اليمن على أبواب الجحيم

135

قطار الثورة السلمية في اليمن وصل إلى طريق مسدود والى محطة الرعب أو (حافة الهاوية) حسب سيناريو مخيف رسمه نظام صالح لمواجهة الثوار. الذهاب الى 'الحرب لم يعد خيارا بقدر ما هو واقع يداهم الجميع فأصوات الرصاص والمدافع والمواجهات لا تتوقف في اغلب المناطق والضحايا يتساقطون يوميا، وكأننا نعيش مشاهد مصغرة يرسلها النظام عن الجحيم القادم الذي ينتظرالجميع إذا ما أصروا على التغيير. لقد وضع نظام صالح الناس أمام خيارين فإما أن يبقى أو السقوط في الهاوية.
فكل المتطلبات الأساسية لحياة المواطن جرى مصادرتها وتغييبها، الكهرباء، الماء، المحروقات، الأمن أحيانا بقصد الابتزاز حتى يتخلى الناس عن خيارات الثورة ومطالب التغيير ويعودوا لحظيرة النظام، وأحيانا أخرى نتيجة عجز وإفلاس. المبادرة الخليجية التي جاءت لحل الازمة تحولت الى عصا موسى السحرية فأطالت عمر النظام وأحدثت شروخا وانقسامات في صفوف الثوار في الساحات ما بين مؤيد ومعارض وأصابت المعارضة، بحالة من العجز والذهول فلا نستطيع تجاهلها ولاهي تمتلك أدوات ووسائل الضغط لتطبيقها، لقد جرى التلاعب بالمبادرة والإلتفاف عليها منذ لحظة الاعلان عنها بعد أن تم إفراغها من أي رغبة حقيقية تضمن نجاحها، فهي تجاهلت تماما شباب الساحات صناع الثورة وصورت الوضع وكأنه أزمة بين النظام والمعارضة
.
يتضح جليا الآن أن المبادرة الخليجية هي مكيدة سعودية بمباركة أمريكية أرادت جعلها طوق نجاة لنظام صالح ونجحت لحد الآن في تحقيق غايتها. فالسعودية مازالت تدعم النظام وتمده بأسباب البقاء وتجنبه كل ضغط خارجي ويستمد منها القوة التي قد تدفع باليمن في جحيم حرب أهلية اشد مرارة من حرب التوتسي والهوتو
.
يدرك اليمنيون أن هناك دوما رغبة سعودية في فرض الوصاية عليهم ومصادرة قرارهم السياسي والتدخل في شؤونهم الداخلية. فالأموال السعودية لازالت تتدفق عبر الابواب الخلفية لشيوخ القبائل دون حجة أو مبرر سوى إستمالتهم لحسابها وجعلهم اوراق ضغط في يدها اذا مادعت الحاجة وبما يخدم اجندتها كما حصل في حرب صعدة ضد الحوثيين، ونظام صالح لا يستطيع الخروج عن الأجندة المرسومة له في الرياض. لكن الشيء الذي تتجاهله العربية السعودية أن مخططها لإخماد الثورة يقود اليمن إلى طريق الاحتراب والتقاتل وعليها أن تدرك بأنها لن تكون بمنأى عن لهيب النار اذا ما اشتعلت على أبوابها فالحاجة والجوع ستدفع باليمنيين حتما الى التطرف والأرهاب والقرصنة واعادة فتح ملفات ترسيم الحدود مع السعودية وقراءتها من زاوية أخرى غير تلك التي تعاطى معها نظام صالح. الخيارات السلمية تضيق أمام شباب الثورة في الميادين فصالح لا يمكن إسقاط نظامه بثورة سلمية دون رفع غطاء الدعم السعودي الأمريكي عنه -لأنه استوعب كل فنون المكر والمخادعة واستعد لمثل هذا اليوم لأنه يدرك ان أنظمة القمع والاستبداد والفساد معرضة دوما لامتحانات عصيبة. بقاء صالح الآن في الرياض يتم بترتيبات سعودية ودعم أمريكي هدفه الرئيسي استنزاف طاقات الشباب وتفريغ الساحات وفرض حل التغيير خارج إطار الثورة. وغياب صالح ورفضه التخلي عن صلاحياته وتحقيق مطالب الشباب يعني إطالة عمر الأزمة وإستنزف باقي موارد اليمن وتأجيج لهيب المعارك المحتدمة في الجوف وارحب وتعز بين بقايا النظام والمطالبين بإسقاطه بمايجعل الحل السلمي شبه مستحيل ما نطلبه ونتمناه ان ترفع العربية السعودية غطاء وصايتها عن اليمنيين وتتركهم يقررون مصيرهم وأن ويختاروا مستقبلهم.