الجنوب السياسي والانساني

187

للأسف صورة خاطئة و مضلله للجنوب وحراكه السياسي رسمها بإتقان ودقة اعلام نظام صنعاء وحقن بها الوعي الجمعي  الشمالي ، الكل يعلم حق العلم ان ما لدينا من اعلام مرئي ومقروء يتبع نظام صنعاء بشقية سلطة ومعارضة يسعى كل بطريقته لفرض واقع الاحتلال متزامنا مع انكار تاريخ وهوية الجنوب ، نجاح  نهج التضليل والخداع مهدت له حركة استباقية اقـــــدم عليها نظام الحرب والتكفير تمثلت بأغلاق متنفس صحيفة (الايام) بوابة  التواصل الجنوبي الوحيدة  مع الاخر ، كذلك ما كان للتهريج الاعلامي أن يأخذ مداه لولا الواقــــــــــع  البيئي المتخلف الذي سهل تجهيل الوعي واستمرار حقنة بكم هائل من الاكاذيب والمغالطات  عن واحدية الثورة ، العاصمة التاريخية .. الخ .

لاشك كانت هنالك مصلحة ذاتية شجعت  تقبل تلك الخزعبلات ثم  تحولها لحقائق بالوعي المشوش لمواصلة استباحة الجنوب ذي المساحة الواسعة مع قلة عدد نفوس سكانه ، امر يفسر تقبل مثل تلك المقولات  رغم انها فاقدة للموضوعية العلمية والحق التاريخي  الا انها وجدت لها ارضية  خصبة  ترعرعت فيها صيحات التتار الجدد :  الوحدة أو الموت التي ضج بها  ميدان السبعين  بصنعاء 27 ابريل 94م ، بالمقابل  لا نعفي أنفسنا من تحمل مسئولية  التقصير  في مواجهه سيل التزييف للتاريخ وقلب الحقائق ، هنا بهذه العجالة  لا نستجدي استفاقت  الوعي الجمعي الشمالي  للاعتراف بالحق الجنوبي  ذلك شأن ضمائرهم وإحقاقه مسئولية يتحملها اهله ، كونه حق لنا لا يبرر بالضرورة استعداء كل ما هو شمالي لأنه فقط شمالي, العكس الجنوب السياسي يظل اليمن جار له الاولوية والخصوصية بالعلاقات الثنائية  بحكم  واقع الجغرافيا  واسس مبادئ سياسة التعايش السلمي بين الدول ذات الانظمة  الاجتماعية المختلفة ، ناهيك عن تشابك العلاقات  الانسانية بفعل الهجرة نحو الجنوب وغيرها الذي بدأت مبكراً  منذ مطلع القرن الماضي عند ازدهار العاصمة عدن واحتياجات القاعدة  العسكرية  البريطانية للعمالة الخدمية ,  ما شجع  على سرعة الاندماج الوطني ان الجنوب المدني الانتماء له على اساس المواطنة الحقوقية المتساوية سواء كان ينتمي للامة الحضرمية او الأقليات الاخرى افريقية ،هندية ، يمنية, اسويه ... الخ.

نفس التسامح  الجنوبي السياسي والانساني  لا يذهب  الى حد انكار حقيقة  ان كل الشمال صيف 94 م  اعلن الحرب معا ضد كل الجنوب ، لاشك في استثناءات وهي اصوات قليلة لكنها رفضت  بقوة  وصوت عال شرعنه  الحرب والتكفير  صيف 94 م يقف  بمقدمتهم  السيد العلامة  المجدد حسين بدر الدين الحوثي ، الشيخ عبدالله الرزامي والوالد العلامة الحجة بدر الدين الحوثي ( رضي الله عنه ) هذا الاخير قاتل صيف 94م حتى نفي قسريا الى القاعدة المتحررة للثورة الاسلامية ايران ، اما من  جيش  الجيوش لا ستباحت الجنوب يظل الرئيس  صالح و راس حربته اللواء المنشق علي محسن الاحمر ، الشيخ عبدالله حسين الاحمر وغلمانه واصهاره ، نواصب وخوارج دماج ومعبر ، حزب الاصلاح السلفي الوهابي ، شركات هائل  سعيد والرأسمال الطفيلي ، الناصرين ، البعثيين ، دون ان يعفي ذلك بقية الفئات التي شاركت بتسيير القوافل وصناعه الكعك كذا من لم يستطيع منهم ابتهل بالدعاء او السكوت عن ردع الظالم المعتدي ونصرة المظلوم .

ماضي مع كل مرارته وسوئه لم يتمكن من الوصول لجوهر الانسان  الجنوبي السمح حتى تتوقف عنده عدائية  العلاقة مع الاخرين , واقع  يتغير ابسط  مثالا  عليه مواقف  المملكة السعودية التي كانت عدائية للدولة الوطنية الجنوبية  الناشئة 67م , نكاية بتمرد حليفها الرئيس صالح وانحيازه للرئيس العراقي الاسبق  صدام اثناء حرب 94م تعاطفت اولا مع الجنوب ، لان المصلحة الامريكية  حينها  تقتضي  حل جيش دولة ( ج . ي . د . ش )  ذي  العقيدة اليسارية  ، استجابة للمشيئة الدولية  كل الجوار الاقليمي  فغضت الطرف  عن احتلال  الجنوب  ، الطبيعية  الانتهازية للرئيس صالح أعادته  مرة اخرى الى بيت  الطاعة  عند توقيع  اتفاقية جده عام 2000 م  الحدودية  التي دشنت  مرحلة تحولت فيه ( الوحدة اليمنية ) الى مسالة امن قومي سعودي , تركت فيه ارض الجنوب متنفس للكتلة السكانية الشمالية التي طالما اثارت مخاوف الجار السعودي , تصديقا لمقولة في السياسة تفيد عن عدم وجود صداقات او عداوات دائمة بل مصالح دائمة , واقع استدعي الحاجة لطمأنه الجار الجنب في صنعاء حول العلاقات المستقبلية معه في خصوصية تفرضها اعتبارات سياسية و انسانية على الجنوب القادم احترامها .

*صنعاء\ اليمن30/4/2012م

*منسق ملتقى ابين للتصالح والتسامح والتضامن

مقالات الكاتب