رحل (الجبل) وبقيت "الأيام"!

144

لن أكن في محل ذاك (المنافق)، وهو يوزع نفاقه، ونفاحه، تجاه (سيده)، عندما رآه يذرف دموعه حزناً، وشبهه بـ (الجبل الذي يبكي)، لأن (جبلنا) غير (جبلهم) وشتان مابين جبل شمسان، وجبل (التنكة)!!

الأستاذ هشام با شراحيل، رئيس تحرير صحيفة "الأيام" وفقيد الصحافة اليمنية وعميدها، واحد من خيرة شرفاء العمل الصحفي المؤسسي، ظل على عهده وفياً لقضاياه، إلى أن توفاه الأجل، لم يطأطئ الرأس، إلا لمن خلقه، ولم يخضع لجبروت و(عفن) من يظنون أنفسهم فوق الجميع، فكان جزاءه، وجزاء صحيفته الأولى المحاكمات الكيدية، التعطيل، الإرهاب، المصادرة، إلى حد إيقاف وجبة الغلابى المفضلة "الأيام" بختم القذائف -التي نشاهد مثيلاتها ترسل من ترسانة العدو الصهيوني لتسقط على رؤؤس أهالينا في غزة الصمود والكبرياء- لتدك معقلها، مصاحبة لهجمات (قيران) العسكرية البربرية!

رحل الفقيد الشجاع، ومع هذا تظل سيرته، ومواقفه في مقاومة الظلم والطغيان، طاغية على الأحداث، أرادوا عودة صحيفته وتعويضه التعويض العادل، لكنه أبى (بيع) صاحبه وحارس مقره (المرقشي) ربط العودة بإطلاق سراح المعتقل البريء، المحكوم عليه عدوانا بالإعدام، وتهمته انه يرفض العيش ذليلاً، خانعاً في زمن الذئاب المرتجفة من زئير الأسود.

رحل الجبل، وبقيت "الأيام" أنشودة الوطن، معزوفة الرعية، بهجة البستان.

القراء كافة ينتظرون عودتها لتطل على صباحاتهم المشرقة بلونها الأخاذ، برائحتها الممتزجة بعرق وكدح الغلابى، وهي نصيرتهم في السراء والضراء...

عودة نتمنى ألا تطول، خاصة وان هناك توجيهات رئاسية بحل قضية الصحيفة وتعويضها، واعتقد أن تلك التعويضات لن تكن كافية، لأن ذلك الظلم والجور أتعب قلب أبو "باشا" وغادر دنيا الفناء، كمداً وحزناً وتعباً.

ما أشبه ما تعرض له ناشر "الأيام" مع صاحب الحكاية التالية، فمصيرهما واحد، لأنهما قالا: لا للباطل المفروض، لا للفساد وأهله...

"أحد فتوات المماليك بنى "ملهى" وكتب عليه "مسجد"!

وبسبب نفوذه وشدة بطشه لم يتجرأ أحد من أبناء الحي على النقد والاعتراض، أحدهم فقط، فكّر أن يبعث شكوى إلى الوالي المملوكي، وفعلا صاغ الشكوى وأرسلها، لكن بعد أيام فوجئ بمجموعة من البلطجية يقتحمون منزله ويحرقونه بما فيه على آخره، وكتبوا في المكان:

"هذا جزاء من يكذب على الله"!!!.

الأستاذ هشام وصحيفته لم يكتبا شكوى للوالي، بل فضحوا الوالي وأعوانه، ومثلما أمطروا دار "الأيام" بوابل الرصاص، انهالت عليهم ضربات الرحمة، وأوجعتهم، وأحرقتهم!

 

عدن الغد

مقالات الكاتب