شعب الجنوب لن يقبل باعتذار ما يسمى بلجنة الحوار الوطني

290

اتحفتنا هذه الأيام وسائل الاعلام في صنعاء بجميع اشكالها وانواعها بخبر مفاده "أن ما يسمى بلجنة الحوار الوطني تعتزم تقديم اعتذار لمحافظات الجنوب ولمحافظة صعدة واعتبار شهداء الجنوب وشهداء صعدة شهداء واجب" وكأنها بهذا الخبر قد اقدمت على عمل بطولي خارق . والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع سوى في لجنة الحوار أو في غيرها أن شعب الجنوب مع أنه يؤمن بالحوار . وقد أوضح رؤيته تجاه الحوار في أوقات سابقة , ويحترم أي اعتذار من حيث المبدأ , لكن بالمقابل لن يقبل باعتذار ما يسمى بلجنة الحوار الوطني للأسباب التالية:

أولاً: هذه اللجنة تم تشكيلها بقرار جمهوري وحدد مهامها بأنها تقوم بالإعداد لمؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في شهر نوفمبر القادم , وقد حدد شعب الجنوب بكل اطيافه موقفه من هذا المؤتمر بأنه لن يشارك فيه مالم يكن قائما على مبدأ الحوار بين طرفي وحدة عام 1990م . ووفقا للقرار الجمهوري فإن هذه اللجنة ليس من اختصاصها مهمة تقديم الاعتذار لشعب الجنوب الذي لحقت به اضرار مادية ومعنوية بالغة من جراء احتلاله عام 1994م من قبل نظام الجمهورية العربية اليمنية. وأي اعتذار مستقبلي سوف يقدم لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يجب أن يكون باسم دولة وحكومة الجمهورية العربية اليمنية , وأن يكون مشفوعا قبل كل شيء برحيل قواتها العسكرية من أرض الجنوب .

ثانياً: أن أي اعتذار سوف يقدم في المستقبل لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, وهو حتما سوف يقدم ذات يوم إن شاء الله سوف تترتب عليه تعويضات مادية ومعنوية لشعب الجنوب. وهذه المترتبات لا بد أن يتفق عليها الطرفين مسبقاً. ولدينا العديد من التجارب في العالم التي قدم فيها المحتل اعتذار للدولة المحتلة. وما تبع ذلك من تعويضات عادلة .

ثالثاً: ما يسمى بلجنة الحوار الوطني هي جهة غير حكومية وأي اعتذار منها يعتبر غير ملزم لنظام صنعاء في المستقبل , ولا يقدم ولا يؤخر في حقيقة وجوهر حل القضية الجنوبية , فهي قضية وطن وشعب تعرضا للاحتلال , وتبني ما يسمى بلجنة الحوار لهذه الفكرة هو وإن كان صادر عن نوايا طيبة من قبل بعض أعضائها , فإن الفكرة في عمقها هي بمثابة ذر فلفل حار على العيون للظهور بمظهر الطرف الذي يقدم تنازلات, وهو من جهة إعفاء مبطن لمن ارتكب جريمة احتلال الجنوب, وقتل رجاله ونسائه وشيوخه وأطفاله ونهب ثرواته , وإذلال مواطنيه.

رابعاً: مع تقدير واعتزاز شعب الجنوب بأشقائه في صعدة , واعترافه بقضيتهم العادلة , من خلال تعرضهم لعدة حروب عبثية وغير مبررة , وترتقي إلى مستوى حروب ابادة بحق البشرية , ويستحقون أن ينالوا من جراءها ليس الاعتذار, وإنما كل ما يجعلهم يشعرون أن اعتبارهم رد اليهم , بما في ذلك محاسبة من شنوا الحروب عليهم. مع كل ذلك فإن المقارنة بين القضية الجنوبية وقضية صعده هي مقارنة ظالمة , وفي اعتقادنا أن أبناء صعدة البواسل الكرماء لن يرضوا بها. فهي مظلمة جديدة وقذرة تجاه شعب الجنوب. فكيف لشعب الجنوب ذاته أن يقبل بمثل هذا الاعتذار ومن لجنة غير مخولة ومؤقتة؟. إن مثل هذا الاعتذار من وجهة نظر شعب الجنوب لن يساوي الحبر الذي سوف يكتب به. وهو مرفوضا اليوم وغدا.  

خامساً: أن تتبنى ما يسمى بلجنة الحوار الوطني اعتبار شهداء الجنوب هم شهداء واجب , كتسامح من قبل نظام الاحتلال في صنعاء, الذي أمر بقتلهم ومازال لأنه كان يعتبرهم بمثابة مرتزقة. وبهذا التسامح سوف يمنح اسرهم قليلا من فتات المال. هذا أمر يعبر عن نظرة احتقار لقضية شعب الجنوب وشهداءه الابرار , إن شعب الجنوب ينظر إلى هؤلاء الشهداء بأنهم عنوان عزته وكرامته , ويمكن أن يتسامح بأي شيء إلا بدماء رجاله ونسائه واطفاله الذين دفعوا حياتهم ثمنا في سبيل حريته. أما المرتبات التي يمكن أن تدفع لأسر الشهداء مع أنها من عائدات نفط وثروات شعب الجنوب الذي حرم بكاملة ومازال محروما من عائدات ثرواته , فإن المال مهما كبر حجمه لا يساوي عند أسر شهداء وجرحا الجنوب ثمن قطرة دم سفكت , فكيف اذا كانت أرواحا أزهقت؟.

المواطن الجنوبي/ محمد عباس ناجي.