عدن مدينة تأكلها الجراد

 

 ع.د.ن اسم عريق لمدينة عريقة،تنام في احضان البحر،تدفئها الجبال السمراء.

حُفرت في الذاكرة منذ نعومة الاظافر،كنت اشتم رائحتها  المعجونة بالبخور  والفل والكاذي  في ملابس المسافرين منها وعبرها، قبل ان تعانق عيناي ازقتها وشوارعها.فالمدن مثل البشرتماما ترتاح لها منذ الوهلةالُاولي،او تنفر منها منذ اللحظة الاُولي.

كانت النافذة الوحيدة المفتوحة علي العالم بثقافاتة،وايديولوجياتة،وتياراتة السياسية والفكرية المختلفة،فيها نبتت واينعت صدمة الحداثة،بعد ان اغلقت قوى التخلف والظلام الاُبواب والنوافذ بالضبة والمفتاح،ولكنها وللاسف الشديد دخلت منذ عقود الالفية الثالثة من بوابة القرون الوسطى،فبعد ان حاصرها المتمركسون بقانون التأميم الخانق ،اطلق عليها المتأسلمون فتاوي التكفير التي تحولت الي  رصاص وقذائف،ودم واشلاء،ومقابر جماعية ومعاقين ومشردين في الداخل والخارج،لتثبيت الانأ القبلية –الطائفية المتضخمة،والغاء الاخر المختلف.

لقد اقسم تحالف الحرب من  الجنرالات المزيفين، وشيوخ التخلف ،وعلماء الارهاب باسم اصنام القبيلة، ان يحيلوها الي ريف للبؤس والفقر الثقافي والسياسي والاجتماعي،وقرية يسرح فيها البعوض،والبق، ويتسلي الرمد بألتهام عيون الاطفال والشيوخ،ويفترس الجوع والامراض القاتلة من تبقى،لتسلهل السيطرة عليها،ويصعب التغيير الي زمن طويل.

فبعد ان كانت عالما للجنس البشري ،العرب- الهنود- الفرس- البيض – السود ،وكان جو التسامح يرفرف ويظل الجميع..

ماذا حل بهذة المدينة الوديعة؟؟ من شفط جو التسامح؟؟؟

الاخبار والتقارير التي تتسلل من هناك،تنضح بالمرارة والتوجس والتربص ، والصور الخارقة للجدران  والعابرة للحدود تزيد الوضع قتامة وبؤسا،فالبحر لم يعد كما كان بحرا صافيا‘عميقا،نقيا،والماء لم يعد كذلك بعد ان تم ردمة من قبل قطعان البرابرة،والاسماك الملونة هاجرت بعيدا بعد ان ادانتها من قبل جنرالات الحرب وشيوخ الجهالة ،بالانفصالية والخيانة والعمالة.

والقصائد لم تعد تنبت علي الشواطيء،والمنازل التي كان يبنيها العشاق علي الرمال الصفراء،اكلها الجراد المتوحش،وانحدر الموج، واختفت الشواطيء،حتى التنزة والاستحمام في البحر صار من المحرمات الا للمتلفعين،برداء النفوذ والقوة..

ع.د.ن متأبطة حُزنها منذ زمن،تلعق جراحها بصمت،والجراد المتوحش يقتفي حداد جراحها المكتوم،والجبال السمراء تضرب كفا بكف...

وطيور النورس التحفت بالسواد،وانزوت بعيدا تذرف دموعها بحرقة،وتتسلى بعد الشعر الابيض في رؤؤس صغارها الذين الذين يغسلون  الاحزان بالدموع..

عدن تموت مع كل صباح تحت مخالب السباع الحديدية، التي تنهش لحمها الطري يشهد علي ذلك ما تسرب من اخبار مؤخرا تؤكد استمرارية  التسابق علي الاقتطاع من لحمها الحي..

كانت عدن مدينة فعلا ،وكان لاهلها احلام،الي ان هبت تلك العاصفة التي حملت طابو ر القبائل بمسمياتهم المختلفة،التي تتغذى علي الحقد والكراهية،وتستمد قوتها من سفك الدماء،والذي ابدع عالم الاجتماع الاول بوصفهم بقولة(الظروف المعيشية التي يختص بها هؤلاء قد انعكست  اثارها علي طباعهم واخلاقهم وانماط سلوكهم،ان طباعهم جافية،هي الي الطباع الحيوانية اقرب،ان جدب الارض وخُلوها من الارزاق جعلهم يمدون ايديهم الي مابأيدي الناس،يسلبونهم اموالهم،ومتاعهم،ولايجدون في ذلك منكرا،فقد تطبعوا بذلك،واصبحت ارزاقهم في رماحهم وسيوفهم،يكسبون بها عيشهم من اسهل الطرق،طرق النهب والسلب،واذا تغلبواعلي وطن اسرع الية الخراب والدمار،لان طباعهم منافية للعمران مناقضة لة،لاستحكام عوائد التوحش فيهم). وبالرغم مما تقدم سيظل السؤال  الملحاح

ع.د.ن...هل ستولد الشواطىء وتنبت الجبال في يوما ما من جديد؟؟؟؟؟

مقالات الكاتب