إرادة الشعوب أقوى من نخيط الحكام

إرادة الشعوب تستند إلى قوة حججها وعدالة قضاياها، بينما الحكام غير العقلاء يستندون إلى الأموال التي يتكئون عليها والقوة والآلة العسكرية التي يسخرونها لخدمة رغباتهم، مع أن القوات المسلحة وقوات الأمن هي لحماية السيادة الوطنية وحماية المواطن، ولا يجوز تحويلها إلى مجرد قوات لمكافحة الشغب - كما تسميها السلطات!!

 

الشعوب تستطيع التمييز بين الظلم والعدل، وبين الاحتجاجات السلمية والأعمال الفوضوية، بينما الحكام غير المقتدرين ومصادر معلوماتهم لا يستطيعون التمييز بين ما هو تعبير سلمي، وما هو عمل إرهابي دموي يستهدف الوطن والمواطن.

 

وشعب الجنوب شعب حي وأصيل، كان ولا يزال يعبر عن إرادته سلمياً من خلال المليونيات العديدة التي كان آخرها حتى الآن فعاليتي المكلا والمعلا في محافظتي حضرموت، وعدن يوم 27/4، تنديدا بذكرى مشؤومة.. ذكرى إعلان الحرب على الجنوب في 27 أبريل 1994، أي قبل عشرين عام، وهي الحرب التي أتت على كل شيء في الجنوب، ولا تزال آثارها التدميرية ماثلة للعيان في الواقع، وفي النفوس!!

 

جاء ذلك الإعلان المشؤوم عن بدء الحرب بعد تحضيرات وتجهيزات تمثلت بسلسلة الاغتيالات لكوادر وقيادات الحزب الاشتراكي، وتدمير ومحاصرة عدد من الألوية الجنوبية المنقولة إلى الشمال واستحضار وسائل الإعلام الرسمية والشعبية، وخداع الرأي العام المحلي والأجنبي وقطع أي تواصل خبري أو إعلامي بين الجنوب ومحيطه المحلي والخارجي، واستحضار المعونات الخارجية من المال والسلاح والمواقف السياسية ضد الجنوب، باعتبار أن من يتعامل مع الخارج من صنعاء هو النظام باعتبارها عاصمة، ومن يتعامل مع الخارج من عدن فهو متمرد على النظام بحسب مقتضيات مصالح الدول التي وقفت مع نظام صنعاء - آنذاك - واستمرت خلال الحرب وما بعدها، حيث كان لمطار أسمرة وطائرات وطياري إرتيريا نصيب وافر من القصف التدميري لعدن، وبقية المدن الجنوبية، وما بقي من المنشآت والبنى التحتية، وكان ثمن ذلك أرخبيل حنيش والسيادة على الثروة السمكية في جزء كبير من المياه الاقليمية لليمن في البحر الأحمر!!

 

ولا ننسى مكرمة الأشقاء في قطر من خلال الزوارق البحرية الحربية التي وصلت إلى الموانئ اليمنية تباعاً للمشاركة في الحرب على الجنوب، ودول أخرى ساهمت بالأسلحة والأموال والطيارين وخبراء الحروب بمن فيهم (العرب الأفغان)!!

 

وساهم الرأسمال الوطني في الحرب على الجنوب، في إطار ما أسموه بالجهد الشعبي، وذلك الجهد الذي اكتوى به الجنوب لا تزال فواتيره الباهظة تدفع من قبل المواطنين في الجنوب والشمال لمصلحة نظام الـ (...) وزبانيته من رجال المال والأعمال.. فمثلا وليس حصرا؛ ثمن قارورة المياه الذي يسمونه (صحي) كانت عشية حرب 94 عشرة ريالات، وخلال سبعين يوما من الحرب على الجنوب قدم أصحاب مصانع المياه كميات كبيرة من المياه للمشاركين في الحرب من طرف واحد، ثم بعد أن صمتت أصوات المدافع والصواريخ سمح لتلك المصانع أن تبيع المياه بسعر (40) ريالا للقنينة الواحدة، ولمدة شهر كامل قبل أن ينزل سعرها إلى (30) ريالا ثم تعود بالارتفاع إلى (70 و80)ريالا – حاليا -، ومن خلال هذا المثل البسيط؛ ألا ترى عزيزي القارئ أننا ندفع أضعافا كثيرة ثمن مواد ووسائل استخدمت ضدنا؟ وعليها تقاس أسعار بقية المواد التي استخدمت في الحرب ضد الجنوب!!

 

 

مقالات الكاتب