أفلا تخجلون ...!!


إني لا أقوى على التركيز, ولا أدري كيف ألملم تفكيري, المبعثرة رؤاه على كل بقعة من بقاع أرضي الجريحة, ففي بلد عرف عن شعبه المحبة وطيبة القلب والتآخي, يصبح البشر فيه والروح الآدمية, مجرد فاتورة يتوجب سدادها, نظير مناداتهم يوما ما, بضرورة التوحد ..!! انه أمر مؤلم حقا و أشعر بغصة كبيرة على كل من فقد الإحساس بالانتماء للجنوب, ولا ادري كيف لنا بمسامحة من ساهم بذبح عزيز على قلبنا, أليس مفجعا ان يجعلوا من أخي وابن جلدتي مجرد دمية بين أيديهم محاولين تجريده من آدميته بعد ان جعلوا منه ومن منصبه رمزا للفتك بأهله وحاملا لراية الظلم راية الدم راية الكراهية لأهله تحت يافطة الحفاظ على وحدة وهمية.
لقد أُثخن الجنوب بالجراح, وانتم لازلتم تتمحكون بصنعاء, فبالأمس حمّلكم صالح علانية, وزر ما حدث للجنوب أثناء وعقب حرب 94 الظالمة, ورأيتم ما نال ابنهم "عبد الكريم الارياني", فكيف بكم انتم, مع إدراكنا بأن لا إرادة حقيقية لكم حتى وان حاولتم إظهار ذلك, ومن هنا نقول, فليقف كل منكم وجها لوجه مع ذاته، بالتأكيد سيكتشف عمق الفراغ وانعدام المعنى الذي هو عليه, وستخلصون إلى ان الإمعان في التفكير بتاريخ هذه اللحظة, التي تحاولون ضبط إيقاعها بغية البقاء الطويل على مقاعدكم, سيحملكم وزر دم أهلكم, فهل انتم مستعدون لتحمل فاتورة دم أهلكم المراق؟, ودعوني هنا أخاطبكم بلسان الشارع الجنوبي الثائر, "ألا تعلمون ان المجازر المرتكبة بحق أهلكم تأتي على خلفية إصراركم على إلحاق الجنوب عنوة بالجمهورية العربية اليمنية, وهو أمر لا يستند لأي شرعية كانت, فإذا كنتم تجهلون خلفية المجازر فها انتم علمتم ولترونا ما انتم فاعلون؟, أما إذا كنتم تدركون وتعون ذلك فهذا شأن آخر". 
أظن أنه أصبح لزاما عليكم أن تدركوا, و بفكر المواطن البسيط قبل حصافة رجال السياسية، أنه لا يوجد ما هو أشد وقعا على النفس من القهر والضيم, ولا اشق عليها من ظلم ذوي القربى, لقد قدم الجنوب الكثير والكثير, ولا اعتقد ان المجال هنا يسمح باستدعاء تاريخ ثورة الجنوب منذ انطلاقتها, ولكني أقف على آخر مشاهدها, فبعد ان تداعى الجنوب اثر استشهاد المقدم "سعد بن حبريش" وما تلاها, وبعد مشاهدتي لبضع صور عن "مجزرة مخيم العزاء في الضالع", المجزرة التي ارتكبت بحق شباب وأطفال, أقول لقد قضي الأمر وانتهى كل شيء, فها هم البقية التي كانت تتفرج ولا تتحرك, أو البقية الصامتة كما يقال, قد خرجت عن صمتها وهبّ الجنوب عن بكرة أبيه, لتبقون انتم في وضع مزري, ويا له من وضع, فإن أقدمتم على الإدانة والاستنكار فثقوا ان ذلك لن يجدي نفعا, فالموقف بحاجة إلى موقف حاسم من قبلكم وقبل فوات الأوان, فانتمائكم للجنوب ما فتئت مساحته تتآكل بوتيرة عالية جدا, وتكاد تكون يومية, بفعل فكر غلبت عليه الضحالة والسطحية وسيطر عليه الكثير من القصور والتعنت.
كررنا مرارا وتكرارا, بأن شعب الجنوب متسامح بطبعة, ان لم يكن الغدر به, هو أساس ما يقف أمامه, ولكي لا نقول انكم أتيتم متأخرين بعض الشيء، خذوا بزمام المبادرة, واتجهوا صوب المخرج الصحيح قبل ان يستفحل الأمر ويتعقد, ويأخذ منحى لا يرضي الجميع, فكل ماهو متاح اليوم, قد لا يكون متاحا غدا, استدعوا من عقلكم الباطن كل ما يوقظ ضمائركم, وأعقلوها قبل فوات الأوان, فالتاريخ لا يرحم, أعقلوها واتقوا الله في أنفسكم وفي أهلكم.
والله من وراء القصد وهو عليه السبيل

مقالات الكاتب