أحذروه: حوار جنوبي هدفه الذهاب لمؤتمر الحوار الشمالي!!

201

 في البدء ما أطرحه هنا ليس ضدا على جنوبية أي جنوبي، أو تشكيكا فيها فكلنا جنوبيين من عبد ربه منصور مرورا بباسندوة وتعميما الى كل فئات الشعب الجنوبي وشرائحه، وأردت البدء بعبد ربه وباسندوة  للقول بأنه حتى من هم يتسنمون هرم سلطة نظام الغاشم المحتل للجنوب في الوقت الحالي وتنالهم شراكة  قتل الجنوبيين يوميا بحكم موقعهم في تلك السلطة، لا يمكن اسقاط جنوبيتهم عنهم...

    

 كلنا جنوبيون ولكن لسنا جميعا حاملين للقضية الجنوبية، والقضية الجنوبية هي الثورة الجنوبية بلا منازع، والثورة الجنوبية لها قضية واحدة لا تتجزأ الاستقلال واستعادة الدولة، وحينما نقول بأن القضية الجنوبية هي الثورة الجنوبية وذلك انطلاقا من حيثية أصيلة تتمثل في أن القضية الجنوبية لم تتخلق من رحم مداولات سياسيه وليست ملفا سياسيا حركه السياسيون في سياقات سياسية صرفه داخل اروقات مغلقة وعلى طاولات حوار سياسيه كما تحاول بعض القوى أن تتعامل معها الآن وتحديدا القوى الحزبية وقادة مشاريع الفيدرالية، الذين يتعاملون مع القضية بمعزل عن ثورتها وشعبها، فيجب أن يعلم الجميع أن القضية الجنوبية صنيعة شعب الجنوب العملاق والذي فجرها وإرساء حضورها وجعلها في واجهة العالم هي النضالات الثورية لهذا الشعب، منذ 95م بدء بمظاهرات حضرموت والضالع إلى اعلان الحراك السلمي في 2006م أي أنها ليست ملفا حركه الساسة الذين جزء منهم فر وترك شعب الجنوب وحيدا يواجه المرارات، وآخرين أي الساسة التحق بكنف النظام المحتل مواليا يقترض السحت، أو تابعا هزيلا لمعارضة حزبية هشة ومتواطئة شماليا ولا ترقى إلى ثورة الجنوب.

مع حوار جنوبي مشروط:

    

لا أحد له الحق أو يستطيع القول أنه فوق الشعب ويأتي قبله، وشعب الجنوب في ثورته منذ ارهاصاتها بعد الحرب الاحتلالية في 94م  الى انبثاق حراكها السلمي في 2007م إلى يوم فتوته التي اعلنها صريحة في 21فبراير2012م، صدع بمطلب واضح وهو التحرر من ربقة هذا الاحتلال الغاشم واستعادة ارضه ودولته، وما مئات الشهداء الذين فدوا بأرواحهم ومئات الجرحى الذين قدموا جزء من أجسادهم ومئات المعتقلين الذين جازفوا بحرياتهم هذه التضحيات لم تقدم من اجل فيدرالية (مزمنة أو مفتوحة تتساوى في فخاخها) ولا من أجل إعادة صياغة وحدة على اي شكل كان، بل من اجل استعادة دولته وأرضه بحدودها مقبل 90م.

    

 وقبل أن ادخل في صلب الموضوع أؤكد اننا لسنا ضد الحوار الجنوبي الجنوبي، ولكن استتباعا لليقظة يبادرني السؤال لماذا نرى الآن هذا السباق المحموم من قبل الاحزاب وبعض الشخصيات لعقد حوار جنوبي والدي يبدو توقيته مريبا.

      

 وعطفا على حقيقة أن لا أحد فوق الشعب، ولأننا في عصر الشفافية، ولأن قول الحق عابرا لكل العصور، ولأن مايداور ويناور عليه ويناقش حوله، هو ملك للشعب، ويتعلق بأرضه وهويته ومستقبله،  فيجب إن لا يخفى عليهم شيء! ومن اجل أن يقول الشعب كلمته ويرى ما      هو فاعل. وعلينا  اعلامهم أن هناك مشاورات محمومة تجري من أجل عقد حوار جنوبي لكل فئات الجنوب وشرائحه، يقول الساعون المحمومون اليه تصريحا أو تلميحا أو تكتيكا أنه بنية الذهاب للحوار الوطني الشمالي للمبادرة الخليجية.

    

 والساعون الى الحوار الجنوبي بنية الذهاب إلى ( اورشليم ) نوعين: نوع يريد توحيد الرؤية والصف من اجل الذهاب إلى مؤتمر الحوار الشمالي لعلهم يجترحون معجزة هناك، وهولاء رومانسيون حسنو النية مغفلو العمل، فضلا عن أنهم قلة.. والنوع الثاني وهم الاخطر لا يريدون من الحوار الجنوبي الجنوبي سوى أخذ شرعية شعبية  لا يمتلكونها، ليدخلوا بها الحوار الشمالي ممثلين للجنوب وحينها يتصرف إزاء القضية الجنوبية وحلولها كما يعن لرؤيته ومصلحته ومساره، مفجرا سقفها الشعبي  وضاربا بعرض الحائط ارادة شعب الجنوب وغادرا بثورته وتضحياته، ليضع مشروعه والذي في الغالب فيدرالي (لأن من بين الساعين من لديه مشاريع اقل من الفيدرالية) .

      

وأمام ضرورة اليقظة والحذر الذي يجب أن تتحلى بها قوى الثورة الجنوبية جراء مايحاك ضدها، نقول أن ضرورة الحذر لا تنتقص من اهمية الإقدام ، والجنوبيين بحاجة ماسة إلى إن يتحاوروا ويتقاربوا ويرصوا صفوفهم من أجل مصلحة الجنوب وشعبه وثورته. وفي إطار الثورة وليس من خارجها... وعليه فأن الحوار الجنوبي الناجع والمفيد هو ذلك الحوار الذي يجب أن يكون ضمن آلية ممنهجة وضوابطا وشروطا، اما الدخول في حوار مفتوح دونما ضوابط وأهداف وطنية تعكس ايقاع الواقع ومطالب الشعب، فهو لا يصلح سوى لحلقة تلفزيونية من برامج الحوارات الجماهيرية الشائعة والغوغائية، وليس حوارا لتقرير مصير شعب وارض وهوية ودولة ووطن .

ومن اجل ضبط مصفوفة اهداف الحوار ولأن مصير الشعوب والاوطان ليست مكانا للمجاملة  يجب قبل الدخول في الحوار الجنوبي  أن يوضع شرطا جوهريا لا حياد عنه ولا مهادنة... ويتمثل في: أن انبثاق أي إطار أو هيئة أو لجنة أو مكون  من هذا الحوار ليس معنيا بالذهاب للحوار الوطني للمبادرة الخليجية، وليس له الحق في المشاركة ممثل للحراك الجنوبي وثورته ولا بأسم شعب الجنوب في ذلك الحوار (الوطني) المزمع عقده في صنعاء. أو اي حوارات اخرى مشروطة بالوطنية وبالوحدة اليمنية أوأي مشاريع لا ترتقي لمطلب الشعب الجنوبي كحوار المبادرة الخليجية الأنف ذكره) وأي حوار جنوبي قادم عليه ضبط اهدافه ومقاصده ضمن:

- جب خلافات الماضي وترتيب البيت الجنوبي،  ووضع استراتيجيات عمل تشمل تأصيل مفهوم التصالح والتسامح.

- الدفع بالقضية الجنوبية الى الامام ووضع برامج لتصعيد الزخم الثوري.

-  رسم خارطة عملية لمحاربة المؤامرات التي تحاك ضد الجنوب وأفدحها وضوحا جماعات الارهاب (القاعدي وأنصار شريعته القبيحة).

-تهيئة ارض الجنوب ارضا وشعبا لاستقبال دولته القادمة من خلال خطط وبرامج ورؤى ثقافية توعوية تضع مداميك الدولة الوطنية الحضارية الديمقراطية المدنية التي تستوعب الجميع على قدم المساواة.

وضع تصور مستقبلي للشكل السياسي الاتحادي للدولة الجنوبية القادمة وهياكلها ودستورها ومؤسساتها.

ووفقا لوجهة النظر اعلاه فأن على الاطراف الداعية للحوار ( المحمومة منها تخصيصا) والتي هي إلى الآن خارج الثورة، إثبات حسن نواياهم وصفاء مآربهم وأثبات أنهم مهمومين بحوار جنوبي مع اخوانهم لأجل نبذ الفرقة ورص الصف وتجاوز تاريخ الاقصاء والتهميش دونما الاخلال بالثوابت، التي اسسها شعب الجنوب بتضحياته، وعلى الاطراف داخل الثورة استقبال الايادي الممدوة بأحسن منها وعدم احتكار الثورة،فهي ليست ملك فصيل أو طرف،  وبابها مفتوحا لمن اراد الالتحاق بها ( ولكن ليس على طريقة حيا بهم حيابهم الشمالية) بل على قاعدة ضمانات مؤكدة ترتهن لإرادة الشعب الثائر ومطلبه في التحرير والاستقلال الناجز.

وفي الأخير على النابهين أن يعوا ان الطريق الى (اورشليم) محرقة العرب في العصر الحديث، كان مفروشا بالنوايا الحسنة عبر سجادة (أوسلو) التي تراءت للمحاور الفلسطيني انذاك مخملية، وإذا بها كمائن لمسامير وأشواك... وأضحى بعدها الشعب الفلسطيني الذي سطر انبل قصص النضال والكفاح اضحى على فجيعة مؤلمة فلم  تعد لديه  ثورة، ولم يعد يملك ارضا... فهل يراد للشعب الجنوبي المصير ذاته!!  .

مقالات الكاتب