بقاء اللقاء المشترك إمعانا بقهر الجنوب !

145

- ليست هذه هي المرة الأولى التي نخوض فيها الحديث حول جدوى بقاء أو عدم بقاء تكتل أحزاب اللقاء المشترك - المعارض سابقا الحاكم حاليا -، بعد ان انتفت اسباب تأسيسه، ولا أظنها ستكون الأخير ما بقي هذا التكتل السياسي المريب موجودا وبقي الحزب الاشتراكي فيه إلى مالا نهاية ك (كوبري سياسي) للعبور من خلاله جنوبا.!

      - قلنا مرارا أن دور الحزب الاشتراكي في هذا التكتل اقتصر على دور (حجر تسند جرة) ناهيك على ان اللقاء المشترك - أو بالأصح حزب الإصلاح اليمني لأنه لا وجود أصلا لشيء اسمه تكتل لقاء مشترك بقدر ما هو موجود حزبا سياسيا بثوب ديني - قد جعل من الاشتراكي كمالة عدد بكل حسبة يحسبها، واحتواه وقيد حركته ويبس مفاصله تماما ومسخ هويته الجنوبية واسقطه بهوة سحيقة في نظر الجنوب!.

     ربما كان لدى الاشتراكي وقياداته في بداية تأسيس اللقاء المشترك ومن قبله مجلس التنسيق مبررا سياسيا معقولا لينضوي مؤقتا تحته ويقبل بعقد نكاح سياسي غير مشروع بحجة ان المرحلة التي كان يمر بها هذه الحزب - المقذوف به إلى خارج اسوار الحكم غداة الغزو على الجنوب عام 94 م - تقتضي مثل هذه التحالفات التكتيكية المرحلية الاضطرارية حتى وان كانت مع عدوا لدود سامه حربا وتكفيرا كحزب الإصلاح اليمني المتشدد، واستئناسا بقول المتنبي:

   (ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى × عدوا له ما من صداقته بد)

وذلك لإيجاد تصدع بصخرة سلطة حرب 94 م الصماء لاستعادة حقا مسلوب. لكن اليوم وبرغم انتفاء سبب هذا التحالف وانتقال احزاب هذا التكتل من غواية المعارضة إلى نعيم السلطة ورغدها، وبرغم ما اصابه واصاب معه الجنوب من مضرة واذى جراء ذلك التحالف السياسي البائس فلا يزال هذا الحزب - الاشتراكي - مصرا باستماة غريبة ومريبة بالبقاء فيه.!!

 - فما خسره الحزب الاشتراكي سياسيا من هذا التحالف منذ تأسيسه أكثر بكثير مما كسبه - على افتراض ان ثمة مكاسب تحققت له، مع أننا لا نرى لها وجودا إلا بتصريحات قيادته - لا يفوقه في خسارته وتعاسته هذه إلا الشعب الجنوبي، وبالمقابل لا يوجد من هو أكثر ربحا واستفادة من حزب الإصلاح ومن بعده المؤتمر الشعبي العام أي الطرف الشمالي ككل الذي استطاع وبجدارة ان يروض الحصان الاشتراكي الجامح إلى حد التدجين.!

   - بماذا تمثلت خسارة الاشتراكي والجنوب من هذا التكتل؟

    أولا: ان احتواء الاشتراكي بحضيرة المشترك قد انتزع من هذا الحزب اعترافا وقبولا بنتائج حرب 94 م برغم ما يردده هذه الحزب من مقولات صارخة - من قبيل ان الوحدة قد فشلت وان حرب 94 م قد اجهضت المشروع الوحدوي الى الأبد -، فضلا عن ان هذا التكتل - أي اللقاء المشترك - قد جعل الحزب الاشتراكي تحت السيطرة السياسية واصبح اشبه بالمختطف، وأسقط من يده اهم ورقة سياسية يمكن ان تسنده وتقوي من موقعه السياسي ألا وهي الورقة القضية الجنوبية التي طالما ارقت الجانب الشمالي المعتدي لعدالة هذه القضية بل ان حزب الإصلاح لا ينفك من تحميل الاشتراكي المسئولية عن حرب 94 م ورفضه بصورة فجة الاعتذار للجنوب كنوع من التهيئة للحوار الوطني المفترض بل لا يزال - أي الإصلاح - يزهو فخرا بحرب 94 م ويعتبرها حربا مقدسة ضد الانفصاليين الكفرة بل لقد ذهب احدهم بعيدا بقوله: (ان حرب 94 م قد قدمت للجنوب ما ظل محروما منه طوال فترة الاستعمار وحكم الجبهة القومية والحزب الاشتراكي ..).

   ثانيا: خسارة هذا الحزب لقاعدته الشعبية بالجنوب وفقدانه لمعاقله الجماهيرية المهمة ليكون بالتالي مكشوف الظهر أمام أية عملية انتخابية مقبلة، بل ولقد أصبح ينظر له بالجنوب على انه حزب الخذلان والنخاسة السياسية على عتبات شيوخ القبائل في صنعاء واضحى حزب (خنثى سياسية) ان جازت التسمية فلم نعد نعرف هل هو حزبا معارضا أم حزبا حاكما، (أنظر الى التعيينات الرئاسية للمناصب المهمة وكيف تتجاهله عمدا) أم هل هو حزبا جنوبيا يدافع عن القضية الجنوبية وينصرها أم أصبح خصما جديدا لها بعد ان انضم إلى صف شركاء غزوة 94 م وقبل ب (قسمة ضيزى ) بالحكم وشرعن بذلك لوضع استعماري.

    زاد فاقم مشاعر السخط الجنوبي تجاه هذا الحزب قبوله المخزي بالانخراط بالتسويات السياسية الأخيرة التي تمت عطفا على المبادرة الخليجية قبل إيجاد حلا عادلا للقضية الجنوبية أو على الأقل قبل ان ينتزع ضمانة جدية من شركائه بالحكم الجديد لإيجاد حلا عادلا لهذه القضية باعتبارهم الطرف المعتدي بتلك الحرب التي أتت ليس فقط على دوره التاريخي ولا على الجنوب بل أتت على الوحدة ونسفتها من الجذور الى غير رجعة علاوة على انه - أي الاشتراكي - مسئول المسئولية الاخلاقية عن معاناة الشعب بالجنوب وهو من قاد هذا الشعب الى هذه الورطة المسماة اليوم زورا بالوحدة، ناهيك عن اخطائه السياسية القاتلة بالجنوب خلال عقدين ونيف من الحكم القاسي والتي لا تزال تلقي بظلالها الكئيبة على الجنوب حتى اللحظة.!

 خاتمة: (الذي يتغنى بالحرية من غير أن يكون مستعدا أن يلعن سراقها ليس اكثر من بائع بصل ..).!

  *صحيفة "الوسط"

مقالات الكاتب