حصار السبعين يوم على غزة... هزيمة محتل وشموخ مقاومة
سعيد شيباني
( غزة..مقبرة الغزاة ) كتب/سعيد شيباني اليوم الموافق...
بعد أن شدد الحجاج الحصارعلى عبدالله بن الزبير بمكة وتفكك جيشه و أنصاره ؛ ذهب يستشير أمه أسماء بنت أبي بكرالصديق . . وقد بلغت من العمر مئة سنة . . وقد كف بصرها . . فقال لها :
يا أماه . . لقد خذلني الناس
حتى أهلي و ولدي ؛ و لم يبق معي إلا اليسير و من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة . . فما رأيك ! ؟ .
فقالت له يا بني ! إن كنت تعلم أنك على حق و إليه تدعو فامض له ؛ فقد قتل عليه أصحابك ! . .
و إن قلت كنت على حق ؛ فلما وهن أصحابي ضعفت ؛ فهذا ليس من فعل الأحرار و لا أهل الدين ! . .
و إن كنت إنما أردت الدنيا ؛ فلبئس العبد أنت ؛ أهلكت نفسك و أهلكت من قتل معك ؛ القتل أحسن ! لضربة بالسيف في عز ؛ خير من ضربة بالسوط في ذل !
فقال يا أماه ! إني أخاف أن يمثلوا بي إذا قتلوني !
قالت ويحك يابني إن الشاة المذبوحة لا يضيرها السلخ ! . . فقبل رأسها و ودعها و مضى !
استشار ابن الزبير أمه في أصعب أوقات حياته ! وقد بلغت من العمر مئة سنة ؛ وقد عمي بصرها ؛ فأشارت عليه بالتمسك بمعاقد العز و الدين والكرامة !
فمضى عبدالله بن الزبير يقاتل حتى لجأ إلى الكعبة فدخلها محتميآ بها . . فرماها الحجاج بالمنجنيق حتى هدمها عليه !
وقتل فيها !
فصلبه الحجاج في المسجد الحرام ؛ و صاح في حاشيته : هاتوا لي أسماء تنظر ما فعل الحجاج بولدها !
فأتوها فأخبروها فقالت والله لآ آتيه !
فقال أخبروها تأتي وإلا لأبعثن إليها من يسحبها من قرونها !
فقالت والله لا آتيه حتى يبعث إلي من يسحبني من قروني !
فلما رأى إصرارها وقوة عزمها تركها !
فلما تركها جاءت إلى الكعبة تتحسس ولدها عبدالله . . فتسلل إليها الحجاج من أحد البيوت جوار البيت ؛ فناداها متشفيآ بها : كيف وجدتني فعلت بإبنك يا أم عبدالله ؟
فردت عليه بشجاعة نادرة : وجدتك يا حجاج أفسدت عليه دنياه و أصلحت له آخرته . . !
فطأطأ الحجاج و خرج مع حاشيته !
إسمعي يا أم الشهيد !
بمثل هذه الأم .. التي تعلم أبناءها ؛ أن المبادئ أغلى من التضحيات ؛
تعيرهم يوم يأتون بنقيصة . .
و تؤنبهم يوم يفرون عن واجب . .
و تفخر بهم يوم يضحون . .
و تعتز بهم يوم يخاطرون . .
بمثل هذه الأم تكون الرجال . .
و بمثل هذه الأم تكون العزة . .
و بمثل هذه الأم يكون الشرف ! !