رمضان والثورة والنصر

127

هاهو سيد الشهور يهل علينا باليمن والخير والبركة، ولكنه في هذا العام يهل بشكل مختلف، يهل علينا بطعم الحرية ولون الثورة ورائحة التغيير، نعم لقد جئت يارمضان في التوقيت المناسب،جئت واليمن كلها تغلي وتلهج بصوت واحد وبأمل واحد، الشعب خرج عن بكرة أبيه إلى ساحات التغيير وميادين الحرية يصرخ قائلا"كفى ظلما كفى فسادا كفى نهبا لخيرات هذا الوطن المعطاء".

لقد سئم اليمنيون هذه الحال فقد عضت عليهم آهات الفقر والآلآم الحرمان، يذهبون إلى المستشفيات فتلوح لهم رائحة الإهمال والتردي وحتى الموت يطل عليهم برأسه من خلف الأسرّة، يرسلون أولادهم وفلذات أكبادهم إلى المدارس والجامعات ليتسلحوا بالعلم والفكر ولكن يعودون إليهم بلهاء من سوء المنظومة التعليمية والتخلف الذي وصلنا إليه، فتراهم يصبرون على كل هذه الأماسي . 

للأسف إن تجار الفساد وبايعوا الأوطان لم يتركوهم حتى للالتقاط الأنفاس فينزلون عليهم بالجرعات تلو الجرعات حتى بلغ السيل الزبى وهبة هذا الشعب العظيم من وسط الآهات وركام 33 سنة من العبث ليعلنها صرخة حاسمة أن اليوم جاء وقت الشعوب لتأخذ حقها وتنتصر لجراحها المتخمة.

لقد سطروا ملحمة لن يرى التاريخ مثلها فعلى قدر الألم كان الثبات فأكثر من ستة أشهر وهم يرابطون في الساحات من أجل أن ينتزعوا حريتهم ويبنون دولة مدنية يكون فيه الجميع متساويا بالحقوق والحريات،وها قد اتى شهر الرحمة والعتق وتراني أخاطب رمضان قائلا يبدوا وكأنك قد لمست الفرق أيها الشهر العظيم فلقد تركت الشباب في العام الماضي وأنت تعتصر كمدا على أحوالهم ولكن ستذهل لملاقاتهم هذه المرة. 

نعم لقد خلع شباب اليمن والعرب عموما رداء السلبية واللامبالاة والإنهماك في الشهوات،لقد نثروا عنهم غبار السنين وسياسة التجهيل المقصودة وقادوا شعوبهم بثورات وقف العالم أمامها مذهولا وهو يتسائل هل هذا هو الشباب العربي الذي كان يسخر منه لسلبيته، نعم إنهم ينظرون إليك يارمضان من فتحات خيمهم ومن ومضات إعتصاماتهم وهم يعلمون أنك كنت دوما شهر الفرج والنصر على الطغاة المستبدين، فهم يستقبلونك والأمل يتلألأ من بين حدقات عيونهم رافعين أيديهم لبارئهم لقد حان وقت النصر وإقترب الحسم والفرج وآن للحق أن يزئر كالبركان قائلا"حانت الساعة لكي تنتصر إرادة الشعوب المقهورة".

لقد أعدّ الشباب في كل ميادين التغيير وساحات الحرية العدة لاستقبال الشهر على طريقتهم الثورية بالأمسيات والفعاليات الثورية الرمضانية فهم عازمون على أن يعيشوا أجمل رمضان في حياتهم في ظل فوانيس الحرية وقناديل النصر وسوف يفاجئون الجميع كيف أنهم سوف يجعلون رمضان أكثر بهائا وحيوية في الساحات، فهم تعلموا من تاريخهم أن رمضان هو شهر الانتصارات العظيمة،ولسوف تسمع الساحات كلها صدى تلاوة الثوار للقرآن الكريم في خشوع وسوف يتدبر الأحرار كل آية يقرؤونها وسوف يصمتون لبرهة وهم موقنون بالمعنى في قوله تعالى"وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا".