موت الظن ..واختفاء البراءة!!
تماني الجفري
قبل الولوج في العنوان اعلاه نجد انفسنا راحلين اكثر الاوقات الى الماضي لنرى انفسنا ان كنا ع...
في صفحتها على الفيس بوك كتبت الصحافية أروى عثمان عن عدن تقول ( عدن مدينة مفتوحة لكل الناس .. المدينة الكوزموبوليتانية ..عابرة للهويات والجنسيات والألوان والأديان ..إنها عدن ..إنها عدن )
أتحدث عن عدن لا كقطاع جغرافي صامت بل أتحدث عنها كقيم ومبادئ , كأخلاقيات وتاريخ , كحضارة ومدنية .
هي ( عدن ) المدينة التي تفرض على من ينتسب إليها شروط ومعايير خاصة وتزفر زفرتها الساخنة ضد من ينتهكون خصوصياتها .
ما بال أبناء من عدن ربتهم وحضنتهم و علمتهم والآن نراهم يتمردون عليها ويمزقون سكينتها ويعبثون بحضارتها وقيمها , يعبثون بقيمة ( التعايش السلمي ) الذي لطالما افتخرت عدن بها , ينتهكون خصوصية ( الأمن والسلم الإجتماعي ) الذي كانت على مدى الزمن أحد سمات عدن البارزة , يهمشون مبدأ ( المحافظة على الممتلكات العامة ) ويدمروا عدن بصورة لا يتصورها عقل ولا منطق , ماذا عمل بكم درة عدن ( شارع المعلا الرئيسي ) ليتحول إلى ( شارع صحراوي ) لا يمت للمدنية ولا لعدن بصلة , بماذا جنت عليكم ( المنصورة ) لتتحول إلى شوارع مسدودة وبقايا أشجار متناثرة في الطريق وصخور مغلقة الطرق أمام أبناء الحي , ماذا ارتكب ( شارع عدن _تعز الرئيسي) لتنزع حجارته من الرصيف ويصبح بصورة أقل ما يقال عنها بأنها ( بشعة ) .
عندما تقع الطريق فإنك تخلع إنتمائك العدني , عندما تحطم عمود الإنارة فإنك تنفي ( عدنيتك ) , عندما يستهويك إحراق الإطارات والإضرار بالناس فأنت تأبى أن تكون ( عدنيا ) , عندما تطلق النار بسبب أو بدون سبب ولو حتى في الهواء فإنك تكون قد أخليت بإحدى الشروط الأساسية للإنضمام إلى ( عدن ) , وبمجرد أن تفكر بإنشاء سجن خاص هنا في ( حاضرة المدنية ) فإنك تلقائيا تكون قد خلعت رداء عدن عنك تماما .
يا جماعة ( عدن هي التنوع ) و ( التنوع هو عدن ) , لم تعرف عدن أبدا في تاريخها مصطلحات ( مطلع ) و( منزل ) , فهنا عاش المسلمون واليهود والمسيحيون جنبا إلى جنب , هنا تجاور الفرس والهندوس , وهنا تعانق أبناء تعز مع أبناء حضرموت .
اسألوا حواري ( كريتر ) وشوارع ( المعلا ) وأزقة ( الشيخ عثمان ) التي ستحكي عن تاريخ مشرق حافل بقيم التسامح والتعايش والعيش المشترك والكريم .
بمجرد أن تدخل ( عدن ) وتقرر أن تعيش فيها فأنت ( عدني ) بشرط تمسكك بمعايير عدن ( وليس غيرها ) .
على الهامش :
قبل بضعة أيام كنت أقلب في كتاب ( عدن التاريخ والشموخ ) للأستاذ / أحمد طاهر وتحت عنوان ( إعلان ميناء عدن ميناء حر ) رحت أقرأ القرار الذي وقع سكرتير حكومة الهند فريد جاس هالدي برقم 1849 لسنة 1850م والذي أعلن فيه أن ( ميناء عدن بتجمعه السكاني ميناء حر , وعليه فلن تستخلص أي ضريبة على أي باخرة أو بضائع منقولة بصورة قانونية برا أو بحرا من وإلى الميناء ) ..
أصارحكم أني بعد قراءتي لهذا القرار رحت أضرب أخماسا في أسداس ولكأني سمعت ( عدن ) و( مينائها الحيوي ) يبكيان حظهما العاثر أن جعل ( هؤلاء ) هم من بيدهم عدن وإدارة مينائها , ( ميناء عدن ) يبكي حظه الذي جعله ( حرا ) قبل أكثر من مائة وستين عاما وليعود الآن ليصبح ( خارج نطاق التغطية ) في القرن الواحد والعشرين وفي وضع لايناسب ( عدن ) ولا موقعه الإستراتيجي .
* رئيس إتحاد منتديات شباب التغيير -عدن