدين وخدمته وتبصير المسلمين بأمور دينهم في أبسط وأيسر صورة حتى يتم تبيين الحق للناس وإرشادهم إلى الخير من أقصر الطرق وديننا هو دين اليسر وليس دين العسر.. هو دين الرحمة والرأفة وليس دين الغلظة والشدة، لذا يقول الله لنا جميعا في القرآن الكريم: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن فيه إثم فإذا كان فيه إثم كان أبعد الناس عنه، وكان عندما يرسل الرسل ليعلموا الناس الخير يقول لهؤلاء الرسل المرسلين من قبله: “بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا، اصطلحوا ولا تختلفوا”.. هذه توجيهات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للدعاة والخطباء والمرشدين، لكن المؤطرين لا يريدون لأحد أن يحفظ القرآن إلا عن طريقهم، ولا يريدون لأحد أن يخطب في المسجد إلا عبرهم، ولا يريدون لأحد أن يتكلم ويتحدث مع الآخرين إلا بما يتناسب مع أهدافهم ومع توجهاتهم ومع نهجهم.

لما بني مسجد الصالح- مسجد يذكر فيه اسم الله- كانت الفرحة تغمر الجميع، لكن كانت هناك فئة تتمنى أن تكون هي المهيمنة والمسيطرة على المسجد، غير أن الأخ الرئيس صالح قال: “هذا بيت الله تبارك وتعالى لا لحزب ولا لطائفة ولا لمذهب ولا لجماعة هذا مسجد يذكر فيه اسم الله”.. وتبنى الإشراف على المسجد بنفسه، لم يسلمه لأحد لا للزيدية ولا للشافعية ولا للسلفيين ولا للإخوان المسلمين وإنما اختار عقلاء وخطباء معتدلين متزنين من مختلف التوجهات وقال: “كل واحد يدلي بدلوه ويبين للناس الخير ويدلهم عليه بعيداً عن التصعب والتحزب”، وكانت هناك فكرة عند الأخ المشير علي عبدالله صالح أن يكون جامع الصالح مثل “الأزهر”.. هذا العمود للزيدية وهذا العمود للشافعية وهذا العمود للصوفية وكل الناس يدرسون داخل المسجد ويصلون مع بعض ويتحاورون مع بعض ويتناقشون مع بعض ويعرفون المجتمع أن ليس هناك خلاف عميق في الأصول وإنما الخلاف في الأمور الفرعية الطفيفة، وأنه يجوز لك أن تصلي خلف أي أمام كائناً من كان وأن تجاهد مع أي أمير كائناً من كان ولا يجوز أن تتعصب لمناصب أو لطائفة أو لشيخ أو لجماعة بل إذا كنت مقتنعاً بهذا المذهب أفرضه على نفسك ولا تفرضه على غيرك، لأن غيرك قد يكون عنده نصوص وعنده أدلة أقوى من الأدلة الموجودة عندك وله فكره وله إرادته.. فهؤلاء لما وجدوا أن مسجد الصالح سوف يؤهل الخطباء ويؤهل حفاظ القرآن شعروا أن هذا المسجد يشكل خطورة عليهم، ولهذا كان يطرح بعضهم في الساحة فكرة هدم جامع الصالح، لأنه غدا – في نظرهم- كمسجد الضرار.. يعني لم يتوافق مع أهوائهم ولا مع أهدافهم.. فنقول لخطباء المساجد جميعاً: اتقوا الله وبينوا للناس الخير وجندوا أنفسكم لدين الله وبينوا للناس الحق الموجود في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تسخروا المساجد للتوجهات الحزبية ولا للتعصبات المذهبية والمناطقية والفئوية وكونوا عباد الله إخوانا، فالمسلم أخو المسلم والمؤمن أخو المؤمن ولا يجوز لنا أن نظلم بعضنا أو أن نحتقر بعضنا أو نقلل من شأن بعضنا، فكل منا على خير وإلى خير إن شاء الله.. وبحسن الظن ينبغي أن نتعامل فيما بيننا ونطوي صفحة الماضي بكل آلامها وجروحها ونفتح صفحة جديدة نقية ونعلم أن بيوت الله بنيت للعبادة، بنيت للطاعة، بنيت للذكر.

المسجد هو المعسكر

*  ألا ترى أن المساجد لا تقل في عظمتها وأهميتها عن مهمة الجيش والأمن في الحفاظ على البلاد؟

-  المسجد هو المعسكر والنادي ومقر الحوار، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما أسس دولة الإسلام بنى المسجد وآخى بين المهاجرين والأنصار، وكان يتم في المسجد الإعداد والتأهيل والتخطيط والتفكير لكل الأمور الدينية والدنيوية، فالناس ما داموا في مساجدهم كان الله في قضاء حوائجهم، ولكن إذا كانوا بعيدين عن التعصب والتشدد والتحزب واحتقار الآخرين وتضليلهم والإساءة إلى مشاعرهم أيا كانوا، فمن لم يكن معي في ثقافتي أو في نهجي أو في فكري أو في مذهبي أو في حزبي فهو أخي في الإنسانية وأخي في الإسلام ومن لم يكن معي ليس عدوي وليس ضدي وإنما هو أخي وهو عون لي.. عندما ننظر بهذا المنظار يسودنا الحب والوئام وكل واحد له ثقافته وله قناعته وله فكره وله انتماؤه ولا يمكن أن نجمع الناس على حزب واحد ولا على مذهب واحد ولا على توجه واحد، لكن مرجعيتنا كلنا القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكل واحد فهمه ولكل واحد أدلته، وكلنا نرجو الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى والله ولي التوفيق.

*  بالنظر إلى المساجد بوضعها الحالي ألا ترى أنه يجب إعادة هيكلة المساجد إن جاز التعبير؟

-  المساجد بوضعها الحالي محتاجة إلى تأهيل الخطباء والمرشدين والأئمة.

*  سؤال أخير: هناك من يقول بأنه يجب هيكلة المساجد قبل هيكلة الجيش.. ما رأيك؟

-  أقول يجب هيكلة المليشيات التي نعرف انتماءاتها وتوجهاتها وأصحابها وقيادتها، أما الجيش فالجيش اليمني جيش مسلم مؤمن مُوَحّد قوي أمين وفي، ليس في أوساط الجيش أية خلافات، الخلافات قد تكون في بعض القيادات أو في رؤوس بعض القيادات، أما الجيش بكل فئاته، فهو جيش واحد.. فمثلاً أنا في الحرس الجمهوري، أخي في الفرقة الأولى مدرع، ابني في الأمن المركزي، ابن عمي في لواء آخر، ابن خالي في جهة أخرى، إذاً كلنا أسرة واحدة في الجيش.. ابني هنا واخي هنا وعمي هنا، ونسبي هنا، فمن يعتدي على من؟!!!.. ومن يقتل من؟!!!.. ومن يحرض ضد من؟!!!.. لا يجوز أن يحرض بعضنا ضد بعض سواء كنا في الجيش أو في الأحزاب أو المجتمع.. أينما كنا كلنا من اليمن وكلنا أخوة نحب ديننا ونحب وطننا ونحب مجتمعنا ونحض على المحبة والأخوة والألفة والتعاون والحوار لحل أي خلاف أيا كان، ولا يجوز سفك الدماء ولا ارتكاب الأعمال الإرهابية التي لا تزيد الأمور إلا تعقيدا ولا تزيد الأوضاع إلا ضرراً وسواداً ولا حول ولا قوة إلا بالله.