​​​​​​

السفير الامريكي يدعو لـ"حوار وطني" غامض

استمر السفير الامريكي في صنعاء جيرالد فايرستاين في التشديد على الحاجة الى "حوار وطني" غامض، بينما يلقي باللائمة على المتظاهرين الذي يضحون بارواحهم في محاولة لبناء يمن ديمقراطي

خليج عدن/ ترجمة/ مهدي الحسني

في 24 ابريل، قام روبرت سوان مولر الثالث، المدير الموقر لوكالة الاستخبارات المركزية، قام بزيارة رئيس اليمن الذي تم تنصيبه مؤخرا، عبدربه منصور هادي ( الخادم المطيع و نائب الرئيس صالح سابقا). جاءت الزيارة بعد غارة جوية سبقتها بيومين استهدفت بنجاح محمد سعيد العمدة، الشخص الرابع من ناحية الاهمية في قائمة المطلوبين في اليمن و المسؤول المالي، لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

بعد الاجتماع، صرح مولر بان الولايات المتحدة ستستمر في تقديم الدعم للحكومة اليمنية بكل قوة و في جميع النواحي. في 26 ابريل، بعد يومين من زيارة مولر، وافق الرئيس اوباما على طلب وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بتوسيع حرب الطائرات بدون طيار في اليمن. الصلاحيات الجديدة تسمح لوكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) باستهداف اشخاص دون الحاجة لمعرفة هوياتهم، مما يعني اجازة قتل الناس على نحو فعال، بناء على انماط السلوك المشبوهة.

و بالرغم ان السياسة الداخلية في اليمن طرا عليها تغييرات كبيرة منذ يناير 2011. الا ان استراتيجية الولايات المتحدة هناك ظلت كما هي تركز بعزم على القضاء من القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ان تعزيز الديمقراطية و امال ملايين اليمنيين الذين ايدوا الثورة لا تبدوان ضمن اهتمامات ادارة اوباما في اليمن. و قد تجلى ذلك الامر بوضوح خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط في صنعاء، جيفري فليتمان، حيث كرر تأكيده على دعم خطة الانتقال السلمي للسلطة، و التي لا تدعو الى اجراء انتخابات حتى فبراير 2014 و الذي يعني بقاء شبكة محسوبية الرئيس صالح كما هي عليه. (نجله احمد علي عبدالله صالح ما زال يسيطر على الحرس الجمهوري و القوات الخاصة، تلك الحقيقة التي تثير الكثير من القلق في اوساط المعارضة المؤيدة للديمقراطية.)

منذ انطلاق المظاهرات ضد نظام الرئيس صالح، فشلت الولايات المتحدة بشكل بارز في تأييد ثورة الشباب المطالبة بالديمقراطية، وهي حركة يتألف معظمها من الشباب، والمستائين من النظام، تلك الفئة التي داب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الى تجنيد منتسبيها. ان حركة الثورة الشبابية التي تنادي الى الديمقراطية و التمثيل العادل، هي الامل المنشود لبناء يمن اكثر استقرارا و تسامحا. في ابريل 2011 توسلت الحركة الشبابية علنيا الى الولايات المتحدة لمساعدتها، لكنها لم تجد منها غير التجاهل. وعوضا عن ذلك قامت الولايات المتحدة بدعم المفاوضات التي كان يجريها مجلس دول التعاون الخليجي مع النظام السابق, لتسحق بذلك اي بصيص امل في ثورة ديمقراطية حقيقية وتستعدي من يعتقد انهم سيصبحوا حلفاء واشنطن المحليين. بعدها بعدة شهور، قامت توكل كرمان، القيادية في الحركة الشبابية و الحاصلة على جائزة نوبل للسلام للعام 2011، قامت بنشر افتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز تدعو فيها الولايات المتحدة الى دعم الحركة الشبابية، كما انها ايدت بشكل صريح ما سمته ب "حق الولايات المتحدة في مهاجمة اوكار الارهابيين."

تخيل فقط يمن تقوم فيه الحكومة التي تم انتخابها بطريقة ديمقراطية باعلان تاييدها للعمليات الامريكية ضد الارهاب مستندة على الدعم الشعبي. ان ذلك الامر ابعد ما يكون الى الواقع الحالي في اليمن. و بعد ان تم تجاهلها (الحركة الشبابية) من قبل واشنطن و هدمها من خلال دعم الولايات المتحدة لرموز النظام السابق، لم تعد الحركة الشبابية تدعو الى الدعم الامريكي. و كما قال خالد الانسي، احد زعماء الحركة الشبابية اواخر فبراير "لقد طعنت هذه الثورة من الخلف."

و بدلا من الدعوة الى اعتماد استراتيجية افضل، استمر السفير الامريكي في صنعاء جيرالد فايرستاين في التشديد على الحاجة الى "حوار وطني" غامض، بينما يلقي باللائمة على المتظاهرين الذي يضحون بارواحهم في محاولة لبناء يمن ديمقراطي بدلا من الخنوع للنظام القديم.

قال السفير الامريكي في تصريح له في مارس "لقد كنا ايضا واضحين حينما قلنا اننا لا نعتقد ان المظاهرات هي المكان المناسب لحل مشاكل اليمن. نعتقد ان المشاكل سوف تحل من خلال عملية الحوار و التفاوض."

هذه بلاغة فارغة في احسن حالاتها. ان فشل الولايات المتحدة في دعم الحركة الشبابية يعني ان اولئك الشباب من الرجال و النساء الذين تمكنوا بجدارة من الاطاحة بصالح و مازالوا مستمرين في الدعوة المؤسسات الديمقراطية، انهم فشلوا بشكل كبير في حجز مكانهم في عملية تشكيل الحكومة الجديدة ، او ان مخاوفهم المشروعة لم تؤخذ على محمل الجد.

-         قورين بوليسي/ فرانسيسكو مارتن رايو