دور المثقف

 

أكملت قراءة كتاب "المثقف والسلطة" للمفكر "إدوارد سعيد" بعد أن نصحني صديقي الرائع بقراءته, أدركت سبب ما وصلنا إليه وهو غياب دور المثقف في مجتمعنا, أو بالأصح "غياب المثقف في مجتمعنا" بحسب وصف إدوارد للمثقف.

إدوارد سعيد لم يعطٍ تعريفاً للمثقف حتى نحدد المثقف من غيره, كتب إدوارد ما يجب على المثقف أن يفعله, وقال أنه يعد حاملاً لرسالة حقيقة ناقدة يهدف بها إصلاح الوضع, هذا الدور الذي تغيب عن اللا مثقفين في مجتمعنا وأصبح مهمتهم فقط التبرير للمتبوع والترهيب للمجتمع.

يدعو إدوارد المثقف إلى المعارضة والنقد, وينكر في الوقت ذاته العمل بمقولة "خلقنا لنعترض", عليه اجتناب صف التبرير, تبرير كل ما يأتي من جانب الجماعة التي ينتمي إليها, المثقف يجب أن يكون حاملاً للأمة لا لجماعة ولا سلطة, دور أجاده مثقفونا بإبداع.

"المثقف المحترف" هذا التوصيف الذي ذكره إدوارد سعيد معرفاً إياه بأنه المثقف الذي نال الدرجة الأكاديمية وسخر قلمه لـ طلبة الله, كما يفعل اللا مثقفون في بلداننا.

هذا النوع من المثقفين يلقى نفسه في التأييد, وكما وصف أن المثقف هو المعترض دائماً ولكن الاعتراض بمقاييس وطرح البدائل, أشار إدوار أن "المثقف منبوذاً لأنه يقول الحقيقة" والمثقف المحترف هو مثقف السلطة أو الجماعة التي توكل إليه مهمة تبرير المساوئ وإظهار الوجه الرضي لها, المهمة التي توكل إلى مثقفينا –والعياذ بالله-.

المثقف يحمل عار عمل جماعته المخزي –هكذا قال إدوارد- ولهذا على المثقف أن يكون متجرداً من العمل مع جماعة ما, عليه الدفاع عن حقوق الجماعات المختلفة إيدلوجياً.

يفترض أن تنشأ علاقة تضاد بين المثقف والسلطة, تسقط هيبة المثقف ومصداقيته حين يصير تابعاً للسلطة, يثق المواطن بالمثقف المعارض أكثر منه بالناطق باسم السلطة لأنه ينطلق من منطلق تبريري لما تقوم به, لاحظنا هذا كثيراً في ثورات الربيع العربي.

يبحث المواطن اليوم عن المثقف الذي يحل عنه هذه الأزمة لا من يبرر له ما يحدث, غاب دور المثقف الحقيقي الناقد لما كان يحدث في اليمن, كان السبب الأبرز لهذا هو الوفاق الذي أوصلنا لهذه المرحلة, علي الوردي عالم الاجتماع العراقي يشيد بالخلاف وينبذ في ذات الوقت معنى الوفاق, وشبه ذلك بالقدمين فتحرك القدمان باختلاف يدفع الإنسان بالسير إلى الأمام.