تزامن سقوط زنجبار مع قرار مجلس الأمن.. ماذا يعني؟

145

قال لي صديقي -وهو وحدوي عسر- وهو يحاورني ويمسك كعادته بلحيته الأنيقة وحالة من الزهو والخيلاء تتملكه :أن مجلس الأمن الدولي قد اصدر الثلاثاء قرارا مهما برقم 2051يؤيد فيه بقاء الوحدة اليمنية وان هذا القرار حسب قول صديقي قد قطع الطريق على دعاة الانفصال.وصديقي هذا الذي لا ينفك ان يسخر ويحط من مكانة (مجلس الأمن النصراني اليهودي) حد وصفه له دوما إلا ان اليوم كان مزاجه غير ،وأصبح مجلس الأمن بلحظة اشبه بسقيفة بني ساعدة .!

-لصاحبي الوحدوي ولأمثاله من وحدويو ما بعد (غزوة يوليو) نقول ما يلي:

1- ان هذا القرار وما سبقه قبل أشهر من قرار مماثل هو قرار يخص نقل السلطة بصنعاء عطفا على المبادرة الخليجية الخاصة بحل ازمة الحكم هناك، ثم من متى كانت قرارات مجلس الأمن الدولي ملزمة لأحد غير للضعفاء فقط، وإن افترضنا ان الجنوب هو من هؤلاء الضعفاء فهل يمكن ان يظل وضع الجنوب ضعيفا إلى ما لانهاية ؟وهل يصمد طول بال هذا الجنوب ويستمر برباطة جأشه دون ان يعمد الى أساليب أخرى تجبر هذه القوى الكبرى وتلوي اذرعها كما تفعل صنعاء على التعاطي مع مطالبه المشروعة تحت الخشية على مصالحها النفطية والاقتصادية التي تعتبرها هي من يحملها على إصدارا مثل هذه القرارات بعد ان صار مجلس الامن ألعوبة بيدها؟.

2- ان من يقدمون أنفسهم اليوم على انهم وحدويون ،وهم من وقف بكل قوة ضد الوحدة من قبل ومن بعد ان تتحقق وافتوا بمقاومتها والتصويت ضد دستورها لا يستطيعون ان يقدمون الجنوبيين على انهم أعداء للوحدة التي قامت يوم22مايو90م لأنهم أي الجنوبيين هم من ضحى من أجل هذه الوحدة أملا بمستقبل مشترك راقي مع الشريك الشمالي حتى مسخها غزاة حرب 94 الى الحالة التي هي عليها اليوم. ثم ان وحدة اليوم التي تستمد بقائها من قرارات دولية دون إرادة نابعة من أصحاب الشأن هي وحدة لا يمكن ان تدوم حتى وان عززتها عشرات من قرارات التوسل الأممي وبطن الارض اشرف لها من ظهرها ، وإن التهليل لمثل هذه القرارات يعد اعترافا صريحا ان الوحدة المزعومة لم تعد شرعيتها قائمة وانما هي وحدة استعمار تتوسل عوامل البقاء من خلف المحيطات ، وهي قطعا وحدة زائلة بزوال الأسباب التي أصدرت هذا القرار، ولنا ان نتذكر ونسأل هل نفذ مجلس الأمن قرارته بشأن حرب 94م الذي وصفها الشمال حينها بانها تدخلا سافرا بالشئون الداخلية، مع انها قرارات قد بذرتها رياح شهر يوليو القائظ كما سيطوي هذا القرار النسيان، ؟و لماذا لم يعد إصدار مثل هذه القرارات تدخلا بالشأن اليمني ولم يعد مرفوضا تدخل هذا الغرب النصراني الكافر بشأن الأمة اليمنية كما كان؟، علاوة ان لمجلس الأمن مئات من القرارات لا تساوي حبرها وتم ارسالها إلى سلة المحذوفات، وبقي تنفيذ بقيتها مرهونا بمصالح الكبار الخمسة وأمريكا على رأسهم، فحيثما كانت مصالح هؤلاء كانت فرصة التنفيذ ، ومع أننا نعرف ان مصلحة أمريكا وغيرها من الكبار في الوقت الراهن هي ببقاء وحدة من على هذه الشاكلة، فأنه لا غرو ان تؤيد هذه الدول بقاء وضع غريب على هذا النحو ، ولأن المصالح وبالذات الاقتصادية متغيرة دوماً كتغير الرمال المتحركة فإن ما هو اليوم مفروض كواقع وحدوي اقتضته مصلحة أمريكا وشركائها بعد ان فتحت لهم صنعاء كل الأبواب الجنوبية لتكون سالكة إلى منابع النفط والغاز الجنوبي أمامهم وأمام جشع شركاتهم وتركت لهم مصارع الجو والبحر والبر مشرعة، وبالتالي وجد اصحاب هذه الشركات وحكوماتها انه من الغباء التخلي عن حلفاء باعوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون ،وان هؤلاء-أي اصحاب الشركات الغربية وحكوماتها- لم يتأخروا ان يصدروا قرارات من هذا النوع ولا يمانعون بكل الأحوال ان يلبوا مطالب حكام صنعاء طالما ضمنت لهم مصالحهم ،وان كان ذلك على حساب شعب آخر كشعب الجنوب المنكوب بهم، ولكن لن تتردد هذه القوى مستقبلا في تغيير موقفها حين يقبض الجنوبيون على ناصية الامور كلها بالجنوب فحينها ستقلب هذه القوى ظهر المجن لحلفائها في صنعاء لأن المصلحة الامريكية حينها تقتضي ذلك والتاريخ زاخر بالأمثلة.!

4- ان الجنوبيين لم يعمدون -على الأقل حتى الآن -إلى تهديد مصالح الغرب بالجنوب ومشاغلة شركاته النفطية والغازية وتعكير حركة الملاحة الدولية البحرية ولم يتخذوا من الإرهاب وسيلة ضغط كما تعمل كثيرا من الشعوب التحررية التي نهجت النضال العنيف أو حتى كما تفعل تبتز قبائل الشمال الداخل والخارج ، وهذا الإحجام الجنوبي عن هذا المسلك العنيف والذي اتخذه عن قناعة ورقي بالوسيلة كونه هو السلاح الأمضى هو ما أخّـره عن الوصول إلى الغاية الجنوبية المنشودة حتى الآن وهذه هي ضريبة يدفعها كل من يتخذ النضال السلمي وليجة له ووسيلة لغايته.

 

5- إن مزامنة دخول جيش صنعاء مدينتي زنجبار وجعار قبل 24ساعة من اصدار مجلس الأمن قراره المذكور ،يعني شيئا واحداً لا غير، وهو ان تلك الجماعات المسلحة الإرهابية ما هي إلا أدوات تتخذها الأحزاب والسلطات في صنعاء كورقة ابتزاز تلعب بها وقت الحاجة كــ(جوكر ورق كوتشينة) وأذرع سياسية رخيصة بوجه الخارج ووسيلة تمزيق وفوضى بالجنوب لتشتيت نضاله صوب قضيته العدالة، وأن هذه السطات والأحزاب في صنعا هي من بذر ويبذر فسائل الإرهاب ويـبرعمه حتى اشتد عوده وقوي كما نراه اليوم يفعل فعلته الشيطانية بالجنوب ويُحـرّك من صنعاء حسب الحاجة المقتضاة ،متكئاً بكثير من الأحيان على مثل هذه القرارات الدولية.!

 

مقالات الكاتب