اقرأوا سورة الجن .. يا جن

إقحام الدين في السياسة لا يهين هذا المُقدس فحسب، بل ويحوله إلى ألعوبة ذي نفوذ خطير في يد من يمتلك القوة والمال.

***

تحتاج إلى كثير من الوقت لتستوعب أنه يتم إطلاق النار بينك وبعضك.. إنهم يتحاربون في المساجد الآن، طيب على أيش؟ والله مالي علم!

إنهم يخوضون حرب مساجد، تشبه تماماً حروبنا في أزقة الحارات أيام كنا أطفالاً صغاراً، نخرج إلى أزقة الحارة، وكل واحد منا في يده سيف صنعه من أي سيخ حديد وخرج ليقاتل به الكفار متأثرين بالمسلسلات التاريخية.

المهم كنا نقتسم فريقين، أو حارتين، وبسم الله الرحمن نبدأ الحرب من زقاق إلى آخر، وكل واحد منا "ومن الفريقين طبعا" يواجه الآخر بالسيوف والرماح، وجميعنا يهتف بحماس: الله أكبر.. الموت للكُفار، حتى لم يكن أحدٌ يعرف من هو الفريق المسلم فينا ومن هو الفريق الكافر، المهم نتحارب ونتلابج، وعند الله حُسن الثواب.

الدين كأداة حرب يستخدمه مشروخو الحجة، وهذا ما هو حاصل الآن، إذ أصبح الدين يستخدم كأداة حرب، وليس كأداة محبة وتسامح وولوج إلى الله الذي هو المؤمن، الرحيم، السلام.

على أن تلك الأطراف المتحاربة على المساجد، تستخدم الله- مع الأسف- بطريقة أقل ما يمكن وصفها بأنها طريقة كارثية.

يتآكل المجتمع اليمني من الداخل، وأمام الدولة تحدٍّ صعب لصوغ نظام علاقة فعال يضمن مصالح الجميع ويستجيب بدينامية إلى تطورات العصر والمرحلة، خصوصاً وقد تحولت البلد إلى فضاء رحب ومفتوح للصراع الدولي بين السعودية وإيران وقطر، حتى لم يعد اليمنيون في بلادهم أكثر من جاليات لتلك البلدان، وملعون أبوها الزلط؟!

- القاعدة "الله يهديهم" = الحليف الديني القديم لأمريكا "بدعم من السعودية" ضد الاتحاد السوفيتي، وهم الذين عرفوا آنذاك بالأفغان العرب.

السلفييون "الله يرزقهم" = الحليف الديني للسعودية، وتستخدمهم كعصا في صراعها الفكري مع إيران، تماماً كما استخدمتهم لمواجهة الماركسي الـ كان يهددها في عدن .الشيعة "الله يفتح عليهم" = الحليف الديني لإيران، وتستخدمهم في صراعها التوسعي مع السعودية، وفي صراعها الأيديولوجي مع الشيطان الأكبر" أمريكا".

- الإخوان "الله يهنِّيهم" = الحليف الديني الجديد لقطر، وتستخدمهم الآن كعصا في خلافها التوسعي مع السعودية التي تنظر إلى قطر باعتبارها نملة أمام فيل. وتستخدمهم أيضا كورقة لإغراء أمريكا بأنها أجدر من السعودية في مسألة لعب دور "الكبير" في الشرق الأوسط .

طيب يا جن، اطلبوا الله براحتكم.. واتلابجوا براحتكم، ولكن دعوا مساجد الله في حالها، فما من حليف ديني أصيل لدى الناس سواها. قال تعالى "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" {سورة الجن/18} صدق الله العظيم.. يعني قد أرحم الراحمين أنزل تلك الآية الكريمة في سورة الجن، داري إنكم جن أصلاً ...!

[email protected]

*صحيفة اليمن اليوم

مقالات الكاتب