في يمنية الجنوب، وتحقيق الوحدة بدون مبادئ

147

المقال (3)

برغم الإرهاب الفكري الذي يمارسه بعض الجنوبيين ضد كل من يرفض مطلب فصل الجنوب عن الجمهورية اليمنية فيأخذون في شتمهم بجانب تمرسهم في شتم الوحدة اليمنية وشتم أبناء الشمال بأسوأ الألفاظ وكل ذلك يمارس من قبل "مناضلي الكيبورد"، فإنه مما لا شك فيه أن تحقيق الوحدة اليمنية كان منجزاً عظيماً وهو من أهداف النضال الجنوبي الشريف منذ خمسينات القرن الفائت، وكثير من "مناضلي الكيبورد" الذين تراودهم أحلام اليقظة بالإنفصال واستعادة دولة الجنوب ويعجزون عن تحقيق ما يحلمون به منذ 18 عاماً حتى رغم تشكل ما يعرف بالحراك الجنوبي منذ نحو 5 سنوات، ينكفئون على أجهزة الحاسوب لتفريغ غيظهم وعقدهم وأحقادهم وتطلعاتهم المريضة ليس فقط بشتم الوحدة وأبناء الشمال ولكن أيضاً بشتم قحطان الشعبي لأنه "يمنن الجنوب”.

ومؤخراً نلت قدراً من بذاءاتهم لأنني كتبت في مقال نشر منذ أيام ما يلي (أنا مع تحويل الجنوب إلى ولاية فدرالية ضمن الجمهورية اليمنية فلست مع وحدة ثبت فشلها لكنني لست مع الإنفصال فقد نشأت نشأة وطنية وقومية في أسرة رجالها لديهم مبادئ أخلاقية وسياسية سامية لهذا أؤمن بوحدة الشعب اليمني ووحدة الشعب العربي وأن الجنوب جزء من اليمن واليمن جزء من الوطن العربي) ولكن نلت قدراً أكبر من الاستحسان على قولي ذلك حتى أن صديق وافاني برسالة الكترونية تضم تعليقاً بموقع "صدى عدن" على مقالي المنشور بها في الفاتح من سبتمبر الجاري وحسب قوله أنه أروع تعليق على مقالي، التعليق باسم ناصر الجليدي ونصه (لو أكتفينا من كل كتاباتك الكثيرة ونشاطاتك المتعددة بالفقرة التي تقول فيها "أنا لست مع الإنفصال فقد نشأت نشأة وطنية وقومية في أسرة رجالها لديهم مبادئ أخلاقية وسياسية سامية لهذا أؤمن بوحدة الشعب اليمني ووحدة الشعب العربي وأن الجنوب جزء من اليمن واليمن جزء من الوطن العربي" لدخلتَ التاريخ وبقيت ضمن المخلدين الأحرار إلى الأبد. شكراً لنجيب النجيب ، ابن رئيسنا العظيم وقائد استقلال جنوب وطننا قحطان الشعبي ، والعار على من يسعى إلى تمزيق وطننا ، بسبب أفتقادهم للروح الوطنية والقيم السياسية النبيلة) ولن أحلف بأنني لا أعرف الذي كتب هذا التعليق فقد كتبت مؤخراً في "عدن أون لاين" أنه بناء على طلب كثير من القراء آخرهم الابنة العزيزة الشابة (هـ.م) المقيمة مع أسرتها الكريمة ببريطانيا التي ناشدتني أن لا أحلف في مقالاتي لأنها وجميع صديقاتها يثقن في صحة كل ما أكتبه، فأنني لن أحلف ثانية والذي لا يريد أن يصدق شيئاً كتبته فمع ألف سلامة ولا يعود لقراءة مقالاتي. وأشكر من كتب ذلك التعليق وقد أشاد بي أكثر مما أستحق.

الجنوب، يمني أم تيمنن؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والصحيح أن الشعبي أنما كافح لينفض الغبار الذي طمس الهوية اليمنية للجنوب فالجنوب جزء من اليمن، وقد أكد أن جنوب اليمن المحتل يشكل مع شمال اليمن المستقل إقليم اليمن، وكنت أتجاذب أطراف الحديث هاتفياً في رمضان الفائت مع الأخ أحمد الحبيشي ــ وخصومه كثر ولكن لا أحد منهم يستطيع أن ينفي ثقافته السياسية ــ فقال "وعبدالله باذيب يمنن الجنوب مع قحطان الشعبي فهما أول من أكد يمنية الجنوب وذلك تقريباً في عام 1956" وأعتقد أن هذا صحيح فباذيب معروف بإيمانه بالوحدة اليمنية.

إن يمنية الجنوب حقيقة تاريخية ولا ينكرها إلا جاهل بالتاريخ أو إنفصالي خائب يتوهم أن إنكار يمنية الجنوب هو الطريق الموصل للإنفصال! وأكثر من يرددون أن قحطان يمنن الجنوب هم من حضرموت وشبوة (ومعهم صغار الجنوبيين الذين يناضلون بشراسة من خلال الكيبورد فيما يسمى بمنتديات الضالع بوابة الجنوب وهم يعتبرون من حثالات الجنوبيين وللأمانة ينافسهم مناضلي كيبورد منتدى كور العوالق الذين ضحكت كثيراً على خيبتهم عندما أفادني أحد المقربين وأنا أكتب هذا المقال بأن إدارة "فيسبوك" طردت منتدى كور العوالق من فيسبوك للبذاءة والسوقية التي يتصف بها هذا المنتدى الذي سبق أن كتبت منذ أسابيع عن إنحطاط رئيس مجلس إدارته وبعض أعضائه، تهانينا بإغلاق حسابكم في فيسبوك، كما علمت مؤخراً أن المتسمي بـ "بكري" المشرف على القسم السياسي بمنتديات الضالع قد طرد من الإشراف على القسم بعدما كتبت عنه مرتين بأنه وعضو يدعى مهدي الكازمي يقومان بتزييف تاريخ الجنوب وشتم أبناء الشمال بألفاظ بذيئة، تستاهل يا "بُقري") وحول ما يقوله بعض انفصاليي حضرموت وشبوة بأن قحطان نكبهم لأنه يمنن الجنوب، علق صديق عزيز ساخراً "يمكن هم زعلانين لأن قحطان خلاهم يمنيين وليس ألمان أو أمريكيين" وصديق عزيز آخر علق ساخراً "هم تاريخياً يمنيين من قبل أن يخلق قحطان فاسألهم: وأيش كنتم قبل أن ييمنن قحطان الجنوب؟ هل كنتم فرنسيين أو ألمان؟" أما أنا فأرد عليهم بأنه يجب أن تشكروا قحطان فقد أبرز يمنيتكم فجعل لكم قيمة بين الشعوب وكنتم من قبل مجهولين يا أوباش.

قادة عدن هم سبب: إنتكاسة الوحدة، والحرب، وقضية الجنوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعض مناضلي الكيبورد من مزوري التاريخ يكررون أنه بعد تعيين قحطان الشعبي مستشاراً للرئيس الشمالي عبدالله السلال أرغم على القول بأن الجنوب يمني! إذا ما رأيكم يا أوباش أن كتابه "الإستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن" صدر في 21مايو1962 أي قبل تعيينه مستشاراً بسنة بل قبل أن يصير السلال رئيساً بل قبل 26 سبتمبر1962 بأربعة شهور وكان الحاكم حينئذ الإمام أحمد وفي طول الكتاب وعرضه يؤكد الشعبي على يمنية الجنوب .. الرجل كان لديه مبادئ سامية وأهداف عظيمة تحرريه ووحدويه يمنياً وعربياً وليس مثلكم متجردين من أي مبادئ أو أهداف عظيمة ومتجردين حتى من الأخلاق. ولكنه لم يقبل بتحقيق الوحدة بتلك الطريقة التي تمت بها ففي خطاب جماهيري بعدن في 1969م رفض سياسة الضم والإلغاء التي تتبناها صنعاء تجاه دولة الإستقلال الفتية في الجنوب وأعلن 10 نقاط كأساس لتحقيق الوحدة اليمنية وقال "لو وافق الإخوان في الشمال على هذه النقاط فنحن مستعدون لتحقيق الوحدة اليوم قبل الغد" فأسقط في يد القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري والفريق حسن العمري رئيس الوزراء وأعلنت صنعاء بأن النقاط تعجيزية! مع أن قيادة صنعاء لم تحاول حتى مناقشة النقاط مع عدن (ليس هنا مجال سردها، ولكن منها أن قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر وطبق في الجنوب يجب أن يطبق في الشمال للقضاء على الإقطاع وشبه الإقطاع، والعمل على إسترداد الأراضي اليمنية التي في حيازة الغير، والعمل بمبادئ وأهداف ثورة 14 أكتوبر) وقال الرئيس الشعبي "ليس بالضرورة أن يكون رئيس الجمهورية مننا أو أن يكون رئيس الحكومة مننا ولكن يجب أن يكون هناك مبادئ نسير عليها".

وللأسف فأنه بعد 20 سنة من تلك الشروط قام البيض وقيادة الحزب الإشتراكي بتحقيق الوحدة بطريقة "ساذجة" فهي على العكس تماماً مما أشترطه الشعبي فقالوا بأنه بالضرورة أن يكون في الفترة الإنتقالية نائب رئيس مجلس الرئاسة مننا وأن يكون رئيس الحكومة مننا وأن يكون رئيس مجلس النواب مننا وتكون نصف مقاعد الحكومة لنا، ومن كان معارضاً منهم لإتفاقية الوحدة تراجع أمام الوعد بتعيينه في الحكومة! وغير ذلك من ترتيب "الأوضاع الشخصية" للقادة في عدن أما "المبادئ" فلم يكن لها أي أهمية لديهم وهذا هو سبب إنتكاس الوحدة اليمنية وبالتالي حرب 1994م ومن ثم ظهور القضية الجنوبية فالسبب في ظهورها هم قادة الجنوب لأنهم دخلوا إلى الوحدة متجردين من "المبادئ".

نشر هذا المقال لا يعني أنني أوقفت مواصلة حلقات "التآمر على دولة الأستقلال..." ولكن لا يجوز أن أتوقف عن كتابة موضوعات أخرى إلى ما بعد أنتهاء الحلقات المذكورة، والحلقة 2 منها ستنشر بعد غد الثلاثاء 18/9 بإذن الله.

مقالات الكاتب