تدمير الجنوب بأياد جنوبية

361

منذ 1994 واليمن يشهد فوضى قبلية عصبوية عارمة أتت على ما تبقى من التزامات صنعاء الوحدوية والتي قضت وألغت بشكل تام كافة وثائق التوقيع على الوحدة بين الدولتين بعد ان شنت على الجنوب الحرب سيئة الصيت والتي تلتها عدة إجراءات وتغييرات للدستور بنمط المسرح الهزلي لشرعنة الاحتلال وتسييس مالا يسيّس, وما أريد قوله هنا ان إجراء واحد من الكم الهائل من الإجراءات الغير قانونية التي سيقت لترتيب أوضاع أنانية حينها تكفي لنقض الوحدة التي نسفتها فعليا من أساساتها الهشة.

واليوم نرى البعض من قادة الجنوب خاصة دعاة الفيدرالية اليمنية يعيشون قلقاً دائما وخوف من أن يكتشف الآخرون حقيقة القناع الخادع المزيف الذي  يتوارون خلفه ومن ان يكتشف أندادهم حقيقة الدروع الدفاعية ويقتحموها عنوة. إنهم في قلق دائم من أن يراهم الناس عراة مجردين من وسائلهم الدفاعية فينبذوهم من بينهم.

فبعد ان أشبعونا جلدا بسياط وحدة الوهم اليمنية وبعد معاناة أبناء الجنوب من اكتمال أضلاع مثلث الرعب أو مثلث التخلف المكون من الفقر والمرض والأمية نجزم بان ما يحدث اليوم ما هو إلا محاولات لتسفيف الواقع وتسطيح العقل الجنوبي قبل العربي بهرطقات أضاع أصحابها من أبناء الجنوب الطريق مما جعلهم مدعاة للتندر والشماتة.

لقد غابت عن هؤلاء الحقيقة والتي لا يمكن تغييبها, فالوحدة يا قوم سلقت في بحور دم أبناءكم وإخوتكم أبناء الجنوب التي أريقت دون واعز من ضمير وما المبادرة الخليجية التي تمسكون بها ما هي إلا حزمة من التزكيات والإملاءات التي يراد من خلالها تمرير ما لم يستطع سلفهم تمريره عبر مائدة الحوار اليمني التي تعد واجهة لشرعنة واقع مرفوض جنوبا.

الأكثر غرابة ان عدوى التملق المتكرر في الأحزاب عابرة للقارات متجذرة بصورة خاصة في فكر من يدعون زورا بأنهم قادة لمكونات جنوبية بعد أكلوا الفتات وبقايا موائد بعض حكام الخليج والتي نراها تبتعد وتشيح بوجهها جانبا عندما يأتي الحديث عن الوحدة العربية, و تعانقها وتجبرنا على تجرع ويلاتها منفردين تحت وهم الوحدة اليمنية و ينأون بانفسهم عنها.

قال الرئيس الأمريكي الأسبق : بنجامين فرانكلين ” الذين يستبدلون الحرية بالأمن لا يستحقون أياً منهما” ونرى ان محاولاتهم الدنيئة تلك تعد بمثابة عملية عالية الذكاء والتخطيط الاستراتيجي لإيهامنا بأنها عمل ناجع لسد وترقيع الثغرات التي دلفت من خلالها فئران وقوارض سد مأرب إلى كل مفاصل الحياة في الجنوب, ولكن عليهم ان يعوا جيدا إن ما تريده الجماهير الجنوبية اليوم هو فهمها بعمق لا بسطحية، وبنظرة وطنية شاملة لا عصبوية مريبة تعيد إنتاج واقع رفضوه وثاروا عليه وحددوا خيارتهم بالاستقلال الناجز ولا يرتضوا بغيره سبيلا.

واختتم بالقول انه طالما تسود عقلية متخلفة عن قراءة التاريخ بموضوعية.. فهل يرجى منهم إجراء قراءة موضوعية للحاضر!؟

فإذا كانت الإجابة بنعم مع هكذا عقليات.. فابشروا بمزيد من الدمار على يد هؤلاء.