نحو فترة انتقالية باشراف دولي لتقرير المصير

158


حين أعلن طرفي الحكم في الشمال والجنوب في الثاني والعشرون من مايو سنة 1990م توحيد شطري اليمن بعد مفاوضات طويلة وبعد ثلاث سنوات من هده الوحدة دخلت البلاد في أزمة سياسية عميقة أدت لاندلاع حرب أهلية بين طرفي الوحدة في السابع والعشرون من إبريل سنة 1994م وانتهت بخروج عدد من قادة الجنوب واعتقال الكثير وإخفاء آخرين وتوقيف الكثير من القيادات المدنية والعسكرية من اعمالهم .



وبعد حرب 94تحولت عدن والمحافظات الجنوبية إلى ساحة فيد للقبائل والعسكر ولشريكه بالحرب وذلك للنهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة وإجهاض مكونات الدولة القائمة بالجنوب وتحويلها من دولة مدنية إلى شبه مدينة مغلقة بسياج حديدي بقوة العسكر لحماية لصوص الأراضي ومصاصي أموال الدولة مما أدى ببدء الحركات المناوئة للنظام العائلي من خلال الشعارات المناوئة للنظام الحاكم داعية إلى إصلاح مسار الوحدة لكن لم يلبث أن تطور من حركة احتجاجية ضد التهميش والإقصاء الذي يعانيه الجنوبيون من النظام العائلي لعائلة الأحمر إلى حركة تمرد مدني سلمي ليس فقط ضد النظام بل ضد استمرار الوحدة بين شطري اليمن .



كان قيام الثورات الربيعية بالوطن العربي الداعية بإسقاط الأنظمة الطاغية على شعوبهم قد زاد من مكونات الحراك في الدعم مع أخوانهم في الشمال وكذا بالجنوب إلى إسقاط النظام مما ساعد على دفع القضية الجنوبية الى الإمام كقضية مصيرية للشعب الجنوبي ولذلك طالب الشعب الجنوبي من خلال جميع المكونات السياسية الجنوبية الحق بتقرير المصير وذلك بالمشاركة السلمية التي تنسجم مع المرحلة المقبلة لدلك على حكومة الوفاق واي مجالس او قوى اخرى وكل القوى السياسية والاجتماعية والحقوقية والمجتمع المدني في الشمال بالنظر إلى القضية الجنوبية كمسالة تقرير مصير باعتبارها حقاً جوهرياً واستكمالاً لجهود ونضال ومعاناة الشعب الجنوبي بعد حرب 1994م .



وبرائي أن القضية الجنوبية وضعت فصول ملامحها النهائية بالساحة من خلال المطالبة الدائمة على وضع القضية الجنوبية على رأس كل القضايا وهذا ما لمسناه في ساحات الحرية بالجنوب والمطالبات والمظاهراات بالخارج وبالداخل التي تنادي بتقرير المصير وهي مطالب للكثير من مكونات الحراك والمكونات السياسية الأخرى في الجنوب وخاصة وان هناك من يؤيد مثل هده المطالب كذلك في الشمال كمطلب حقوقي.



وعليه ليست في صالح أي جهة كانت الوقوف إمام أي قضية مصيرية ومطالب شعب عان الكثير من نظام احرق الأخضر واليابس لذلك فإننا حينما نتحدث عن القضية الجنوبية علينا إن ندرك إن تقرير مصيرها لا يحدده شخص أو مكون أو حزب أو حراك بل يقرره أبناء الجنوب اصحاب المسؤولية الأولى والأخيرة لتحديد مصيره ومصير القضية الجنوبية .



ولذلك الجنوب قادم على لحظة فارقة وتاريخية في محيط الجزيرة العربية والوطن العربي بعد السودان والكثيرون يتطلعون إلى النظر في هده القضية من جهتين مختلفتين احدها تتطلع إلى تثبيت ارض دوله موحدة شمالاً وجنوباً تحت علم واحد وحكم فيدرالي وأخر بفك الارتباط وهناك من يرفض تلك وجهات النظر .



إن قبول إرادة تقرير المصير ليست التجربة الأولى في عالمنا العربي والغربي بل إن سبق إن تحدد تقرير المصير في كثير من الدول منها انفصال جنوب السودان وانفصال السودان من مصر في الخمسينات... وهناك الكثير لهذه الرغبات وهناك من يناضل على ذلك حتى يومنا هذه مثل الأكراد في شمال العراق وجنوب تركيا .

لذلك علينا إن نتداول ما حدث وما سيحدث في المستقبل بمسؤولية امام القضايا المصيرية بروح الاصطفاف الموحد بدلاً من المواقف الانفرادية والإقصاء وكأن الوحدة والفيدرالية والانفصال بيد شخص واحد فقط قادر على حسمها بكلمة منه على العكس تماما مما هو على ارض الواقع من أحداث خاصة كانت دينية وسياسية واقتصادية وعسكرية ومعنى هذا أن الأمر شديد التعقيد وذلك بظهور لاعبين محلياً وعربياً ودولياً يراقب ويرتب مصالحه



ولذلك على الجميع تقع على عاتقهم المسؤولية بتقديم القضية الجنوبية كقضية تهم جميع أبناء الجنوب والشمال معا وان مصيرها ليس بيد طرف بل بيد جميع ابناءها وان لا نقدمها بتعصب وعنصرية وإقصاء بل نعرف بالمعانات والإقصاء والتهميش الذي عانه ابنا الجنوب من إعمال نهب وقتل وخطف واغتصاب للممتلكات الخاصة والعامة وإجهاض جميع المقومات الاقتصادية والعسكرية والخدمات التعليمية والصحية وكل ايجابي في الجنوب واستبدله بنظام العصابات واللصوص ونشر الفساد وتحويلها من مدينة تنافس المدن العربية إلى قرية يحيطها أسوار وأشواك على كل جميل .

ناشط جنوبي- عدن

مقالات الكاتب