لهذا السبب اعتذاركم غير مقبول ...!

145

الاعتذار عن الخطأ هو عمل أخلاقي يصدر من طرف المخطئ تجاه من وقع عليه الخطأ ان قصد بهذا الاعتذار الشعور بالذنب والنية لإصلاح الخطأ وعدم تكراره، وليس فقط إسقاط واحب والتملص من اللوم والعذل الذي المخطئ جراء فعلته، كما تفعل اليوم القوى السياسية والقبيلة والدينية والعسكرية المعتدية على الجنوب بحرب 94 م وما تلاها من أنواع الحرب (نهب للثروات - قتل - إقصاء - مصادر هوية وتاريخ وتراث علاوة عن مصادرة الحق السياسي ..) وهي تتحدث فقط عن نيتها بالاعتذار للجنوب دون ترجمة ذلك الى فعل ملموس.!

   - فبرغم الإعلانات المتكررة من قبل تلك القوى - أحزابا وأفرادا وقادة عسكريين ومدنيين وقلبيين - عن الاعتذار عما اقترفته جريمتي الحرب والنهب حيال الجنوب وطية صفحة كئيبة حسب قولهم إلا ان الفعل يشيرعكس القول تماما. فمثلا بعد ان اعلن حزب الإصلاح استعداده للاعتذار من خلال موافقته على النقاط ال 12 التي تقدم بها الحزب الاشتراكي لحل القضية الجنوبي علاوة على التصريحات الرسمية لهذا الحزب وتصريحات قادته بهذا الشأن إلا ان شيئا من هذا لم يحدث حتى اللحظة بل ان رئيس الهيئة العليا لهذا الحزب ( العميد) محمد اليدومي حمل في مقابلة له مع قناة سهيل الحزب الاشتراكي المسئولية عن تلك الحرب وما ترتب عنها، وبالتالي يكون العميد اليدومي قد نسف موافقة حزبه على نقاط الاشتراكي ال 12 بما فيها بالتأكيد نقطة الاعتذار.!

  - الشيء نفسه يقوله المؤتمر الشعبي العام تجاه الجنوب وضرورة الاعتذار له ولكن ضد ما يعلن هو الحاصل. وكذلك وعد اللواء على محسن الأحمر الذي قال قبل أشهر ان الجنوب يعيش تحت الاستعمار منذ عام 94 م إلا انه أي الأحمر لم يبادر هو الأخر للاعتذار بصفته عراب السلطة بالجنوب منذ ذلك التاريخ وراس حربة النهب. والحال نفسه مع الشيخ القبلي الإصلاحي حميد الأحمر الذي طالما كان يقول ويكرر .. ويكرر .. قبل سقوط علي عبدالله صالح ان الجنوب واقع تحت الظلم والقهر وانه من الواجب الاعتذار له واعادة كل ما نهب منه وهو أي حميد الأحمر لم يعترف بانه محتل لبيت علي سالم البيض الذي سلم له ولقبيلته دولة بكر مثل دولة الجنوب ولم يبد أي عزم لإعادة هذا المنزل كبادرة حسن نية لما يقوله ولما لإعادة هذا البيت من رمزية ومدلول سياسي كبير.! مع ان الجنوبيين سرعان ما يصفحون السفح الجميل ويرددون قول الشاعر:

  (اذا مرضنا أتيناكم نعودكم × وتخطئون فنأتيكم ونعتذر).!

    - تملكتني حالة من الدهشة حين أعلنت ما تسمى لجنة الحوار الوطني في صنعاء انها بصدد تقديم اعتذار للجنوب عما لحق به من عدوان 94 م، وهنا يكون الاستخفاف بالقضية الجنوبية واصحابها قد بلغ مبلغه وتكون طرق المختلة السياسية قد بلغت الذروة وهو أمر مرفوض من الجنوبيين للأسباب الآتية :

  أولا: إن أي اعتذار يجب ان يسبقه إعادة ما أخذ ماديا ومعنويا من الجنوب أو على الاقل يكون بالتوازي معه.

 ثانيا: ان هذه اللجنة تحاول ان تبعد الحرج عن القوى والأحزاب التي ارتكبت خطيئة حرب 94 م و تنوب عن هذه القوى باعتذار مسخ لا يساوي الحبر الذي كتب به لأن من يهيمن ويتحكم بقرارات هذه اللجنة هي ذات القوى التي اعتدت على الجنوب وان تبادلت مواقعها وخطباها، مع استثنائنا لبعض افراد هذه اللجنة ممن حشرت اسمائهم بها بغرض الإحراج و (التكعيف) لغرض في نفس من حشر تلك الأسماء.

  - ثالثا: مثلما ما قلنا سلفا ان الاعتذار - أي اعتذار - هو ان يقدم المخطئ اسفه واعتذاره ويكون هذا الاعتذار صادرا منه دون غيره ومن غير شروط، ويقرر عدم تكرار الفعل، علاوة على ان المعتدى عليه له حق مقاضاة المعتدي او الاحتفاظ بهذا الحق أو الصفح عن المعتدي (المعتذر) ولما كانت قوى حرب 94 م المعتدية على الجنوب ليس هي من سيقدم هذا الاعتذار فبالتالي سيبقى الحال كما هو ولن يغير قرار لجنة الحوار من الامر شيئا حتى وان نصبت نفسها محل المعتدي لأن مشكلة الجنوب ليس مع لجنة عمرها السياسية محدود وبعض اعضائها هم جنوبيين اصلا أي انهم من طرف المعتدى عليه.! فكيف مثلا أيعقل أن يعتذر الاستاذ تمام باشراحيل عن نهب الجنوب وتشريد اهله وظلمهم؟ أو تكون المحامية راقية حميدان هي من يعتذرعن إقصاء الجنوبيين من وظائفهم وتعتذر لأسر شهداء الجنوب وجرحاه ومعتقليه عما اصابهم من طرف قوى الحرب والنهب.؟ وكيف يكون بوسع الأخ حسين محمد عرب ان يتعذر للجنوبيين عما ما لحق بهم حيف وجور مس حياتهم وعقدتهم جراء فتوى التكفير الشهيرة التي اطلقها رجل الدين الإصلاحي المتشدد عبد الوهاب الديلمي؟!

     * خاتمة: (شكرا للأشواك لقد علمتني الكثير).

مقالات الكاتب