إلى أسر شهداء حركة 15 أكتوبر..

شتان بين عيسى محمد سيف وسالم السقاف وعبدالسلام مقبل ورفاقهم الذين وقفوا يصفقون لحكم جائر بإعدامهم فحازوا حب الشعب، وبين أولئك الذين وقفوا مباركين وثيقة تخريبية، في الجلسة الختامية لمؤتمر موفنبيك، امتثالا لأوامر حاكم أخرق.

للشاعر عبدالله البردوني تحيزات صريحة لم يخفها يوما. انحاز إلى الثورة, وإلى اليسار بمضامينه الاجتماعية والتغييرية, انحاز إلى الشباب وكتب مرارا ضد أية اكراهات تحد من دورهم, انحاز إلى الفقراء والناس العاديين, انحاز إلى الشهداء والفادين. في 15 أكتوبر 1978 اجهض نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح محاولة انقلابية للتنظيم الناصري.

كان البردوني يعرف بعض قادة المحاولة كالشهيدين سالم السقاف وعبدالسلام مقبل وربما آخرين.

تابع كملايين اليمنيين مجريات محاكمتهم, واستوقفه ثباتهم وجسارتهم وقوة حججهم, وقد كتب عن هذا في مناسبات عديدة شعرا ونثرا.

هنا قصيدة "نقوش.. في ذاكرة الريح" من ديوان "زمان بلا نوعية", أهديها إلى أسر شهداء حركة 15 أكتوبر التي تتشوق إلى معرفة أماكن دفن جثامينهم وسط تجاهل قيادات الدولة والأحزاب والمنظمات الحقوقية, وتخاذل الرفاق.

 نقوش.. في ذاكرة الريح

هنا كالضحى غنوا وكالليل أنصتوا كهذي الربى امتدوا كنيسان أنبتوا

هنا تخبر الأنسام عنهم حدائق ويروي أساطير المهارات منحت

رواب ربوا فيها نمت في لحومهم وذابوا عليهم ورّدوها وربتوا

***

كما تهجس الأعشاب للغيث لوحوا كما يفصح البستان للفجر صوتوا

كتحديق أفكار بأهداب أنجم تنادوا كبوح الورد أعلوا وأخفتوا

وقبل شعور الأرض بالدفء والندى تندوا على أزهى الروابي واخبتوا

 كتشرين جفوا مثل أيار أمطروا وكالطيب في أيدي السوافي تشتتوا

***

قبيل الضحى والليل داروا كواكباً صباحاً قبيل الوقت للشمس أقتوا

أضاؤوا سهيلاً أشعلت صيحة الهوى نهود الثريا مذ إليها تلفتوا

محبون أسخى بالقلوب من السنى ولكن على العاتي أمر وأعنت

 ***

من العشق جاؤوا كالأساطير والرؤى إلى العشق جاؤوا جمروه وكبرتوا

وكانوا عفاريتاً من الشوق كلما أتوا بقعة أصبوا حصاها وعفرتوا

وكالصيف رفوا عنقدوا كل ذرة وكي يخصبوا في كل جذر تفتتوا

وكالأرض للأطيار والناس أولموا وكالأرض أعطوا كل زاه و(أسنتوا)

***

على كل تل من خطاهم عرائس من الشعر تشدو كالسواقي وتصمت

تضج اخضراراً واحمراراً وصبوة وتصغي فيعلوها الأسى والتزمت

وفي ذاكرات الريح من بعض ماحكوا نقوش محوها مرتين وأثبتوا

هناك يغني باسمهم هًهُنا الصدى يغني.. وهل يدري الشذى كيف يسكت؟

* من صفحة الكاتب في فيس بوك

مقالات الكاتب