هزمتهم هشام حيا وميتا

171

إن الرجال مواقف والمواقف لا تقاس بتحقيق الغايات من عدمها أو نيل المتاح والوصول الى ما نحب ونرضى ’ والثبات والصمود على الحق الذي يحتاج الى روافع تعليه مقابل نهاض الباطل وأعوانهم وهم الأغلب والأعم لا يقدر عليه إلا رجال الصدق والوفاء ’ وفي خضم الصراع قد يفقد الواحد منا ماله وعياله وحياته في سبيل ما يعتقده ويؤمن به غير أن ذلك يتطلب عزيمة لا تلين وقوة لا تنكسر وصبر ايوبي طويل خاصة حين يوقن العقل ويرى القلب أنك صاحب حق وطالب عدل هنا فقط تكون القداسة موازية للحياة نفسها .

وحين وجد هشام نفسه بين خيارين أولاهما الوصول الى مشارف القصور بأقصر الطرق وأكثرها سلامة وضمانا وإن فرشت مسالكها بالورود والرياحين غير أن سلوكها يتطلب قبل خلع النعال والدوس على ريش النعام أن تترك بجانب نعالك ضميرك وقناعاتك وإيمانك ورجولتك وتعبر مع الآلاف قبلك الذين سلكوا الطريق طمعا في الملايين وبهارج ونفوذ وهيلمان السلطة .

وثاني الخيارين وهو أصعبهما السير خلف ما تؤمن به واختيار نوع الوسيلة لتعاملك مع جوهر الأشياءلا مع الأشياء نفسها وبرغم وجودك على فراش المرض كنت ترعد فرائصهم ومن وهن المرض استمد يت قوة الحق فما لان لك جانب ولا ثبطت  لك عزيمة أبدا ومن بين جدران زنزانتك نشهد الله وقد حاقت بك الأخطار المحدقة والمصاعب المتطاولة والمؤامرات المتساوقة وخذلان القريب قبل البعيد ما زادت قلبك الموجوع إلا ثباتا وقوة وأقسمت  بعد قصف الأيام بنيران حقدهم وغلهم أنك لن تنكسر أبدا وستقف مع الحق وإن كان الثمن حياتك ولأمضيت ذلك وأنت سعيد عرفناك هذا الرجل ودفعت الثمن وأنت هذا الرجل وقتلوك قهرا وأنت هذا الرجل وأمطروا جثمانك الحي برصاص باطلهم المستمر وأنت هذا الرجل في زمن عز فيه الرجال وكم تمنيت أبا باشا أن تفتح جفنيك لحظات لترى كيف سار أبناء الجنوب يحملون نعشك وسط لعلعة الرصاص وقعقعة مجنزراتهم بصدور عارية وسلاحهم الوحيد كان جثمانك على أكتافهم ليقول قائلهم لله درك هشام هزمتهم حيا وميتا

 

مقالات الكاتب