(السلفيون) ورقة الاحتلال الأخيرة

187

زيارتي اللواء المنشق علي محسن الأحمر لدولة قطر بمعية الرئيس المعين هادي أولا ثم بصحبة رئيس حكومة المبادرة الخليجية باسندوه يخطئ من يعتقد أنها ناقشت حصريا تجارة أنفار المرتزقة الجهاديين لسوريا , نعم الجنرال الأحمر أشهر متخصص بهذه التجارة تشهد له بذلك أسواق الجهاد في أفغانستان والعراق , مع أهمية ذلك الأمر للقيادة المركزية الوسطى الأمريكية إلا أن الأزمة اليمنية وجذرها الجنوبي كان الحاضر الأبرز حيث تم استعراض أهم اللاعبين في المشهد السياسي اليمني والجنوبي الذي يتقدمهم الإسلام السياسي والسلفيون خصوصا , المتابع لتاريخ نشأت هذه الجماعات السلفية سوى في اليمن أو الجنوب وهو ما يعنينا يستشف وجود علاقة صميمة بين ذلك الفكر وتنظيماته الإرهابية مع الأجهزة الاستخبارية , حيث في الجنوب كان مقدمهم على ظهر عربة كاتيوشا حرب صيف 94 م التابعة للجنرال الأحمر بعد عودتهم من أفغانستان بنظر الأجهزة الأمنية السعودية والأمريكية , لان الجنوب في الأصل بيئة طاردة للتطرف لانتساب كل سكانه لمدرسة (حضرموت الإسلامية) تم فرض ذلك الفكر الدخيل بقوة الاحتلال , بالمثل في اليمن الفكر الوهابي السلفي ليس أصيلا بل جاء متأخرا بعد انتهاء الحرب الأهلية اليمنية التي انتصرت فيها القوى التقليدية الحليفة للسعودية على حلفاء الرئيس عبدالناصر , لتعزيز نفوذها أنشئت السعودية لذلك الغرض ما عرف حينه (المعاهد العلمية) التي كانت تدفع رواتب شهرية لمنتسبيها طلاب المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية من اجل نشر المذهب الوهابي السلفي.

تداعيات الربيع العربي الواصلة لساحة صنعاء والمدن اليمنية الأخرى بميول يسارية عن بدايته اثأر مخاوف قوى إقليمية ودولية على مصالحها , أمريكا التي خرجت مثقلة بهزيمتها العسكرية في أفغانستان والعراق المتزامنة مع أزمتها المالية دفعها لتفويض حلفاؤها الإقليميين بالملف اليمني , من رحم ذلك التفويض خرجت المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة فجاءت ملبية لمصالح حلفاء السعودية من القوى التقليدية الدينية المشيخية العسكرية وفي الاتجاه المعاكس لرغبات شباب الساحات بالتغيير , لان المبادرة لم تلبِ حاجة مجتمعية نصبت الدول الراعية للمبادرة واجهه مدنية لا تملك سلطة حقيقية على الأرض وكأنها بذلك التعين مراد منه التهيئة لأرضيه خصبة لتكاثر الجماعات السلفية.

بعد تصريحات المسئولين السعوديين السياسيين والأمنيين لم يعد يخفى على أحد إن (الوحدة اليمنية) تحولت لمسألة امن قومي سعودي , معرفة هذه الجزئية يفسر أسباب اندفاع القوى التقليدية للجم اندفاعات الحراك التحرري الجنوبي بعد أن تجاهلت المبادرة الخليجية القضية الجنوبية , الموقف المشترك ضد (الحراك) نقطة تقاطع للمصالح بين الاحتلال اليمني وحليفة السعودية على اعتبار إن استمرار الاحتلال يحقق حاجة إستراتيجية سعودية تتمثل في :-

- إبقاء الجنوب تحت الاحتلال يشكل متنفس للكثافة السكانية للهضبة اليمنية يحول دون توجهها نحو أحلامها التاريخية في نجران وجيزان وعسير.

- إبقاء الجنوب مرتع للقوى التكفيرية يثير المخاوف الدولية على منابع الطاقة وحرية الملاحة الدولية أمرا يسمح لها للعب دور كلب حراسة لمصالح تلك القوى الدولية.

- إبقاء الجنوب ملعب مفتوح للجماعات السلفية يبعدها عن مركزها في المجال السعودي.

عودة لما بدأنا به فان زيارة الجنرال الأحمر لم تكن لقطر الدولة بقدر ماهي زيارة لتلقي التوجيهات مباشرة بحكم تواجد مقر القيادة المركزية الوسطى الأمريكية والمقر الإقليمي للمحفل الماسوني ,أما أهمية الجنرال الأحمر تأتي من إمساكه الفعلي بأوراق فسيفساء الجماعات السلفية من دماج إلى معبر مرورا بحزب الإصلاح وجمعية الحكمة والإحسان ... الخ.

المراهنة على الورقة السلفية بدا مع حرب احتلال الجنوب وتعاظم الاهتمام باستخدامها بعد تزايد النزعة الوطنية الاستقلالية الجنوبية , الجديد في الأمر بعد تجربتي الإسلام السياسي المعاصر بمصر وتونس برزت أفضلية استخدام النفوذ القطري السعودي المالي والأيدلوجي على الجماعات السلفية لابتزاز قوى الثورة لإعاقة مشروع التحول نحو الدولة المدنية الحديثة , أمر يفسر المهمة الجديدة للجنرال الأحمر بتوجيه إتباعه من القطعان السلفية التكفيرية لإعاقة التحول الديمقراطي شمالا والحيلولة دون استعادة الجنوبيون لدولتهم المدنية, قدرات السلفيين للعب هذا الدور جاءت استخلاصا من تجربة حركة (الأزواد) الاستقلالية في الشمال المالي التي تعثر أداها السياسي مؤخراً بعد نضال استمر أكثر من نصف قرن , تعثر أنجح تقاطع المصالح بين الدولة المالية المركزية ودول الإقليم والقوى الاستعمارية استوجب بعثرة أوراق الملعب في (تمبكتو) من قبل الجماعات السلفية التي عبثت بالإرث الثقافي الإنساني للمنطقة , حاله فوضوية عدمية بررت وشرعت للتدخل الدولي الاستعماري لإعادة احتلال المنطقة مجددا ليس لكبح الطموح الاستقلالي لشعب الأزواد كما يبدو ظاهر بقدر ماهي مدخلاً للسيطرة على مناجم اليورانيوم بالمنطقة , اليوم في الأفق تباشير سيناريو مماثل يعده الاحتلال اليمني وحليفه السعودي من خلال استخدام الورقة (السلفية) لتصفية الحراك التحرري الجنوبي المدني , المقدمات المادية لذلك المخطط تباشيره ترتسم في استعراضات القوة للتيار السلفي أثناء صلوات العيد بالميادين العامة في مناكفة واضحة ضد ساحات الحراك الجنوبي وبما يعزز أسهم قوته ببازار السياسية الإقليمية والدولية.

مجرد ملاحظة:-

رفع الغطاء السياسي عن فاسدي المجلس الأعلى للحراك المدخل السليم للهيكلة وصولا للمؤتمر الوطني الجنوبي.

زنجبار أبين

31 / 10 / 2012 م

منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن

مقالات الكاتب