معجزة من المريخ ليحل السلام على الهامشيين في منتجع موفنبيك

قبل 3 أشهر وقع 400 عضوا في مؤتمر الحوار الوطني على مذكرة تشترط إنجاز التهيئة الضرورية لنجاح الحوار قبل الذهاب إلى بند توزيع الأعضاء على مجموعات العمل. عدد الموقعين على المذكرة (ونسبة كبيرة منهم ركمجية) يجعل من المقترح قرارا غير قابل للنقض من أية هيئة داخل المؤتمر, لكن هيئة رئاسة المؤتمر تمكنت, كما اتضح لاحقا, من استهبال الأعضاء الذين خرقوا قرارهم اتكاء على وعود الرئيس هادي ونوابه في هيئة رئاسة المؤتمر. كانت تلك إشارة الخوَر الأولى التي التقطتها رادارات القوى المهيمنة في اليمن, وبنت عليها سلوكها داخل المؤتمر وخارجه.

 

قِدَم الأخطاء لا يجعل منها حقائق. والقرار الذي صدر في الجلسة العامة الأولى يشترط تنفيذ النقاط ال20 للبدء في أعمال المؤتمر ما يعني أن أية مخرجات من قاعات موفنبيك لن تكون شرعية إلا إذا نقض المؤتمر قراره السابق في جلسة عامة. والمغزى هنا أن أية سجالات ومناوشات تشهدها قاعات المؤتمر حاليا, ومستقبلا, لا تعدو كونها محاولات عبثية لإضفاء الشرعية على مؤتمر خرج من جلسته العامة الأولى عن مقتضيات الشرعية.

 

المسألة ليست محض نظامية فقط, فالمعلوم أن النخبة السياسية اليمنية لا تقيم وزنا للمواثيق والعهود بما فيها تلك التي تستصدرها بالتوافق السياسي أو بالإملاء التسلطي. لا مفر إذا من التوكيد بأن المضي في أعمال هذا المؤتمر دون مراجعة جوهرية لوظيفته وبرنامجه ومساره وإعادة تعيين موقعه داخل المرحلة الانتقالية, يعني سوق اليمنيين إلى فوضى عارمة إما باندلاع حروب أهلية مصغرة في غير مكان من اليمن, بعيدا عن المنتجعين شمال شرقي العاصمة, وإما بتصميم مرحلة انتقالية ثانية من قبل الأطراف نفسها الموقعة على المبادرة الخليجية يكون محورها تمديد ولاية الرئيس هادي, وإما بسلق دستور جديد عبر المؤتمر أو بنسبته إلى المؤتمر, والذهاب إلى فرض الأمر الواقع بالقوة العمياء التي ألف أقطاب هذه المرحلة اللجوء إليها في مختلف مراحل الصراع في اليمن, قبل 1990 وبعده.

 

بوسع أعضاء المؤتمر من خارج النخبة السياسية التقليدية الاستمرار في المراوغة وشراء الوقت [من يشتري من؟] والالتفات عن الانتقادات والملاحظات بل وصدها بدروع (ووعود) من قش أملا في معجزة ما تتنزل على فندق موفنبيك من واشنطن أو الرياض أو حتى من المريخ [ الذي كان لليمنيين سبق الاستيطان فيه قبل عقدين بالتزامن مع حرب 1994!], لكن الشاهد أن هؤلاء الهامشيين في "مأدبة اللئام" هم الطرف الذي تتآكل مصداقيته كل يوم لأن الآخرين ليس لديهم ما يخسرونه في هذا المقام باعتبارهم عديمي مصداقية!

مقالات الكاتب