​​​​​​

عدن مدينة الفوضى وانعدام الامن

خليج عدن/ أ. ف .ب

تبدو عدن اليمنية آمنة نسبيًا ومنظمة للوهلة الاولى، لكن نظرة معمقة تكشف عن مدينة تهددها الاسلحة والعصابات وحضور متزايد للجهاديين كانعكاس لحالة موجودة في معظم مناطق الجنوب المضطربة.

ويتسلل اليها مقاتلون مرتبطون بالقاعدة التي تسيطر على مساحات كبيرة في المحافظات الجنوبية والشرقية. ويعمد هؤلاء الذين يلوذون بعتمة الليل الى مضايقة الشبان المتنزهين على الشاطئ، كما يشنون هجمات ضد قوات الامن. وتبعد عدن نصف ساعة بالسيارة عن زنجبار، كبرى مدن محافظة ابين التي سيطر عليها تنظيم القاعدة اواخر ايار/مايو العام الماضي. 

وتسيطر "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" على زنجبار وما لا يقل عن خمس بلدات اخرى في المنطقة، وتعتبرها الولايات المتحدة الشبكة الاكثر فتكا ونشاطا. واعلن مسؤولون اميركيون احباط مؤامرة دبرتها القاعدة لتفجير طائرة ركاب متجهة الى الولايات المتحدة، وكشفوا النقاب عن عميل مزدوج تسلل الى الشبكة وتطوع لارتكاب هجوم انتحاري. 

ويقر محافظ عدن وحيد رشيد بان "انصار الشريعة" التابعين للقاعدة "تسللوا" الى المدينة، لكنه يؤكد ان الدولة ما تزال تسيطر عليها. الا ان سكان المدينة لديهم قصة مختلفة. وتقول شادية حيدر "في اللحظة التي تغادر فيها منزلك لا تشعر بالامان ويوقفك شبان على الطريق لتهديدك من أجل المال، لا يوجد امن." 

وتضيف "نطلب دعم الشرطة لكنها لا تاتي ابدا". وتسكن حيدر المعلا، احدى اكبر مناطق عدن مع عشرات الآلاف من الناس لكن الشرطة لا تجرؤ على دخولها. ويقول سكان انه اذا دخلت الشرطة الحي، فستندلع اشتباكات مع مسلحين. 

وتسد ميليشيات محلية الطريق الرئيسي في الحي بواسطة صخور واعمدة الكهرباء. وليس واضحا تماما من هم هؤلاء او ماذا يريدون. ويقول الصحافي المحلي عبد الله الشرفي "في المعلا مجموعات مختلطة (...) لدينا تنظيم القاعدة وعصابات وانفصاليين، ويتم تسليحهم." 

وفي الاسابيع الاخيرة، رفع علم القاعدة الاسود في المنطقة، لكن تم انزاله بسرعة فضلا عن كتابة شعاراتها على جدران في المدينة. اما في منطقة المنصورة، فان الوضع الامني لا يقل خطورة، رغم ان الميليشيات معروفة وهي من الشبان الانفصاليين. 

ويطالب هؤلاء باستقلال تام عن الحكومة المركزية في صنعاء، ولن يقبلوا باقل من ذلك. وتنقسم المنصورة الى احياء لكل منها قائدها العسكري الذي يشرف على مجموعة من المسلحين يقومون بدوريات في الشوارع ليلا، وبحراسة المباني العامة والشركات الخاصة. 

ويقول نزار احمد (35 عاما)، وهو من الانفصاليين "ليست هناك سيطرة للدولة وبالتالي علينا الدفاع عن انفسنا". ويؤكد ان للقاعدة "خلايا نائمة" في الحي حيث يلقي المسلحون الانفصاليون القبض على عناصر تحاول "توزيع اقراص مدمجة ونشرات" تروج لامارة اسلامية في جنوب اليمن. 

من جهته، يقول الطبيب محمد اليزيدي (25 عاما) المؤيد للانفصال ان الشرطة لم تدخل منطقتهم "منذ نحو عام". ولا يثق الانفصاليون في الحكومة، ويعتقدون ان الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعته لا يزالون يسيطرون على قوات الامن. 

وتقف خمس دبابات للجيش على مشارف منطقة المنصورة موجهة مدافعها باتجاهها. ويسال اليزيدي "اي حكومة هذه توجه الدبابات نحو شعبها"؟. ويرفض كثير من الانفصاليين في عدن الانتخابات التي اوصلت الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو جنوبي، الى السلطة بموجب خطة انتقالية ترعاها الامم المتحدة ارغمت صالح على التخلي بعد 33 عاما من الحكم الاستبدادي. 

ويقول المحافظ ان انعدام القانون في عدن وتدهور الحالة الامنية يحاكي ما يحدث في سائر مناطق البلد، وهو نتيجة "طبيعية" للانتفاضة في اليمن. ويضيف "ننتقل من نظام الى آخر، من سلطة الى اخرى (...) الناس في عدن خائفون". ويؤكد ان النشاط الاجرامي في تزايد مستمر، ويقر بأن "ثلث" افراد الشرطة فقط يعملون. في غضون ذلك، تغتنم القاعدة غياب الدولة لتوسيع نفوذها. 

ويقول الخبير في الشرق الاوسط بروس ريدل من مؤسسة بروكينغز ومقرها واشنطن ان تدهور الوضع يثير خوفا في واشنطن" حيال قدرة الشبكة على شن هجمات، خصوصا ان "صانع القنابل لا يزال على قيد الحياة. 

وكغالبية العناصر القيادية، يسود اعتقاد على نطاق واسع ان خبير المتفجرات السعودي ابراهيم عسيري، مختبئ في مكان ما بين ابين وشبوة المجاورة حيث يكافح الجيش اليمني لاستعادة سيطرته.